للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَطَافَ الَّذِينَ أَهَلُّوا بِعُمْرَةٍ بِالْبَيْتِ، وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، ثُمَّ حَلُّوا، ثُمَّ طَافُوا طَوَافًا آخَرَ بَعْدَ أَنْ رَجَعُوا مِنْ مِنًى لِحَجِّهِمْ. وَلَوْ شُرِعَ لَهُمْ الطَّوَافُ قَبْلَ الْخُرُوجِ، لَمْ يَتَّفِقُوا عَلَى تَرْكِهِ.

[مَسْأَلَة الْمَبِيت بِمِنًى]

(٢٥٠٤) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَمَضَى إلَى مِنًى، فَصَلَّى بِهَا الظُّهْرَ إنْ أَمْكَنَهُ؛ لِأَنَّهُ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أَنَّهُ صَلَّى بِمِنًى خَمْسَ صَلَوَاتٍ) وَجُمْلَةُ ذَلِكَ، أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ أَنْ يَخْرُجَ مُحْرِمًا مِنْ مَكَّةَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ، فَيُصَلِّيَ الظُّهْرَ بِمِنًى، ثُمَّ يُقِيمَ حَتَّى يُصَلِّيَ بِهَا الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ، وَيَبِيتَ بِهَا؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَلَ ذَلِكَ. كَمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ، وَهَذَا قَوْلُ سُفْيَانَ، وَمَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَإِسْحَاقَ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، وَلَا نَعْلَمُ فِيهِ مُخَالِفًا. وَلَيْسَ ذَلِكَ وَاجِبًا فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا.

قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَلَا أَحْفَظُ عَنْ غَيْرِهِمْ خِلَافَهُمْ. وَتَخَلَّفَتْ عَائِشَةُ لَيْلَةَ التَّرْوِيَةِ حَتَّى ذَهَبَ ثُلُثَا اللَّيْلِ، وَصَلَّى ابْنُ الزُّبَيْرِ بِمَكَّةَ. (٢٥٠٥) فَصْلٌ: فَإِنْ صَادَفَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ يَوْمَ جُمُعَةٍ، فَمَنْ أَقَامَ بِمَكَّةَ حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ، مِمَّنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ، لَمْ يَخْرُجْ حَتَّى يُصَلِّيَهَا؛ لِأَنَّ الْجُمُعَةَ فَرْضٌ، وَالْخُرُوجَ إلَى مِنًى فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ غَيْرُ فَرْضٍ. فَأَمَّا قَبْلَ الزَّوَالِ، فَإِنْ شَاءَ خَرَجَ، وَإِنْ شَاءَ أَقَامَ حَتَّى يُصَلِّيَ، فَقَدْ رُوِيَ أَنَّ ذَلِكَ وَافَقَ أَيَّامَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَخَرَجَ إلَى مِنًى.

وَقَالَ عَطَاءٌ: كُلُّ مَنْ أَدْرَكْت يَصْنَعُونَهُ، أَدْرَكْتهمْ يُجَمِّعُ بِمَكَّةَ إمَامُهُمْ وَيَخْطُبُ، وَمَرَّةً لَا يُجَمِّعُ وَلَا يَخْطُبُ. فَعَلَى هَذَا إذَا خَرَجَ الْإِمَامُ، أَمَرَ بَعْضَ مَنْ تَخَلَّفَ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ الْجُمُعَةَ.

وَقَالَ أَحْمَدُ: إذَا كَانَ وَالِي مَكَّةَ بِمَكَّة يَوْم الْجُمُعَةِ، يُجَمِّعُ بِهِمْ. قِيلَ لَهُ: يَرْكَبُ مِنْ مِنًى، فَيَجِيءُ إلَى مَكَّةَ، فَيُجَمِّعُ بِهِمْ؟ قَالَ: لَا، إذَا كَانَ هُوَ بَعْدُ بِمَكَّةَ.

[مَسْأَلَة الْوُقُوف بِعَرَفَةَ]

مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (فَإِذَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ، دَفَعَ إلَى عَرَفَةَ، فَأَقَامَ بِهَا حَتَّى يُصَلِّيَ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ، بِإِقَامَةٍ لِكُلِّ صَلَاةٍ، وَإِنْ أَذَّنَ فَلَا بَأْسَ، وَإِنْ فَاتَهُ مَعَ الْإِمَامِ صَلَّى فِي رَحْلِهِ) وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ أَنْ يَدْفَعَ إلَى الْمَوْقِفِ مِنْ مِنًى إذَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ يَوْمَ عَرَفَةَ، فَيُقِيمَ، بِنَمِرَةَ، وَإِنْ شَاءَ بِعَرَفَةَ، حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ، ثُمَّ يَخْطُبَ الْإِمَامُ خُطْبَةً، يُعَلِّمُ النَّاسَ فِيهَا مَنَاسِكَهُمْ، مِنْ مَوْضِعِ الْوُقُوفِ وَوَقْتِهِ، وَالدَّفْعِ مِنْ عَرَفَاتٍ، وَمَبِيتِهِمْ بِمُزْدَلِفَةَ، وَأَخْذِ الْحَصَى لِرَمْيِ الْجِمَارِ؛ لِمَا تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ، «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَأْمُرُ بِالْأَذَانِ، فَيَنْزِلُ فَيُصَلِّي الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ، يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا، وَيُقِيمُ لِكُلِّ صَلَاةٍ إقَامَةً.» وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: يُؤَذِّنُ الْمُؤَذِّنُ إذَا صَعِدَ الْإِمَامُ الْمِنْبَرَ فَجَلَسَ، فَإِذَا فَرَغَ الْمُؤَذِّنُ، قَامَ الْإِمَامُ فَخَطَبَ.

وَقِيلَ: يُؤَذِّنُ فِي آخِرِ خُطْبَةِ الْإِمَامِ. وَحَدِيثُ جَابِرٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَذَّنَ بَعْدَ فَرَاغِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ خُطْبَتِهِ. وَكَيْفَمَا فَعَلَ فَحَسَنٌ. وَقَوْلُهُ: (وَإِنْ أَذَّنَ فَلَا بَأْسَ) . كَأَنَّهُ ذَهَبَ إلَى أَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>