للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْل تَرَكَ الْمَبِيتَ بِمِنًى]

(٢٥٦٧) فَصْلٌ: فَإِنْ تَرَكَ الْمَبِيتَ بِمِنًى، فَعَنْ أَحْمَدَ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَقَدْ أَسَاءَ. وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ لَمْ يَرِدْ فِيهِ بِشَيْءِ. وَعَنْهُ يُطْعِمُ شَيْئًا. وَخَفَّفَهُ، ثُمَّ قَالَ: قَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَيْسَ عَلَيْهِ. وَقَالَ إبْرَاهِيمُ: عَلَيْهِ دَمٌ. وَضَحِكَ، ثُمَّ قَالَ: دَمٌ بِمَرَّةٍ، ثُمَّ شَدَّدَ بِمَرَّةٍ. قُلْت: لَيْسَ إلَّا أَنْ يُطْعِمَ شَيْئًا؟ قَالَ: نَعَمْ، يُطْعِمُ شَيْئًا تَمْرًا أَوْ نَحْوَهُ. فَعَلَى هَذَا أَيُّ شَيْءٍ تَصَدَّقَ بِهِ، أَجْزَأَهُ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ لَيْلَةٍ وَأَكْثَرِ؛ وَلَا تَقْدِيرَ فِيهِ.

وَعَنْهُ: فِي اللَّيَالِي الثَّلَاثِ دَمٌ؛ لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: مَنْ تَرَكَ مِنْ نُسُكِهِ شَيْئًا، أَوْ نَسِيَهُ فَلْيُهْرِقْ دَمًا. وَفِيمَا دُونَ الثَّلَاثِ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ، وَقَالَ عَطَاءٌ: فِي كُلِّ حَصَاةٍ دِرْهَمٌ. وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ. وَهَذَا لَا نَظِيرَ لَهُ، فَإِنَّنَا لَا نَعْلَمُ فِي تَرْكِ شَيْءٍ مِنْ الْمَنَاسِكِ دِرْهَمًا، وَلَا نِصْفَ دِرْهَمٍ، فَإِيجَابُهُ بِغَيْرِ نَصٍّ تَحَكُّمٌ لَا وَجْهَ لَهُ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[مَسْأَلَة رَمَى الْجَمْرَةَ الْأُولَى بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ]

(٢٥٦٨) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (فَإِذَا كَانَ مِنْ الْغَدِ، وَزَالَتْ الشَّمْسُ، رَمَى الْجَمْرَةَ الْأُولَى بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ، وَيَقِفُ عِنْدَهَا، وَيَرْمِي، وَيَدْعُو، ثُمَّ يَرْمِي الْجَمْرَةَ الْوُسْطَى بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، يُكَبِّرُ أَيْضًا، وَيَدْعُو، ثُمَّ يَرْمِي جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، وَلَا يَقِفُ عِنْدَهَا) قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ جُمْلَةَ مَا يَرْمِي بِهِ الْحَاجُّ سَبْعُونَ حَصَاةً، سَبْعَةٌ مِنْهَا يَرْمِيهَا يَوْمَ النَّحْرِ، بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ.

وَسَائِرُهَا فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ الثَّلَاثَةِ، بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ، كُلَّ يَوْمٍ إحْدَى وَعِشْرِينَ حَصَاةً، لِثَلَاثِ جَمَرَاتٍ، يَبْتَدِئُ بِالْجَمْرَةِ الْأُولَى، وَهِيَ أَبْعَدُ الْجَمَرَاتِ مِنْ مَكَّةَ، وَتَلِي مَسْجِدَ الْخَيْفِ، فَيَجْعَلُهَا عَنْ يَسَارِهِ، وَيَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ، وَيَرْمِيهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، كَمَا وَصَفْنَا فِي جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ، ثُمَّ يَتَقَدَّمُ عَنْهَا إلَى مَوْضِعٍ لَا يُصِيبُهُ الْحَصْي، فَيَقِفُ طَوِيلًا يَدْعُو اللَّهَ تَعَالَى، رَافِعًا يَدَيْهِ، ثُمَّ يَتَقَدَّمُ إلَى الْوُسْطَى فَيَجْعَلُهَا عَنْ يَمِينِهِ، وَيَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ، وَيَرْمِيهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، وَيَفْعَلُ مِنْ الْوُقُوفِ وَالدُّعَاءِ كَمَا فَعَلَ فِي الْأُولَى، ثُمَّ يَرْمِي جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، وَيَسْتَبْطِنُ الْوَادِيَ، وَيَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ، وَلَا يَقِفُ عِنْدَهَا، وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ.

وَلَا نَعْلَمُ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا خِلَافًا، إلَّا أَنَّ مَالِكًا قَالَ: لَيْسَ بِمَوْضِعٍ لِرَفْعِ الْيَدَيْنِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا الْخِلَافَ فِيهِ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْبَيْتِ. وَقَالَ الْأَثْرَمُ: سَمِعْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يُسْأَلُ، أَيَقُومُ الرَّجُلُ عِنْدَ الْجَمْرَتَيْنِ إذَا رَمَى؟ قَالَ: إي لَعَمْرِي شَدِيدًا، وَيُطِيلُ الْقِيَامَ أَيْضًا. قِيلَ: فَإِلَى أَيْنَ يَتَوَجَّهُ فِي قِيَامِهِ؟ قَالَ: إلَى الْقِبْلَةِ، وَيَرْمِيهَا فِي بَطْنِ الْوَادِي. وَالْأَصْلُ فِي هَذَا مَا رَوَتْ عَائِشَةُ، قَالَتْ: «أَفَاضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ آخِرِ يَوْمِهِ حِينَ صَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ رَجَعَ إلَى مِنًى، فَمَكَثَ بِهَا لَيَالِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، يَرْمِي الْجَمْرَةَ إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ، كُلَّ جَمْرَةٍ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ، وَيَقِفُ عِنْدَ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ، فَيُطِيلُ الْقِيَامَ، وَيَتَضَرَّعُ، وَيَرْمِي الثَّالِثَةَ، وَلَا يَقِفُ عِنْدَهَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. وَعَنْ «ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ يَرْمِي الْجَمْرَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>