للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِهِ الْإِحْصَانُ، فَلَمْ يُفْسِدْ الْحَجَّ كَالْوَطْءِ دُونَ الْفَرْجِ.

وَلَنَا، أَنَّهُ وَطْءٌ فِي فَرْجٍ يُوجِبُ الِاغْتِسَالَ، فَأَفْسَدَ الْحَجَّ، كَوَطْءِ الْآدَمِيَّةِ فِي الْقُبُلِ. وَيُفَارِقُ الْوَطْءَ دُونَ الْفَرْجِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْكَبَائِرِ فِي الْأَجْنَبِيَّةِ. وَلَا يُوجِبُ مَهْرًا، وَلَا عِدَّةً، وَلَا حَدًّا، وَلَا غُسْلًا إلَّا أَنْ يُنْزِلَ، فَيَكُونَ كَمَسْأَلَتِنَا، فِي رِوَايَةٍ.

[فَصْل تَكَرَّرَ الْجِمَاعُ فِي الْحَجّ]

(٢٣٨٨) فَصْلٌ: إذَا تَكَرَّرَ الْجِمَاعُ، فَإِنْ كَفَّرَ عَنْ الْأَوَّلِ، فَعَلَيْهِ لِلثَّانِي كَفَّارَةٌ ثَانِيَةٌ، كَالْأَوَّلِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَفَّرَ عَنْ الْأَوَّلِ، فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ. وَعَنْهُ أَنَّ لِكُلِّ وَطْءٍ كَفَّارَةً؛ لِأَنَّهُ سَبَبٌ لِلْكَفَّارَةِ، فَأَوْجَبَهَا كَالْأَوَّلِ. وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ جِمَاعٌ مُوجِبٌ لِلْكَفَّارَةِ، فَإِذَا تَكَرَّرَ قَبْلَ التَّكْفِيرِ عَنْ الْأَوَّلِ، لَمْ يُوجِبْ كَفَّارَةً ثَانِيَةً، كَمَا فِي الصِّيَامِ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: عَلَيْهِ لِلْوَطْءِ الثَّانِي شَاةٌ، سَوَاءٌ كَفَّرَ عَنْ الْأَوَّلِ أَوْ لَمْ يُكَفِّرْ، إلَّا أَنْ يَتَكَرَّرَ الْوَطْءُ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ، عَلَى وَجْهِ الرَّفْضِ لِلْإِحْرَامِ؛ لِأَنَّهُ وَطْءٌ صَادَفَ إحْرَامًا نَاقِصَ الْحُرْمَةِ، فَأَوْجَبَ شَاةً، كَالْوَطْءِ بَعْدَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ.

وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَجِبُ بِالثَّانِي شَيْءٌ. وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَطَاءٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُفْسِدُ الْحَجَّ، فَلَا يَجِبُ بِهِ شَيْءٌ، كَمَا لَوْ كَانَ قَبْلَ التَّكْفِيرِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ، كَقَوْلِنَا، وَقَرِيبًا مِنْ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ.

وَلَنَا، عَلَى وُجُوبِ الْبَدَنَةِ إذَا كَفَّرَ، أَنَّهُ وَطِئَ فِي إحْرَامٍ، وَلَمْ يَتَحَلَّلْ مِنْهُ، وَلَا أَمْكَنَ تَدَاخُلُ كَفَّارَتِهِ فِي غَيْرِهِ، فَأَشْبَهَ الْوَطْءَ الْأَوَّلَ. وَلِأَنَّ الْإِحْرَامَ الْفَاسِدَ كَالصَّحِيحِ فِي سَائِرِ الْكَفَّارَاتِ، فَكَذَلِكَ فِي الْوَطْءِ، وَلِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُكَفِّرْ عَنْ الْأَوَّلِ، فَتَتَدَاخَلُ كَفَّارَاتُهُ، كَمَا يَتَدَاخَلُ حُكْمُ الْمَهْرِ وَالْحَدِّ، وَالتَّحْدِيدُ بِعَدَمِ التَّكْفِيرِ أَوْلَى مِنْ التَّحْدِيدِ بِالْمَجْلِسِ الْوَاحِدِ؛ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الْمَهْرِ وَالْحَدِّ وَالتَّكْفِيرِ فِي الْيَمِينِ وَالظِّهَارِ وَغَيْرِهِمَا.

[مَسْأَلَة وَطِئَ الْمُحْرِم دُونَ الْفَرْجِ فَلَمْ يُنْزِلْ]

(٢٣٨٩) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَإِنْ وَطِئَ دُونَ الْفَرْجِ، فَلَمْ يُنْزِلْ فَعَلَيْهِ دَمٌ، وَإِنْ أَنْزَلَ فَعَلَيْهِ بَدَنَةٌ، وَقَدْ فَسَدَ حَجُّهُ) أَمَّا إذَا لَمْ يُنْزِلْ، فَإِنَّ حَجَّهُ لَا يَفْسُدُ بِذَلِكَ. لَا نَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ بِفَسَادِ حَجِّهِ؛ لِأَنَّهَا مُبَاشَرَةٌ دُونَ الْفَرْجِ عَرِيَتْ عَنْ الْإِنْزَالِ، فَلَمْ يَفْسُدْ بِهَا الْحَجُّ، كَاللَّمْسِ، أَوْ مُبَاشَرَةٌ لَا تُوجِبُ الِاغْتِسَالَ، أَشْبَهَتْ اللَّمْسَ، وَعَلَيْهِ شَاةٌ.

وَقَالَ الْحَسَنُ فِي مَنْ ضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى فَرْجِ جَارِيَتِهِ: عَلَيْهِ بَدَنَةٌ. وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: إذَا نَالَ مِنْهَا مَا دُونَ الْجِمَاعَ، ذَبَحَ بَقَرَةً.

وَلَنَا، أَنَّهَا مُلَامَسَةٌ مِنْ غَيْرِ إنْزَالٍ، فَأَشْبَهَتْ لَمْسَ غَيْرِ الْفَرْجِ. فَأَمَّا إنْ أَنْزَلَ، فَعَلَيْهِ بَدَنَةٌ. وَبِذَلِكَ قَالَ الْحَسَنُ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَالثَّوْرِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ: عَلَيْهِ شَاةٌ؛ لِأَنَّهَا مُبَاشَرَةٌ دُونَ الْفَرْجِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ لَمْ يُنْزِلْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>