للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٢٦٩٩) الْفَصْلُ الرَّابِعُ، أَنَّ الْهَدْيَ يَلْزَمُ مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ. وَهُوَ قَوْلُ مَنْ سَمَّيْنَا مِنْ الصَّحَابَةِ، وَالْفُقَهَاءِ، إلَّا أَصْحَابَ الرَّأْيِ، فَإِنَّهُمْ قَالُوا: لَا هَدْيَ عَلَيْهِ. وَهِيَ الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ عَنْ أَحْمَدَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْفَوَاتُ سَبَبًا لِوُجُوبِ الْهَدْيِ، لَلَزِمَ الْمُحْرِمَ هَدْيَانِ؛ لِلْفَوَاتِ وَالْإِحْصَارِ.

وَلَنَا، حَدِيثُ عَطَاءٍ، وَإِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ، وَلِأَنَّهُ حَلَّ مِنْ إحْرَامِهِ قَبْلَ إتْمَامِهِ، فَلَزِمَهُ هَدْيٌ، كَالْمُحْرِمِ، لَمْ يَفُتْ حَجُّهُ، فَإِنَّهُ يَحِلُّ قَبْلَ فَوَاتِهِ. إذَا ثَبَتَ هَذَا فَإِنَّهُ يُخْرِجُ الْهَدْيَ فِي سَنَةِ الْقَضَاءِ، إنْ قُلْنَا بِوُجُوبِ الْقَضَاءِ، وَإِلَّا أَخْرَجَهُ فِي عَامِهِ. وَإِذَا كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ قَدْ سَاقَهُ نَحَرَهُ، وَلَا يُجْزِئُهُ، إنَّ قُلْنَا بِوُجُوبِ الْقَضَاءِ، بَلْ عَلَيْهِ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ هَدْيٌ أَيْضًا. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ، وَذَلِكَ لِحَدِيثِ عُمَرَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ.

وَالْهَدْيُ مَا اسْتَيْسَرَ، مِثْلُ هَدْيِ الْمُتْعَةِ؛ لِحَدِيثِ عُمَرَ. أَيْضًا. وَالْمُتَمَتِّعُ، وَالْمُفْرِدُ، وَالْقَارِنُ، وَالْمَكِّيُّ وَغَيْرُهُ، سَوَاءٌ فِيمَا ذَكَرْنَا؛ لِأَنَّ الْفَوَاتَ يَشْمَلُ الْجَمِيعَ.

[فَصْلٌ اخْتَارَ مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ الْبَقَاءَ عَلَى إحْرَامِهِ لِيَحُجَّ مِنْ قَابِلٍ]

(٢٧٠٠) فَصْلٌ: فَإِنْ اخْتَارَ مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ الْبَقَاءَ عَلَى إحْرَامِهِ لِيَحُجَّ مِنْ قَابِلٍ، فَلَهُ ذَلِكَ. رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ؛ لِأَنَّ تَطَاوُلَ الْمُدَّةِ بَيْنَ الْإِحْرَامِ وَفِعْلِ النُّسُكِ لَا يَمْنَعُ إتْمَامَهُ، كَالْعُمْرَةِ، وَالْمُحْرِمِ بِالْحَجِّ فِي غَيْرِ أَشْهُرِهِ. وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ. وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، وَابْنِ الْمُنْذِرِ، وَرِوَايَةٌ عَنْ مَالِكٍ؛ لِظَاهِرِ الْخَبَرِ، وَقَوْلِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، وَلِأَنَّ إحْرَامَ الْحَجِّ يَصِيرُ فِي غَيْرِ أَشْهُرِهِ فَصَارَ كَالْمُحْرِمِ بِالْعِبَادَةِ قَبْلَ وَقْتِهَا.

[فَصْلٌ إذَا فَاتَ الْقَارِنَ الْحَجُّ]

(٢٧٠١) فَصْلٌ: وَإِذَا فَاتَ الْقَارِنَ الْحَجُّ، حَلَّ، وَعَلَيْهِ مِثْلُ مَا أَهَلَّ بِهِ مِنْ قَابِلٍ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ. وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَإِسْحَاقَ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُجْزِئَهُ مَا فَعَلَ عَنْ عُمْرَةِ الْإِسْلَامِ، وَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا قَضَاءُ الْحَجِّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَفُتْهُ غَيْرُهُ.

وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَالثَّوْرِيُّ: يَطُوفُ وَيَسْعَى لِعُمْرَتِهِ، ثُمَّ لَا يَحِلُّ حَتَّى يَطُوفَ وَيَسْعَى لِحَجِّهِ. إلَّا أَنَّ سُفْيَانَ قَالَ: وَيُهْرِقُ دَمًا. وَالْوَجْهُ الْأَوَّلُ أَنْ يَجِبَ الْقَضَاءُ عَلَى حَسَبِ الْأَدَاءِ، فِي صُورَتِهِ وَمَعْنَاهُ، فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ هَاهُنَا كَذَلِكَ، وَيَلْزَمُهُ؛ هَدْيَانِ؛ هَدْيٌ لِلْقِرَانِ، وَهَدْيُ فَوَاتِهِ. وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ. وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ هَدْيٌ ثَالِثٌ لِلْقَضَاءِ. وَلَيْسَ بِشَيْءِ، فَإِنَّ الْقَضَاءَ لَا يَجِبُ لَهُ هَدْيٌ، وَإِنَّمَا يَجِبُ الْهَدْيُ الَّذِي فِي سَنَةِ الْقَضَاءِ لِلْفَوَاتِ، وَكَذَلِكَ لَمْ يَأْمُرْهُ الصَّحَابَةُ بِأَكْثَرِ مِنْ هَدْيٍ وَاحِدٍ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَصْلٌ إذَا أَخْطَأَ النَّاسُ الْعَدَدَ فَوَقَفُوا فِي غَيْرِ لَيْلَةِ عَرَفَةَ]

(٢٧٠٢) فَصْلٌ إذَا أَخْطَأَ النَّاسُ الْعَدَدَ فَوَقَفُوا فِي غَيْرِ لَيْلَةِ عَرَفَةَ، أَجْزَأَهُمْ ذَلِكَ؛ لِمَا رَوَى الدَّارَقُطْنِيّ. بِإِسْنَادِهِ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدِ بْنِ أَسِيدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «يَوْمُ عَرَفَةَ الَّذِي يُعَرِّفُ فِيهِ النَّاسُ. فَإِنْ اخْتَلَفُوا، فَأَصَابَ بَعْضٌ، وَأَخْطَأَ بَعْضٌ وَقْتَ الْوُقُوفِ، لَمْ يُجْزِئْهُمْ؛

<<  <  ج: ص:  >  >>