للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عِنْدَ التَّوْبَةِ، فَلَا تَقْطَعْ رَجَائِي مِنْك لِمَا قَدَّمْت مِنْ اقْتِرَافٍ، وَهَبْ لِي الْإِصْلَاحَ فِي الْوَلَدِ، وَالْأَمْنَ فِي الْبَلَدِ، وَالْعَافِيَةَ فِي الْجَسَدِ، إنَّك سَمِيعٌ مُجِيبٌ، اللَّهُمَّ إنَّ لَك عَلَيَّ حُقُوقًا، فَتَصَدَّقْ بِهَا عَلَيَّ، وَلِلنَّاسِ قِبَلِي تَبِعَاتٌ فَتَحَمَّلْهَا عَنِّي، وَقَدْ أَوْجَبْت لِكُلِّ ضَيْفٍ قِرًى، وَأَنَا ضَيْفُك اللَّيْلَةَ، فَاجْعَلْ قِرَايَ الْجَنَّةَ، اللَّهُمَّ إنِّي سَائِلُك عِنْدَ بَابِك، مَنْ ذَهَبَتْ أَيَّامُهُ، وَبَقِيَتْ آثَامُهُ، وَانْقَطَعَتْ شَهْوَتُهُ، وَبَقِيَتْ تَبِعَتُهُ، فَارْضَ عَنْهُ، وَإِنْ لَمْ تَرْضَ عَنْهُ فَاعْفُ عَنْهُ، فَقَدْ يَعْفُو السَّيِّدُ عَنْ عَبْدِهِ، وَهُوَ عَنْهُ غَيْرُ رَاضٍ. ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وَالْمَرْأَةُ إذَا كَانَتْ حَائِضًا لَمْ تَدْخُلْ الْمَسْجِدَ، وَوَقَفَتْ عَلَى بَابِهِ، فَدَعَتْ بِذَلِكَ.

[فَصْل إذَا وَدَّعَ الْبَيْت يَقُومُ عِنْدَ الْبَيْتِ إذَا خَرَجَ وَيَدْعُو]

(٢٥٨٨) فَصْلٌ: قَالَ أَحْمَدُ: إذَا وَدَّعَ الْبَيْتَ، يَقُومُ عِنْدَ الْبَيْتِ إذَا خَرَجَ وَيَدْعُ وَإِذَا وَلَّى لَا يَقِفُ وَلَا يَلْتَفِتُ، فَإِنْ الْتَفَتَ رَجَعَ فَوَدَّعَ. وَرَوَى حَنْبَلٌ، فِي " مَنَاسِكِهِ " عَنْ الْمُهَاجِرِ، قَالَ: قُلْت لِجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: الرَّجُلُ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ، وَيُصَلِّي، فَإِذَا انْصَرَفَ خَرَجَ، ثُمَّ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَقَامَ؟ فَقَالَ: مَا كُنْت أَحْسَبُ يَصْنَعُ هَذَا إلَّا الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: أَكْرَهُ ذَلِكَ.

وَقَوْلُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ: إنْ الْتَفَتَ رَجَعَ فَوَدَّعَ. عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِحْبَابِ، إذْ لَا نَعْلَمُ لِإِيجَابِ ذَلِكَ عَلَيْهِ دَلِيلًا، وَقَدْ قَالَ مُجَاهِدٌ: إذَا كِدْت تَخْرُجُ مِنْ بَابِ الْمَسْجِدِ فَالْتَفِتْ، ثُمَّ اُنْظُرْ إلَى الْكَعْبَةِ، ثُمَّ قُلْ: اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْهُ آخِرَ الْعَهْدِ.

[مَسْأَلَة تَرَكَ طَوَافَ الزِّيَارَةِ]

(٢٥٨٩) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَمَنْ تَرَكَ طَوَافَ الزِّيَارَةِ، رَجَعَ مِنْ بَلَدِهِ حَرَامًا حَتَّى يَطُوفَ بِالْبَيْتِ) وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ طَوَافَ الزِّيَارَةِ رُكْنُ الْحَجِّ، لَا يَتِمُّ إلَّا بِهِ. وَلَا يَحِلُّ مِنْ إحْرَامِهِ حَتَّى يَفْعَلَهُ، فَإِنْ رَجَعَ إلَى بَلَدِهِ قَبْلَهُ، لَمْ يَنْفَكّ إحْرَامُهُ، وَرَجَعَ مَتَى أَمْكَنَهُ مُحْرِمًا، لَا يُجْزِئُهُ غَيْرُ ذَلِكَ. وَبِذَلِكَ قَالَ عَطَاءٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ وَابْنُ الْمُنْذِرِ.

وَقَالَ الْحَسَنُ: يَحُجُّ مِنْ الْعَامِ الْمُقْبِلِ. وَحُكِيَ نَحْوُ ذَلِكَ عَنْ عَطَاءٍ قَوْلًا ثَانِيًا. وَقَالَ: يَأْتِي عَامًا قَابِلًا مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ. وَلَنَا، قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ ذَكَرَ لَهُ أَنَّ صَفِيَّةَ حَاضَتْ، قَالَ: " أَحَابِسَتُنَا هِيَ؟ " قِيلَ: إنَّهَا قَدْ أَفَاضَتْ يَوْمَ النَّحْرِ. قَالَ: " فَلْتَنْفِرْ إذًا ". يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا الطَّوَافَ لَا بُدَّ مِنْهُ، وَأَنَّهُ حَابِسٌ لِمَنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ. فَإِنْ نَوَى التَّحَلُّلَ، وَرَفَضَ إحْرَامَهُ، لَمْ يَحِلَّ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ لَا يَخْرُج مِنْهُ بِنِيَّةِ الْخُرُوجِ، وَمَتَى رَجَعَ إلَى مَكَّةَ، فَطَافَ بِالْبَيْتِ، حَلَّ بِطَوَافِهِ؛ لِأَنَّ الطَّوَافَ لَا يَفُوتُ وَقْتُهُ، عَلَى مَا أَسْلَفْنَاهُ.

(٢٥٩٠) فَصْلٌ: فَإِنْ تَرَكَ بَعْضَ الطَّوَافِ، فَهُوَ كَمَا لَوْ تَرَكَ جَمِيعَهُ، فِيمَا ذَكَرْنَا. وَسَوَاءٌ تَرَكَ شَوْطًا أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ. وَهَذَا قَوْلُ عَطَاءٍ، وَمَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَإِسْحَاقَ، وَأَبِي ثَوْرٍ.

وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: مَنْ طَافَ أَرْبَعَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>