للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدُهُمَا، يَنْقُضُ؛ لِأَنَّهُ خَارِجٌ مِنْ السَّبِيلِ، فَأَشْبَهَ سَائِرَ الْخَوَارِجِ. وَالثَّانِي لَا يَنْقُضُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَ الْمَثَانَةِ وَالْجَوْفِ مَنْفَذٌ، فَلَا يَكُونُ خَارِجًا مِنْ الْجَوْفِ. وَلَوْ احْتَقَنَ فِي دُبُرِهِ، فَرَجَعَتْ أَجْزَاءٌ خَرَجَتْ مِنْ الْفَرْجِ، نَقَضَتْ الْوُضُوءَ.

وَهَكَذَا لَوْ وَطِئَ امْرَأَتَهُ دُونَ الْفَرْجِ فَدَبَّ مَاؤُهُ، فَدَخَلَ الْفَرْجَ، ثُمَّ خَرَجَ نَقَضَ الْوُضُوءَ، وَعَلَيْهِمَا الِاسْتِنْجَاءُ؛ لِأَنَّهُ خَارِجٌ مِنْ السَّبِيلِ لَا يَخْلُو مِنْ بِلَّةٍ تَصْحَبُهُ مِنْ الْفَرْجِ. فَإِنْ لَمْ يَعْلَمَا خُرُوجَ شَيْءٍ مِنْهُ، احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا، النَّقْضُ فِيهِمَا؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّهُ لَا يَنْفَكُّ عَنْ الْخُرُوجِ، فَنَقَضَ كَالنَّوْمِ. وَالثَّانِي لَا يَنْقُضُ؛ لِأَنَّ الطَّهَارَةَ مُتَيَقَّنَةٌ، فَلَا تَزُولُ عَنْهَا بِالشَّكِّ لَكِنْ إنْ كَانَ الْمُحْتَقِنُ قَدْ أَدْخَلَ رَأْسَ الزَّرَّاقَةِ ثُمَّ أَخْرَجَهُ، نَقَضَ الْوُضُوءَ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَدْخَلَ فِيهِ مِيلًا أَوْ غَيْرَهُ، ثُمَّ أَخْرَجَ نَقَضَ الْوُضُوءَ؛ لِأَنَّهُ خَارِجٌ مِنْ السَّبِيلِ، فَنَقَضَ، كَسَائِرِ الْخَارِجِ.

[فَصْل رَجُلٌ بِهِ عِلَّةٌ رُبَّمَا ظَهَرَتْ مَقْعَدَتُهُ هَلْ يُنْتَقَضُ وُضُوئِهِ]

(٢٣٧) فَصْلٌ: قَالَ أَبُو الْحَارِثِ سَأَلْت أَحْمَدَ عَنْ رَجُلٍ بِهِ عِلَّةٌ رُبَّمَا ظَهَرَتْ مَقْعَدَتُهُ؟ قَالَ: إنْ عَلِمَ أَنَّهُ يَظْهَرُ مَعَهَا نَدًى تَوَضَّأَ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَيَحْتَمِلُ أَنَّ أَحْمَدَ إنَّمَا أَرَادَ نَدًى يَنْفَصِلُ عَنْهَا؛ لِأَنَّهُ خَارِجٌ مِنْ الْفَرْجِ مُتَّصِلٌ فَنَقَضَ كَالْخَارِجِ عَلَى الْحَصَى، فَأَمَّا الرُّطُوبَةُ اللَّازِمَةُ لَهَا فَلَا تَنْقُضُ؛ لِأَنَّهَا لَا تَنْفَكُّ عَنْ رُطُوبَةٍ، فَلَوْ نَقَضَتْ لَنَقَضَ خُرُوجُهَا عَلَى كُلِّ حَالٍ؛ وَلِأَنَّهُ شَيْءٌ لَمْ يَنْفَصِلْ عَنْهَا، فَلَمْ يَنْقُضْ كَسَائِرِ أَجْزَائِهَا، وَقَدْ قَالُوا فِيمَنْ أَخْرَجَ لِسَانَهُ وَعَلَيْهِ بَلَلٌ، ثُمَّ أَدْخَلَهُ وَابْتَلَعَ ذَلِكَ الْبَلَلَ: أَنَّهُ لَا يُفْطِرُ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ حُكْمُ الِانْفِصَالِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَصْل الْمَذْي يَنْقُضُ الْوُضُوءَ]

(٢٣٨) فَصْلٌ: قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الْمَذْيَ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ، وَهُوَ مَا يَخْرُجُ زَلِجًا مُتَسَبْسِبًا عِنْدَ الشَّهْوَةِ، فَيَكُونُ عَلَى رَأْسِ الذَّكَرِ. وَاخْتَلَفْت الرِّوَايَةُ فِي حُكْمِهِ فَرُوِيَ أَنَّهُ يُوجِبُ الْوُضُوءَ وَغَسْلَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَيَيْنِ؛ لِمَا رُوِيَ «أَنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: كُنْت رَجُلًا مَذَّاءً، فَاسْتَحْيَيْت أَنْ أَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَكَانِ ابْنَتِهِ، فَأَمَرْت الْمِقْدَادَ بْنَ الْأَسْوَدِ فَسَأَلَهُ، فَقَالَ يَغْسِلُ ذَكَرَهُ وَأُنْثَيَيْهِ، وَيَتَوَضَّأُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَفِي لَفْظٍ: " يَغْسِلُ ذَكَرَهُ وَيَتَوَضَّأُ " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَفِي لَفْظٍ تَوَضَّأْ وَانْضَحْ فَرْجَك "

وَالْأَمْرُ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ؛ وَلِأَنَّهُ خَارِجٌ بِسَبَبِ الشَّهْوَةِ، فَأَوْجَبَ غَسْلًا زَائِدًا عَلَى مُوجِبِ الْبَوْلِ كَالْمَنِيِّ، فَعَلَى هَذَا يُجْزِئُهُ غَسْلَةٌ وَاحِدَةٌ؛ لِأَنَّ الْمَأْمُورَ بِهِ غَسْلٌ مُطْلَقٌ فَيُوجِبُ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الْغَسْلِ، وَقَدْ ثَبَتَ

<<  <  ج: ص:  >  >>