للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنْ يَكُونَا أَبْيَضَيْنِ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «خَيْرُ ثِيَابِكُمْ الْبَيَاضُ، فَأَلْبِسُوهَا أَحْيَاءَكُمْ، وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ» .

[مَسْأَلَة يُسْتَحَبّ لِمَنْ أَرَادَ الْإِحْرَام أَنَّ يَتَطَيَّب فِي بَدَنه خَاصَّة]

(٢٢٨٧) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَيَتَطَيَّبُ) وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ أَرَادَ الْإِحْرَامَ أَنْ يَتَطَيَّبَ فِي بَدَنِهِ خَاصَّةً، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَا يَبْقَى عَيْنُهُ كَالْمِسْكِ وَالْغَالِيَةِ، أَوْ أَثَرُهُ كَالْعُودِ وَالْبَخُورِ وَمَاءِ الْوَرْدِ. هَذَا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ، وَسَعْدِ بْن أَبِي وَقَّاصٍ، وَعَائِشَةَ، وَأُمِّ حَبِيبَةَ، وَمُعَاوِيَةَ.

وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ، وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَعُرْوَةَ، وَالْقَاسِمِ، وَالشَّعْبِيِّ، وَابْنِ جُرَيْجٍ. وَكَانَ عَطَاءٌ يَكْرَهُ ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ. وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -. وَاحْتَجَّ مَالِكٌ بِمَا رَوَى يَعْلَى بْنُ أُمَيَّةَ، أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، «كَيْفَ تَرَى فِي رَجُلٍ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ، وَهُوَ مُتَضَمِّخٌ بِطِيبٍ؟ فَسَكَتَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. يَعْنِي سَاعَةً. ثُمَّ قَالَ: اغْسِلْ الطِّيبَ الَّذِي بِك ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَانْزِعْ عَنْك الْجُبَّةَ، وَاصْنَعْ فِي عُمْرَتِك مَا تَصْنَعُ فِي حَجَّتِك» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَلِأَنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ ابْتِدَائِهِ، فَمُنِعَ اسْتَدَامَتْهُ كَاللُّبْسِ. وَلَنَا، قَوْلُ عَائِشَةَ: «كُنْت أُطَيِّبُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِإِحْرَامِهِ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ، وَلِحِلِّهِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ. قَالَتْ: وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إلَى وَبِيصِ الطِّيبِ فِي مَفَارِقِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ مُحْرِمٌ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ: «طَيَّبْته بِأَطْيَبِ الطِّيبِ. وَقَالَتْ بِطِيبٍ فِيهِ مِسْكٌ» . وَفِي لَفْظٍ لِلنَّسَائِيِّ: «كَأَنِّي أَنْظُرُ إلَى وَبِيصِ طِيبِ الْمِسْكِ فِي مَفْرِقِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.» وَحَدِيثُهُمْ فِي بَعْضِ أَلْفَاظِهِ: عَلَيْهِ جُبَّةٌ بِهَا أَثَرُ خَلُوقٍ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَفِي بَعْضِهَا: وَهُوَ مُتَضَمِّخٌ بِالْخَلُوقِ. وَفِي بَعْضِهَا: عَلَيْهِ دِرْعٌ مِنْ زَعْفَرَانٍ. وَهَذِهِ الْأَلْفَاظُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ طِيبَ الرَّجُلِ كَانَ مِنْ الزَّعْفَرَانِ، وَهُوَ مَنْهِيُّ عَنْهُ لِلرِّجَالِ فِي غَيْرِ الْإِحْرَامِ، فَفِيهِ أَوْلَى.

وَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى أَنْ يَتَزَعْفَرَ الرَّجُلُ» . وَلِأَنَّ حَدِيثَهُمْ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ، وَحَدِيثُنَا فِي سَنَةِ عَشْرٍ. قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: كَانَ شَأْنُ صَاحِبِ الْجُبَّةِ قَبْلَ حَجَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>