للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ أَجْنَبَ الْكَافِرُ ثُمَّ أَسْلَمَ]

(٢٩٢) فَصْلٌ: فَإِنْ أَجْنَبَ الْكَافِرُ ثُمَّ أَسْلَمَ، لَمْ يَلْزَمْهُ غُسْلُ الْجَنَابَةِ، سَوَاءٌ اغْتَسَلَ فِي كُفْرِهِ أَوْ لَمْ يَغْتَسِلْ. وَهَذَا قَوْلُ مَنْ أَوْجَبَ غُسْلَ الْإِسْلَامِ، وَقَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ عَلَيْهِ الْغُسْلُ فِي الْحَالَيْنِ. وَهَذَا اخْتِيَارُ أَبِي بَكْرٍ؛ لِأَنَّ عَدَمَ التَّكْلِيفِ لَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الْغُسْلِ، كَالصِّبَا وَالْجُنُونِ، وَاغْتِسَالُهُ فِي كُفْرِهِ لَا يَرْفَعُ حَدَثَهُ؛ لِأَنَّهُ أَحَدُ الْحَدَثَيْنِ، فَلَمْ يَرْتَفِعْ فِي حَالِ كُفْرِهِ كَالْحَدَثِ الْأَصْغَرِ.

وَحُكِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ. وَأَحَدُ الْوَجْهَيْنِ لِأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يَرْفَعُ حَدَثَهُ؛ لِأَنَّهُ أَصَحُّ نِيَّةً مِنْ الصَّبِيِّ. وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ؛ لِأَنَّ الطَّهَارَةَ عِبَادَةٌ مَحْضَةٌ، فَلَمْ تَصِحَّ مِنْ كَافِرٍ، كَالصَّلَاةِ. وَلَنَا - عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ - أَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ أَمَرَ أَحَدًا بِغُسْلِ الْجَنَابَةِ مَعَ كَثْرَةِ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ الْبَالِغِينَ الْمُتَزَوِّجِينَ؛ وَلِأَنَّ الْمَظِنَّةَ أُقِيمَتْ مُقَامَ حَقِيقَةِ الْحَدَثِ، فَسَقَطَ حُكْمُ الْحَدَثِ كَالسَّفَرِ مَعَ الْمَشَقَّةِ.

[فَصْلٌ اسْتِحْبَابُ الِاغْتِسَالِ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ]

(٢٩٣) فَصْلٌ: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَغْتَسِلَ الْمُسْلِمُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، كَمَا فِي حَدِيثِ قَيْسٍ. وَيُسْتَحَبُّ إزَالَةُ شَعْرِهِ؛ لِأَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ رَجُلًا أَسْلَمَ، فَقَالَ: احْلِقْ. وَقَالَ لِآخَرَ مَعَهُ: أَلْقِ عَنْك شَعْرَ الْكُفْرِ وَاخْتَتِنْ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. وَأَقَلُّ أَحْوَالِ الْأَمْرِ الِاسْتِحْبَابُ.

[مَسْأَلَةٌ الطُّهْرُ مِنْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ]

(٢٩٤) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَالطُّهْرُ مِنْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ) قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: هَذَا تَجَوُّزٌ؛ فَإِنَّ الْمُوجِبَ لِلْغُسْلِ فِي التَّحْقِيقِ هُوَ الْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْحَدَثُ، وَانْقِطَاعُهُ شَرْطُ وُجُوبِ الْغُسْلِ وَصِحَّتِهِ، فَسَمَّاهُ مُوجِبًا لِذَلِكَ، وَهَذَا كَقَوْلِهِمْ: انْقِطَاعُ دَمِ الِاسْتِحَاضَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>