للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَكَرْنَا؛ لِأَنَّهُ اسْتِمْتَاعٌ يَلْتَذُّ بِهِ، فَهُوَ كَالْقُبْلَةِ. قَالَ أَحْمَدُ، فِي مَنْ قَبَضَ عَلَى فَرْجِ امْرَأَتِهِ، وَهُوَ مُحْرِمٌ: فَإِنَّهُ يُهْرِيقُ دَمَ شَاةٍ. وَقَالَ عَطَاءٌ: إذَا قَبَّلَ الْمُحْرِمُ، أَوْ لَمَسَ، فَلْيُهْرِقْ دَمًا.

[مَسْأَلَة الْحَجَّ لَا يُفْسِد بِتَكْرَارِ النَّظَرِ أَنْزَلَ أَوْ لَمْ يُنْزِلْ]

(٢٣٩١) مَسْأَلَة: قَالَ: (وَإِنْ نَظَرَ، فَصَرَفَ بَصَرَهُ، فَأَمْنَى، فَعَلَيْهِ دَمٌ، وَإِنْ كَرَّرَ النَّظَرَ حَتَّى أَمْنَى، فَعَلَيْهِ بَدَنَةٌ) وَجُمْلَةُ ذَلِكَ، أَنَّ الْحَجَّ لَا يَفْسُدُ بِتَكْرَارِ النَّظَرِ، أَنْزَلَ أَوْ لَمْ يُنْزِلْ. رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ. وَرُوِيَ عَنْ الْحَسَنِ، وَعَطَاءٍ، وَمَالِكٍ، فِي مَنْ رَدَّدَ النَّظَرَ حَتَّى أَمْنَى: عَلَيْهِ حَجٌّ قَابِلٍ؛ لِأَنَّهُ أَنْزَلَ بِفِعْلِ مَحْظُورٍ، أَشْبَهَ الْإِنْزَالَ بِالْمُبَاشَرَةِ.

وَلَنَا، أَنَّهُ إنْزَالٌ عَنْ غَيْرِ مُبَاشَرَةٍ، فَأَشْبَهَ الْإِنْزَالَ بِالْفِكْرِ وَالِاحْتِلَامِ، وَالْأَصْلُ الَّذِي قَاسُوا عَلَيْهِ مَمْنُوعٌ. ثُمَّ إنَّ الْمُبَاشَرَةَ أَبْلَغُ فِي اللَّذَّةِ، وَآكَدُ فِي اسْتِدْعَاءِ الشَّهْوَةِ، فَلَا يَصِحُّ الْقِيَاسُ عَلَيْهِ. فَأَمَّا إنْ نَظَرَ وَلَمْ يُكَرِّرْ، فَأَمْنَى، فَعَلَيْهِ شَاةٌ. وَإِنْ كَرَّرَهُ، فَأَنْزَلَ، فَفِيهِ رِوَايَتَانِ؛ إحْدَاهُمَا، عَلَيْهِ بَدَنَةٌ. رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَالثَّانِيَةُ، عَلَيْهِ شَاةٌ. وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَإِسْحَاقَ وَرِوَايَةٌ ثَانِيَةٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ.

وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُبَاشَرَةٍ، أَشْبَهَ الْفِكْرَ. وَلَنَا، أَنَّهُ إنْزَالٌ بِفِعْلِ مَحْظُورٍ، فَأَوْجَبَ الْفِدْيَة، كَاللَّمْسِ.

وَقَدْ رَوَى الْأَثْرَمُ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ لَهُ رَجُلٌ: فَعَلَ اللَّهُ بِهَذِهِ وَفَعَلَ، إنَّهَا تَطَيَّبَتْ لِي، فَكَلَّمَتْنِي، وَحَدَّثَتْنِي، حَتَّى سَبَقَتْنِي الشَّهْوَةُ. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَتْمِمْ حَجَّك، وَأَهْرِقْ دَمًا. وَرَوَى حَنْبَلٌ. فِي (الْمَنَاسِكِ) ، عَنْ مُجَاهِدٍ، أَنَّ مُحْرِمًا نَظَرَ إلَى امْرَأَتِهِ حَتَّى أَمْذَى، فَجَعَلَ يَشْتُمُهَا. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَهْرِقْ دَمًا، وَلَا تَشْتُمْهَا.

[فَصْل كَرَّرَ الْمُحْرِم النَّظَر حَتَّى أَمَذَى]

(٢٣٩٢) فَصْلٌ: فَإِنْ كَرَّرَ النَّظَرَ حَتَّى أَمْذَى: فَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: عَلَيْهِ دَمٌ. وَقَالَ الْقَاضِي: ذَكَرَهُ الْخِرَقِيِّ. قَالَ الْقَاضِي: لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْ الْمَنِيِّ، وَلِأَنَّهُ حَصَلَ بِهِ الْتِذَاذٌ، فَهُوَ كَاللَّمْسِ. وَإِنْ لَمْ يَقْتَرِنْ بِالنَّظَرِ مَنِيٌّ أَوْ مَذْيٌ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، سَوَاءٌ كَرَّرَ النَّظَرَ أَوْ لَمْ يُكَرِّرْهُ.

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ فِي مَنْ جَرَّدَ امْرَأَتَهُ، وَلَمْ يَكُنْ مِنْهُ غَيْرُ التَّجْرِيدِ، أَنَّ عَلَيْهِ شَاةً، وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْسٌ، فَإِنَّ التَّجْرِيدَ لَا يُعَرَّى عَنْ اللَّمْسِ ظَاهِرًا، أَوْ عَلَى أَنَّهُ أَمْنَى أَوْ أَمْذَى، أَمَّا مُجَرَّدُ، النَّظَرِ، فَلَا شَيْءَ فِيهِ، فَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَنْظُرُ إلَى نِسَائِهِ وَهُوَ مُحْرِمٌ، وَكَذَلِكَ أَصْحَابُهُ.

[فَصْل فَكَّرَ الْمُحْرِمُ فَأَنْزَلَ]

(٢٣٩٣) فَصْلٌ: فَإِنْ فَكَّرَ فَأَنْزَلَ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ فَإِنَّ الْفِكْرَ يَعْرِضُ لِلْإِنْسَانِ مِنْ غَيْرِ إرَادَةٍ وَلَا اخْتِيَارٍ، فَلَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>