للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَنَا، أَنَّهُ لَمْ يَلْمَسْ جِسْمَ الْمَرْأَةِ؛ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ لَمَسَ ثِيَابَهَا، وَالشَّهْوَةُ بِمُجَرَّدِهَا لَا تَكْفِي، كَمَا لَوْ مَسَّ رَجُلًا بِشَهْوَةٍ، أَوْ وُجِدَتْ الشَّهْوَةُ مِنْ غَيْرِ لَمْسٍ.

(٢٧٣) فَصْلٌ: وَإِنْ لَمَسَتْ امْرَأَةٌ رَجُلًا، وَوُجِدَتْ الشَّهْوَةُ مِنْهُمَا، فَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ نَقْضُ وُضُوئِهِمَا، بِمُلَاقَاةِ بَشَرَتِهِمَا.

وَقَدْ سُئِلَ أَحْمَدُ عَنْ الْمَرْأَةِ إذَا مَسَّتْ زَوْجَهَا؟ قَالَ: مَا سَمِعْت فِيهِ شَيْئًا، وَلَكِنْ هِيَ شَقِيقَةُ الرَّجُلِ. يُعْجِبُنِي أَنْ تَتَوَضَّأَ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ أَحَدُ الْمُشْتَرِكَيْنِ فِي اللَّمْسِ، فَهِيَ كَالرَّجُلِ. وَيَنْتَقِضُ وُضُوءُ الْمَلْمُوسِ إذَا وُجِدَتْ مِنْهُ الشَّهْوَةُ؛ لِأَنَّ مَا يَنْتَقِضُ بِالْتِقَاءِ الْبَشَرَتَيْنِ، لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ اللَّامِسِ وَالْمَلْمُوسِ، كَالْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ. وَفِيهِ رِوَايَةٌ أُخْرَى: لَا يَنْتَقِضُ وُضُوءُ الْمَرْأَةِ، وَلَا وُضُوءُ الْمَلْمُوسِ وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلَانِ كَالرِّوَايَتَيْنِ. وَوَجْهُ عَدَمِ النَّقْضِ أَنَّ النَّصَّ إنَّمَا وَرَدَ بِالنَّقْضِ بِمُلَامَسَةِ النِّسَاءِ، فَيَتَنَاوَلُ اللَّامِسَ مِنْ الرِّجَالِ، فَيَخْتَصُّ بِهِ النَّقْضُ، كَلَمْسِ الْفَرْجِ؛ وَلِأَنَّ الْمَرْأَةَ وَالْمَلْمُوسَ لَا نَصَّ فِيهِ، وَلَا هُوَ فِي مَعْنَى الْمَنْصُوصِ؛ لِأَنَّ اللَّمْسَ مِنْ الرَّجُلِ مَعَ الشَّهْوَةِ مَظِنَّةٌ لِخُرُوجِ الْمَذْيِ النَّاقِضِ، فَأُقِيمَ مَقَامَهُ، وَلَا يُوجَدُ ذَلِكَ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ، وَالشَّهْوَةُ مِنْ اللَّامِسِ أَشَدُّ مِنْهَا فِي الْمَلْمُوسِ، وَأَدْعَى إلَى الْخُرُوجِ، فَلَا يَصِحُّ الْقِيَاسُ عَلَيْهِمَا، وَإِذَا امْتَنَعَ النَّصُّ وَالْقِيَاسُ لَمْ يَثْبُتْ الدَّلِيلُ.

(٢٧٤) فَصْلٌ: وَلَا يَنْتَقِضُ الْوُضُوءُ بِلَمْسِ عُضْوٍ مَقْطُوعٍ مِنْ الْمَرْأَةِ؛ لِزَوَالِ الِاسْمِ، وَخُرُوجِهِ عَنْ أَنْ يَكُونَ مَحَلًّا لِلشَّهْوَةِ وَلَا بِمَسِّ رَجُلٍ وَلَا صَبِيٍّ، وَلَا بِمَسِّ الْمَرْأَةِ الْمَرْأَةَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِدَاخِلٍ فِي الْآيَةِ؛ وَلَا هُوَ فِي مَعْنَى مَا فِي الْآيَةِ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ مَحَلٌّ لِشَهْوَةِ الرَّجُلِ شَرْعًا وَطَبْعًا، وَهَذَا بِخِلَافِهِ.

وَلَا بِمَسِّ الْبَهِيمَةِ؛ لِذَلِكَ. وَلَا بِمَسِّ خُنْثَى مُشْكِلٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ كَوْنُهُ رَجُلًا وَلَا امْرَأَةً. وَلَا بِمَسِّ الْخُنْثَى لِرَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ؛ لِذَلِكَ، وَالْأَصْلُ الطَّهَارَةُ، فَلَا تَزُولُ بِالشَّكِّ وَلَا أَعْلَمُ فِي هَذَا كُلِّهِ خِلَافًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمْ.

[مَسْأَلَةٌ تَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ وَشَكَّ فِي الْحَدَثِ]

(٢٧٥) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: وَمَنْ تَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ وَشَكَّ فِي الْحَدَثِ، أَوْ تَيَقَّنَ الْحَدَثَ وَشَكَّ فِي الطَّهَارَةِ، فَهُوَ عَلَى مَا تَيَقَّنَ مِنْهُمَا يَعْنِي: إذَا عَلِمَ أَنَّهُ تَوَضَّأَ، وَشَكَّ هَلْ أَحْدَثَ، أَوْ لَا، بَنَى عَلَى أَنَّهُ مُتَطَهِّرٌ. وَإِنْ كَانَ مُحْدِثًا فَشَكَّ؛ هَلْ تَوَضَّأَ، أَوْ لَا، فَهُوَ مُحْدِثٌ. يَبْنِي فِي الْحَالَتَيْنِ عَلَى مَا عَلِمَهُ قَبْلَ الشَّكِّ، وَيُلْغِي الشَّكَّ.

وَبِهَذَا قَالَ الثَّوْرِيُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>