للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعَظْمَاتِ، افْصِلْ الرَّأْسَ مِنْ اللِّحْيَةِ. وَكَانَ عَطَاءٌ يَقُولُ: مِنْ السُّنَّةِ، إذَا حَلَقَ رَأْسَهُ، أَنْ يَبْلُغَ الْعَظْمَاتِ.

[مَسْأَلَةٌ إذَا رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ ثُمَّ حَلَقَ]

(٢٥٥١) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (ثُمَّ قَدْ حَلَّ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ إلَّا النِّسَاءَ) وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ الْمُحْرِمَ، إذَا رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ، ثُمَّ حَلَقَ، حَلَّ لَهُ كُلُّ مَا كَانَ مَحْظُورًا بِالْإِحْرَامِ، إلَّا النِّسَاءُ. هَذَا الصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -.

نَصَّ عَلَيْهِ، فِي رِوَايَةِ جَمَاعَةٍ، فَيَبْقَى مَا كَانَ مُحَرَّمًا عَلَيْهِ مِنْ النِّسَاءِ، مِنْ الْوَطْءِ، وَالْقُبْلَةِ، وَاللَّمْسِ لِشَهْوَةٍ، وَعَقْدِ النِّكَاحِ، وَيَحِلُّ لَهُ مَا سِوَاهُ. هَذَا قَوْلُ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَعَائِشَةَ، وَعَلْقَمَةَ، وَسَالِمٍ، وَطَاوُسٍ، وَالنَّخَعِيِّ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُسَيْنِ، وَخَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ. وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَعَنْ أَحْمَدَ، أَنَّهُ يَحِلُّ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ إلَّا الْوَطْءَ فِي الْفَرْجِ؛ لِأَنَّهُ أَغْلَظُ الْمُحَرَّمَاتِ، وَيُفْسِدُ النُّسُكَ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ. وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: يَحِلُّ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ، إلَّا النِّسَاءَ، وَالطِّيبَ. وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَعَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ دَوَاعِي الْوَطْءِ، فَأَشْبَهَ الْقُبْلَةَ. وَعَنْ عُرْوَةَ، أَنَّهُ لَا يَلْبَسُ الْقَمِيصَ، وَلَا الْعِمَامَةَ، وَلَا يَتَطَيَّبُ.

وَرُوِيَ فِي ذَلِكَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَدِيثٌ وَلَنَا مَا، رَوَتْ عَائِشَةُ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إذَا رَمَيْتُمْ، وَحَلَقْتُمْ، فَقَدْ حَلَّ لَكُمْ الطِّيبُ، وَالثِّيَابُ، وَكُلُّ شَيْءٍ، إلَّا النِّسَاءَ» . رَوَاهُ سَعِيدٌ. وَفِي لَفْظٍ: «إذَا رَمَى أَحَدُكُمْ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ، وَحَلَقَ رَأْسَهُ، فَقَدْ حَلَّ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ، إلَّا النِّسَاءَ» . رَوَاهُ الْأَثْرَم، وَأَبُو دَاوُد، إلَّا أَنَّ أَبَا دَاوُد قَالَ: هُوَ ضَعِيفٌ، رَوَاهُ الْحَجَّاجُ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، وَلَمْ يَلْقَهُ. وَاَلَّذِي أَخْرَجَهُ سَعِيدٌ رَوَاهُ الْحَجَّاجُ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «طَيَّبْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِحَرَمِهِ حِينَ أَحْرَمَ، وَلِحِلِّهِ، قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَعَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: «إذَا رَمَيْتُمْ الْجَمْرَةَ، وَذَبَحْتُمْ، وَحَلَقْتُمْ، فَقَدْ حَلَّ لَكُمْ كُلُّ شَيْءٍ، إلَّا الطِّيبَ، وَالنِّسَاءَ. فَقَالَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: أَنَا طَيَّبْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. فَسُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحَقُّ أَنْ تُتَّبَعَ» . رَوَاهُ سَعِيدٌ. وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «يَوْمَ النَّحْرِ: إنَّ هَذَا يَوْمٌ رُخِّصَ لَكُمْ فِيهِ إذَا أَنْتُمْ رَمَيْتُمْ أَنْ تَحِلُّوا. يَعْنِي مِنْ كُلِّ مَا حُرِمْتُمْ مِنْهُ. إلَّا النِّسَاءَ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ: قَالَ «إذَا رَمَيْتُمْ الْجَمْرَةَ، فَقَدْ حَلَّ لَكُمْ كُلُّ شَيْءٍ إلَّا، النِّسَاءَ. فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: وَالطِّيبُ؟ قَالَ: أَمَّا أَنَا فَقَدْ رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُضَمِّخُ رَأْسَهُ بِالْمِسْكِ، أَفَطِيبٌ ذَلِكَ أَمْ لَا؟» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ. وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَحِلُّ لَهُ النِّسَاءُ، وَلَا الطِّيبُ، وَلَا قَتْلُ الصَّيْدِ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} [المائدة: ٩٥] . وَهَذَا حَرَامٌ. وَقَدْ ذَكَرْنَا مَا يَرُدُّ هَذَا الْقَوْلَ، وَيَمْنَعُ أَنَّهُ مُحْرِمٌ، وَإِنَّمَا بَقِيَ بَعْضُ أَحْكَامِ الْإِحْرَامِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>