للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَسِّرْنِي لِلْيُسْرَى، وَجَنِّبْنِي الْعُسْرَى، وَاغْفِرْ لِي فِي الْآخِرَةِ وَالْأُولَى، وَاجْعَلْنِي مِنْ أَئِمَّةِ الْمُتَّقِينَ، وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ، وَاغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ، اللَّهُمَّ قُلْت وَقَوْلُك الْحَقُّ: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: ٦٠] وَإِنَّك لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ، اللَّهُمَّ إذْ هَدَيْتنِي لِلْإِسْلَامِ فَلَا تَنْزِعْنِي مِنْهُ، وَلَا تَنْزِعْهُ مِنِّي، حَتَّى تَوَفَّانِي عَلَى الْإِسْلَامِ، اللَّهُمَّ لَا تُقَدِّمْنِي إلَى الْعَذَابِ، وَلَا تُؤَخِّرْنِي لِسُوءِ الْفِتَنِ. قَالَ: وَيَدْعُو دُعَاءً كَثِيرًا، حَتَّى إنَّهُ لَيُمِلُّنَا وَإِنَّا لَشَبَابٌ، وَكَانَ إذَا أَتَى عَلَى الْمَسْعَى سَعَى وَكَبَّرَ. وَكُلُّ مَا دَعَا بِهِ فَهُوَ جَائِزٌ.

[فَصْل إنْ لَمْ يَرْقَ الْمُحْرِم عَلَى الصَّفَا]

(٢٤٧٧) فَصْلٌ: فَإِنْ لَمْ يَرْقَ عَلَى الصَّفَا، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. قَالَ الْقَاضِي: لَكِنَّ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَوْعِبَ مَا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَيُلْصِقَ عَقِيبَهُ بِأَسْفَلِ الصَّفَا، ثُمَّ يَسْعَى إلَى الْمَرْوَةِ، فَإِنْ لَمْ يَصْعَدْ عَلَيْهَا، أَلْصَقَ أَصَابِعَ رِجْلَيْهِ بِأَسْفَلِ الْمَرْوَةِ، وَالصُّعُودُ عَلَيْهَا هُوَ الْأَوْلَى، اقْتِدَاءً بِفِعْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنْ تَرَكَ مِمَّا بَيْنَهُمَا شَيْئًا، وَلَوْ ذِرَاعًا، لَمْ يُجْزِئْهُ حَتَّى يَأْتِيَ بِهِ. وَالْمَرْأَةُ لَا يُسَنُّ لَهَا أَنْ تَرْقَى، لِئَلَّا تُزَاحِمَ الرِّجَالَ، وَتَرْكُ ذَلِكَ أَسْتَرُ لَهَا، وَلَا تَرْمُلْ فِي طَوَافٍ وَلَا سَعْيٍ، وَالْحُكْمُ فِي وُجُوبِ اسْتِيعَابِهَا مَا بَيْنَهُمَا بِالْمَشْيِ كَحُكْمِ الرَّجُلِ.

[مَسْأَلَة يَنْحَدِرُ مِنْ الصَّفَا فَيَمْشِي حَتَّى يَأْتِيَ الْعَلَمَ]

(٢٤٧٨) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (ثُمَّ يَنْحَدِرُ مِنْ الصَّفَا، فَيَمْشِي حَتَّى يَأْتِيَ الْعَلَمَ الَّذِي فِي بَطْنِ الْوَادِي، فَيَرْمُلَ مِنْ الْعَلَمِ إلَى الْعَلَمِ، ثُمَّ يَمْشِي حَتَّى يَأْتِيَ الْمَرْوَةَ، فَيَقِفَ عَلَيْهَا، وَيَقُولَ كَمَا قَالَ عَلَى الصَّفَا، وَمَا دَعَا بِهِ أَجْزَأَهُ، ثُمَّ يَنْزِلُ مَاشِيًا إلَى الْعَلَمِ، ثُمَّ يَرْمُلُ حَتَّى يَأْتِيَ الْعَلَمَ، يَفْعَلُ ذَلِكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ، يَحْتَسِبُ بِالذَّهَابِ سَعْيَةً، وَبِالرُّجُوعِ سَعْيَةً، يَفْتَتِحُ بِالصَّفَا وَيَخْتَتِمُ بِالْمَرْوَةِ) هَذَا وَصْفُ السَّعْيِ، وَهُوَ أَنْ يَنْزِلَ مِنْ الصَّفَا، فَيَمْشِيَ حَتَّى يَأْتِيَ الْعَلَمَ.

وَمَعْنَاهُ يُحَاذِي الْعَلَمَ، وَهُوَ الْمِيلُ الْأَخْضَرُ الْمُعَلَّقُ فِي رُكْنِ الْمَسْجِدِ، فَإِذَا كَانَ مِنْهُ نَحْوًا مِنْ سِتَّةِ أَذْرُعٍ، سَعَى سَعْيًا شَدِيدًا، حَتَّى يُحَاذِيَ الْعَلَمَ الْآخَرَ، وَهُوَ الْمِيلَانِ الْأَخْضَرَانِ اللَّذَانِ بِفِنَاءِ الْمَسْجِد، وَحِذَاءِ دَارِ الْعَبَّاس، ثُمَّ يَتْرُكُ السَّعْيَ، وَيَمْشِي حَتَّى يَأْتِيَ الْمَرْوَةَ، فَيَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ، وَيَدْعُوَ بِمِثْلِ دُعَائِهِ عَلَى الصَّفَا.

وَمَا دَعَا بِهِ فَجَائِزٌ، وَلَيْسَ فِي الدُّعَاءِ شَيْءٌ مُؤَقَّتٌ. ثُمَّ يَنْزِلُ فَيَمْشِي فِي مَوْضِعِ مَشْيِهِ، وَيَسْعَى فِي مَوْضِعِ سَعْيِهِ، وَيُكْثِرُ مِنْ الدُّعَاءِ وَالذِّكْرِ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ إذَا سَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، قَالَ: رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ، وَاعْفُ عَمَّا تَعْلَمُ، وَأَنْتَ الْأَعَزُّ الْأَكْرَمُ. وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّمَا جُعِلَ رَمْيُ الْجِمَارِ، وَالسَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، لِإِقَامَةِ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى» . قَالَ التِّرْمِذِيّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. حَتَّى يُكْمِلَ سَبْعَةَ أَشْوَاطٍ، يَحْتَسِبُ بِالذَّهَابِ سَعْيَةً، وَبِالرُّجُوعِ سَعْيَةً.

وَحُكِيَ عَنْ ابْنِ جَرِيرٍ، وَبَعْضِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ، أَنَّهُمْ قَالُوا: ذَهَابُهُ وَرُجُوعُهُ سَعْيَةٌ. وَهَذَا غَلَطٌ؛ لِأَنَّ جَابِرًا قَالَ «فِي صِفَةِ حَجِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ثُمَّ نَزَلَ إلَى الْمَرْوَةِ، حَتَّى إذَا انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ، رَمَلَ فِي بَطْنِ الْوَادِي، حَتَّى إذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>