للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مَعْلُومَانِ، فَصَحَّ، كَمَا لَوْ بَاعَ حَائِطًا، وَاسْتَثْنَى مِنْهُ نَخْلَةً مُعَيَّنَةً. وَكَوْنُهُ لَا يَجُوزُ إفْرَادُهُ بِالْبَيْعِ يَبْطُلُ بِالثَّمَرَةِ قَبْلَ التَّأْبِيرِ لَا يَجُوزُ إفْرَادُهَا بِالْبَيْعِ بِشَرْطِ التَّبْقِيَةِ، وَيَجُوزُ اسْتِثْنَاؤُهَا، وَالْحَمْلُ مَجْهُولٌ.

وَلَنَا فِيهِ مَنْعٌ، فَإِنْ امْتَنَعَ الْمُشْتَرِي مِنْ ذَبْحِهَا لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ، وَيَلْزَمُهُ قِيمَةُ ذَلِكَ عَلَى التَّقْرِيبِ. نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ، - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَضَى فِي رَجُلٍ اشْتَرَى نَاقَةً وَشَرَطَ ثَنَيَاهَا. فَقَالَ: اذْهَبُوا إلَى السُّوقِ، فَإِذَا بَلَغَتْ أَقْصَى ثَمَنِهَا، فَأَعْطُوهُ حِسَابَ ثَنَيَاهَا مِنْ ثَمَنِهَا.

[فَصْلٌ اسْتَثْنَى مِنْ الْبَيْع شَحْم الْحَيَوَان]

(٢٩٣٥) فَصْلٌ: فَإِنْ اسْتَثْنَى شَحْمَ الْحَيَوَانِ، لَمْ يَصِحَّ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا يَخْتَلِفُونَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّهُ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ؛ «لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ الثُّنْيَا إلَّا أَنْ تُعْلَمَ.» وَلِأَنَّهُ مَجْهُولٌ لَا يَصِحُّ إفْرَادُهُ بِالْبَيْعِ، فَلَمْ يَصِحَّ اسْتِثْنَاؤُهُ، كَفَخِذِهَا، وَإِنْ اسْتَثْنَى الْحَمْلَ، لَمْ يَصِحَّ اسْتِثْنَاؤُهُ لِذَلِكَ. وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكٍ، وَالثَّوْرِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ.

وَقَدْ نُقِلَ عَنْ أَحْمَدَ صِحَّتُهُ، وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ، وَالنَّخَعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ. لِمَا رَوَى نَافِعٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ بَاعَ جَارِيَةً، وَاسْتَثْنَى مَا فِي بَطْنِهَا. وَلِأَنَّهُ يَصِحُّ اسْتِثْنَاؤُهُ فِي الْعِتْقِ، فَصَحَّ فِي الْبَيْعِ قِيَاسًا عَلَيْهِ.

وَلَنَا، مَا تَقَدَّمَ. وَالصَّحِيحُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ أَعْتَقَ جَارِيَةً وَاسْتَثْنَى مَا فِي بَطْنِهَا. لِأَنَّ الثِّقَاتِ الْحُفَّاظَ حَدَّثُوا الْحَدِيثَ، فَقَالُوا: أَعْتَقَ جَارِيَةً. وَالْإِسْنَادُ وَاحِدٌ، قَالَهُ أَبُو بَكْرٍ. وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الصِّحَّةِ فِي الْعِتْقِ الصِّحَّةُ فِي الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ لَا تَمْنَعُهُ الْجَهَالَةُ وَلَا الْعَجْزُ عَنْ التَّسْلِيمِ، وَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ شُرُوطُ الْبَيْعِ.

[فَصْلٌ فِي مَنْ بَاعَ جَارِيَةً حَامِلًا بِحُرٍّ]

(٢٩٣٦) فَصْلٌ: وَإِنْ بَاعَ جَارِيَةً حَامِلًا بِحُرٍّ. فَقَالَ الْقَاضِي: لَا يَصِحُّ. وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ، فَكَأَنَّهُ مُسْتَثْنًى. وَالْأُولَى صِحَّتُهُ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ مَعْلُومٌ، وَجَهَالَةُ الْحَمْلِ لَا تَضُرُّ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَيْسَ بِمَبِيعٍ وَلَا مُسْتَثْنًى بِاللَّفْظِ، وَقَدْ يُسْتَثْنَى بِالشَّرْعِ مَا لَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاؤُهُ بِاللَّفْظِ، كَمَا لَوْ بَاعَ أَمَةً مُزَوَّجَةً صَحَّ، وَوَقَعَتْ مَنْفَعَةُ الْبُضْعِ مُسْتَثْنَاةً بِالشَّرْعِ.

وَلَوْ اسْتَثْنَاهَا بِاللَّفْظِ لَمْ يَجُزْ. وَلَوْ بَاعَ أَرْضًا فِيهَا زَرْعٌ لِلْبَائِعٍ، أَوْ نَخْلَةً مُؤَبَّرَةً، لَوَقَعَتْ مَنْفَعَتُهَا مُسْتَثْنَاةً بِالشَّرْعِ مُدَّةَ بَقَاءِ الزَّرْعِ وَالثَّمَرَةِ، وَلَوْ اسْتَثْنَاهَا بِقَوْلِهِ، لَمْ يَجُزْ.

[فَصْلٌ بَاعَ دَارًا إلَّا ذِرَاعًا وَهُمَا يَعْلَمَانِ ذَرِعَانِ الدَّارِ]

(٢٩٣٧) فَصْلٌ: وَلَوْ بَاعَ دَارًا إلَّا ذِرَاعًا، وَهُمَا يَعْلَمَانِ ذُرْعَانُ الدَّارِ، جَازَ، وَكَانَ مُسْتَثْنِيًا جُزْءًا مُشَاعًا مِنْهَا، لِأَنَّهُ جُزْءٌ مَعْلُومٌ يَصِحُّ إفْرَادُهُ بِالْبَيْعِ، فَجَازَ اسْتِثْنَاؤُهُ، كَثُلُثِهَا وَرُبْعِهَا، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمَا، لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ لَا يَجُوزُ إفْرَادُهُ بِالْبَيْعِ، وَلِأَنَّهُ اسْتَثْنَى مَعْلُومَ الْمِقْدَارِ مِنْ مَبِيعٍ مَعْلُومٍ بِالْمُشَاهَدَةِ، فَلَمْ يَجُزْ كَاسْتِثْنَاءِ الصَّاعِ مِنْ ثَمَرَةِ الْحَائِطِ، وَالْقَفِيزِ مِنْ الصُّبْرَةِ. وَهَكَذَا الْحُكْمُ إذَا بَاعَهُ ضَيْعَةً إلَّا جَرِيبًا، فَمَتَى عَلِمَ جُرْبَانَ الضَّيْعَةِ صَحَّ، وَإِلَّا فَلَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>