للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْل جَزَاء صَيْد الْحَرَم]

(٢٦٤٧) فَصْلٌ: فَأَمَّا جَزَاءُ الصَّيْدِ فَلَا يَتَدَاخَلُ، وَيَجِبُ فِي كُلِّ صَيْدٍ جَزَاؤُهُ، سَوَاءٌ وَقَعَ مُتَفَرِّقًا أَوْ فِي حَالٍ وَاحِدَةٍ. وَعَنْ أَحْمَدَ، أَنَّهُ يَتَدَاخَلُ، قِيَاسًا عَلَى سَائِرِ الْمَحْظُورَاتِ. وَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} [المائدة: ٩٥] . وَمِثْلُ الصَّيْدَيْنِ لَا يَكُونُ مِثْلَ أَحَدِهِمَا، وَلِأَنَّهُ لَوْ قَتَلَ صَيْدَيْنِ دُفْعَةً وَاحِدَةً، وَجَبَ جَزَاؤُهُمَا، فَإِذَا تَفَرَّقَا أَوْلَى أَنْ يَجِبَ؛ لِأَنَّ حَالَةَ التَّفْرِيقِ لَا تَنْقُصُ عَنْ حَالَةِ الِاجْتِمَاعِ كَسَائِرِ الْمَحْظُورَاتِ.

[فَصْل حَلَقَ الْمُحْرِمُ رَأْسَ حَلَالٍ أَوْ قَلَّمَ أَظْفَارَهُ]

(٢٦٤٨) فَصْلٌ: إذَا حَلَقَ الْمُحْرِمُ رَأْسَ حَلَالٍ، أَوْ قَلَّمَ أَظْفَارَهُ، فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ. وَبِذَلِكَ قَالَ عَطَاءٌ، وَمُجَاهِدٌ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، فِي مُحْرِمٍ قَصَّ شَارِبَ حَلَالٍ: يَتَصَدَّقُ بِدِرْهَمٍ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَلْزَمُهُ صَدَقَةٌ؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ شَعْرَ آدَمِي، فَأَشْبَهَ شَعْرَ الْمُحْرِمِ.

وَلَنَا، أَنَّهُ شَعْرٌ مُبَاحُ الْإِتْلَافِ، فَلَمْ يَجِبْ بِإِتْلَافِهِ شَيْءٌ، كَشَعْرِ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ.

[فَصْل حَلَقَ مُحْرِمٌ رَأْسَ مُحْرِمٍ بِإِذْنِهِ]

(٢٦٤٩) فَصْلٌ: وَإِنْ حَلَقَ مُحْرِمٌ رَأْسَ مُحْرِمٍ بِإِذْنِهِ، فَالْفِدْيَةُ عَلَى مَنْ حُلِقَ رَأْسُهُ. وَكَذَلِكَ إنْ حَلَقَهُ حَلَالٌ بِإِذْنِهِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ} [البقرة: ١٩٦] . وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ غَيْرَهُ هُوَ الَّذِي يَحْلِقُهُ، فَأَضَافَ الْفِعْلَ إلَيْهِ، وَجَعَلَ الْفِدْيَةَ عَلَيْهِ.

وَإِنْ حَلَقَهُ مُكْرَهًا أَوْ نَائِمًا، فَلَا فِدْيَةَ عَلَى الْمَحْلُوقِ رَأْسُهُ. وَبِهَذَا قَالَ إِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَابْنُ الْقَاسِمِ صَاحِبُ مَالِكٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: عَلَى الْمَحْلُوقِ رَأْسُهُ الْفِدْيَةُ. وَعَنْ الشَّافِعِيِّ كَالْمَذْهَبَيْنِ. وَلَنَا، أَنَّهُ يَحْلِقُ رَأْسَهُ وَلَمْ يُحْلَقْ بِإِذْنِهِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ انْقَطَعَ الشَّعْرُ بِنَفْسِهِ. إذَا ثَبَتَ هَذَا فَإِنَّ الْفِدْيَةَ عَلَى الْحَالِقِ، حَرَامًا كَانَ أَوْ حَلَالًا.

وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: عَلَى الْحَلَالِ صَدَقَةٌ. وَقَالَ عَطَاءٌ: عَلَيْهِمَا الْفِدْيَةُ. وَلَنَا، أَنَّهُ أَزَالَ مَا مُنِعَ مِنْ إزَالَتِهِ لِأَجْلِ الْإِحْرَامِ، فَكَانَتْ عَلَيْهِ فِدْيَتُهُ، كَالْمُحْرِمِ يَحْلِقُ رَأْسَ نَفْسِهِ.

[فَصْل قَلَعَ الْمُحْرِم جِلْدَةً عَلَيْهَا شَعْرٌ]

(٢٦٥٠) فَصْلٌ: إذَا قَلَعَ جِلْدَةً عَلَيْهَا شَعْرٌ، فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ زَالَ تَابِعًا لِغَيْرِهِ، وَالتَّابِعُ لَا يُضْمَنُ، كَمَا لَوْ قَلَعَ أَشْفَارَ عَيْنَيْ إنْسَانٍ، فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ أَهْدَابَهُمَا.

[فَصْل خَلَّلَ الْمُحْرِم شَعْرَهُ فَسَقَطَتْ شَعْرَةٌ]

(٢٦٥١) فَصْلٌ: وَإِذَا خَلَّلَ شَعْرَهُ فَسَقَطَتْ شَعْرَةٌ، فَإِنْ كَانَتْ مَيِّتَةً فَلَا فِدْيَةَ فِيهَا، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ شَعْرِهِ النَّابِتِ فَفِيهَا الْفِدْيَةُ، وَإِنْ شَكَّ فِيهَا فَلَا فِدْيَةَ فِيهَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ نَفْيُ الضَّمَانِ إلَى أَنْ يَحْصُلَ يَقِينٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>