للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمُؤْنَتُهُ عَلَيْهِ.

وَإِنْ كَانَ عَبْدًا، فَهَلَّ هِلَالُ شَوَّالٍ، فَفِطْرَتُهُ عَلَيْهِ لِذَلِكَ. فَإِنْ اشْتَرَى حَامِلًا، فَوَلَدَتْ عِنْدَهُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ، ثُمَّ رَدَّهَا عَلَى الْبَائِعِ، لَزِمَهُ رَدُّ وَلَدِهَا؛ لِأَنَّهُ مَبِيعٌ حَدَثَتْ فِيهِ بِزِيَادَةِ مُتَّصِلَةٌ، فَلَزِمَهُ رَدُّهُ بِزِيَادَتِهِ، كَمَا لَوْ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ، فَسَمِنَ أَحَدُهُمَا عِنْدَهُ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ: لَا يَرُدُّ الْوَلَدَ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ لَا حُكْمَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ جُزْءٌ مُتَّصِلٌ بِالْأُمِّ، فَلَمْ يَأْخُذْ قِسْطًا مِنْ الثَّمَنِ، كَأَطْرَافِهَا. وَلَنَا، أَنَّ كُلَّ مَا يُقَسَّطُ عَلَيْهِ الثَّمَنُ إذَا كَانَ مُنْفَصِلًا، يُقَسَّطُ عَلَيْهِ إذَا كَانَ مُتَّصِلًا، كَاللَّبَنِ. وَمَا قَالُوهُ يَبْطُلُ بِالْجُزْءِ الْمُشَاعِ، كَالثُّلُثِ، وَالرُّبْعِ، وَالْحُكْمُ فِي الْأَصْلِ مَمْنُوعٌ، ثُمَّ يُفَارِقُ الْحَمْلُ الْأَطْرَافَ؛ لِأَنَّهُ يَئُولُ إلَى الِانْفِصَالِ، وَيُنْتَفَعُ بِهِ مُنْفَصِلًا، وَيَصِحُّ إفْرَادُهُ بِالْعِتْقِ، وَالْوَصِيَّةُ بِهِ، وَلَهُ، وَيَرِثُ إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْمِيرَاثِ، وَيُفْرَدُ بِالدِّيَةِ، وَيَرِثُهَا وَرَثَتُهُ. وَلَا يَصِحُّ قَوْلُهُمْ: إنَّهُ لَا حُكْمَ لِلْحَمْلِ. لِهَذِهِ الْأَحْكَامِ وَغَيْرِهَا مِمَّا ذَكَرْنَاهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ.

[فَصْلٌ تَصَرَّفَ أَحَدُ الْمُتَبَايِعَيْنِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ فِي الْمَبِيعِ]

(٢٧٦٣) فَصْلٌ: وَإِنْ تَصَرَّفَ أَحَدُ الْمُتَبَايِعَيْنِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ فِي الْمَبِيعِ تَصَرُّفًا يَنْقُلُ الْمَبِيعَ، كَالْبَيْعِ، وَالْهِبَةِ، وَالْوَقْفِ، أَوْ يَشْغَلُهُ، كَالْإِجَارَةِ، وَالتَّزْوِيجِ، وَالرَّهْنِ، وَالْكِتَابَةِ، وَنَحْوِهَا، لَمْ يَصِحَّ تَصَرُّفُهُ، إلَّا الْعِتْقُ، سَوَاءٌ وُجِدَ مِنْ الْبَائِعِ، أَوْ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ تَصَرَّفَ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ، وَالْمُشْتَرِي يُسْقِطُ حَقَّ الْبَائِعِ مِنْ الْخِيَارِ، وَاسْتِرْجَاعِ الْمَبِيعِ، فَلَمْ يَصِحَّ تَصَرُّفُهُ فِيهِ، كَالتَّصَرُّفِ فِي الرَّهْنِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وَحْدَهُ، فَيَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ، وَيَبْطُلُ خِيَارُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لِغَيْرِهِ فِيهِ، وَثُبُوتُ الْخِيَارِ لَهُ لَا يَمْنَعُ تَصَرُّفَهُ فِيهِ، كَالْمَعِيبِ. قَالَ أَحْمَدُ: إذَا اشْتَرَطَ الْخِيَارَ، فَبَاعَهُ قَبْلَ ذَلِكَ بِرِبْحٍ، فَالرِّبْحُ لِلْمُبْتَاعِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ حِينَ عَرَضَهُ. يَعْنِي بَطَلَ خِيَارُهُ، وَلَزِمَهُ.

وَهَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فِيمَا إذَا شَرَطَ الْخِيَارَ لَهُ وَحْدَهُ، وَكَذَلِكَ إذَا قُلْنَا: إنَّ الْبَيْعَ لَا يَنْقُلُ الْمِلْكَ، وَكَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا، أَوْ لِلْبَائِعِ وَحْدَهُ، فَتَصَرَّفَ فِيهِ الْبَائِعُ، نَفَذَ تَصَرُّفُهُ، وَصَحَّ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ، وَلَهُ إبْطَالُ خِيَارِ غَيْرِهِ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: فِي تَصَرُّفِ الْمُشْتَرِي فِي الْمَبِيعِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ رِوَايَتَانِ؛ إحْدَاهُمَا، لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ فِي صِحَّتِهِ إسْقَاطَ حَقِّ الْبَائِعِ مِنْ الْخِيَارِ. وَالثَّانِيَةُ، هُوَ مَوْقُوفٌ؛ فَإِنْ تَفَرَّقَا قَبْلَ الْفَسْخِ صَحَّ، وَإِنْ اخْتَارَ الْبَائِعُ الْفَسْخَ بَطَلَ بَيْعُ الْمُشْتَرِي. قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ: إذَا اشْتَرَى ثَوْبًا بِشَرْطٍ، فَبَاعَهُ بِرِبْحٍ قَبْلَ انْقِضَاءِ الشَّرْطِ، يَرُدُّهُ إلَى صَاحِبِهِ إنْ طَلَبَهُ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى رَدِّهِ، فَلِلْبَائِعِ قِيمَةُ الثَّوْبِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَهْلَكَ ثَوْبَهُ، أَوْ يُصَالِحُهُ. فَقَوْلُهُ: يَرُدُّهُ إنْ طَلَبَهُ. يَدُلُّ عَلَى أَنَّ وُجُوبَ رَدِّهِ مَشْرُوطٌ بِطَلَبِهِ. وَقَدْ

رَوَى الْبُخَارِيُّ، عَنْ «ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي سَفَرٍ، فَكَانَ عَلَى بَكْرٍ صَعْبٍ، وَكَانَ يَتَقَدَّمُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

<<  <  ج: ص:  >  >>