للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْخُوصِ، وَالسُّبُلِ، وَهُوَ زِيَادَةٌ فِي الْأَجْفَانِ، وَالتَّخْنِيثِ، وَكَوْنِهِ خُنْثَى، وَالْخِصَاءِ، وَالتَّزَوُّجِ فِي الْأَمَةِ، وَالْبَخَرِ فِيهَا.

وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ. وَلَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الْجَارِيَةِ تُشْتَرَى وَلَهَا زَوْجٌ أَنَّهُ عَيْبٌ. وَكَذَلِكَ الدَّيْنُ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ إذَا كَانَ السَّيِّدُ مُعْسِرًا، وَالْجِنَايَةُ الْمُوجِبَةُ لِلْقَوَدِ؛ لِأَنَّ الرَّقَبَةَ صَارَتْ كَالْمُسْتَحِقَّةِ لِوُجُوبِ الدَّفْعِ فِي الْجِنَايَةِ وَالْبَيْعِ فِي الدَّيْنِ، وَمُسْتَحِقَّةً لِلْإِتْلَافِ بِالْقِصَاصِ، وَالزِّنَى وَالْبَخَرُ عَيْبٌ فِي الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ جَمِيعًا. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَيْسَ ذَلِكَ بِعَيْبِ فِي الْعَبْدِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُرَادُ لِلْفِرَاشِ وَالِاسْتِمْتَاعِ بِهِ، بِخِلَافِ الْأَمَةِ.

وَلَنَا، أَنَّ ذَلِكَ يُنْقِصُ قِيمَتَهُ وَمَالِيَّتَهُ، فَإِنَّهُ بِالزِّنَى يَتَعَرَّضُ لِإِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ وَالتَّعْزِيرِ، وَلَا يَأْمَنُهُ سَيِّدُهُ عَلَى عَائِلَتِهِ وَحَرِيمِهِ، وَالْبَخَرُ يُؤْذِي سَيِّدَهُ، وَمَنْ جَالَسَهُ وَخَاطَبَهُ أَوْ سَارَّهُ. وَأَمَّا السَّرِقَةُ، وَالْإِبَاقُ، وَالْبَوْلُ فِي الْفِرَاشِ، فَهِيَ عُيُوبٌ فِي الْكَبِيرِ الَّذِي جَاوَزَ الْعَشْرَ. وَقَالَ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ: فِي الَّذِي يَأْكُلُ وَحْدَهُ وَيَشْرَبُ وَحْدَهُ.

وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَإِسْحَاقُ: لَيْسَ بِعَيْبٍ فِيهِ حَتَّى يَحْتَلِمَ؛ لِأَنَّ الْأَحْكَامَ تَتَعَلَّقُ بِهِ، مِنْ التَّكْلِيفِ، وَوُجُوبِ الْحُدُودِ، بِبُلُوغِهِ، فَكَذَلِكَ هَذَا. وَلَنَا، أَنَّ الصَّبِيَّ الْعَاقِلَ يَتَحَرَّزُ مِنْ هَذَا عَادَةً، كَتَحَرُّزِ الْكَبِيرِ، فَوُجُودُهُ مِنْهُ فِي تِلْكَ الْحَالِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْبَوْلَ لِدَاءٍ فِي بَاطِنِهِ، وَالسَّرِقَةَ وَالْإِبَاقَ لِخُبْثٍ فِي طَبْعِهِ، وَحُدَّ ذَلِكَ بِالْعَشْرِ لِأَمْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِتَأْدِيبِ الصَّبِيِّ عَلَى تَرْكِ الصَّلَاةِ عِنْدَهَا، وَالتَّفْرِيقِ بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ لِبُلُوغِهَا.

فَأَمَّا مَنْ دُونَ ذَلِكَ فَتَكُونُ هَذِهِ الْأُمُورُ مِنْهُ لِضَعْفِ عَقْلِهِ، وَعَدَمِ تَثَبُّتِهِ. وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الْعَبْدُ يَشْرَبُ الْخَمْرَ، أَوْ يَسْكَرُ مِنْ النَّبِيذِ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ؛ لِأَنَّهُ يُوجِبُ عَلَيْهِ الْحَدَّ، فَهُوَ كَالزِّنَى. وَكَذَلِكَ الْحُمْقُ الشَّدِيدُ، وَالِاسْتِطَالَةُ عَلَى النَّاسِ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى التَّأْدِيبِ، وَرُبَّمَا تَكَرَّرَ فَأَفْضَى إلَى تَلَفِهِ، وَلَا يَكُونُ عَيْبًا إلَّا فِي الْكَبِيرِ دُونَ الصَّغِيرِ؛ لِأَنَّهُ مَنْسُوبٌ إلَى فِعْلِهِ. وَعَدَمُ الْخِتَانِ لَيْسَ بِعَيْبٍ فِي الصَّغِيرِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَفُتْ وَقْتُهُ، وَلَا فِي الْأَمَةِ الْكَبِيرَةِ. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ.

وَقَالَ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ: هُوَ عَيْبٌ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ زِيَادَةُ أَلَمٍ، فَأَشْبَهَتْ الْعَبْدَ. وَلَنَا، أَنَّهُ لَيْسَ بِوَاجِبِ فِي حَقِّهَا، وَالْأَلَمُ فِيهِ يَسِيرٌ لَا يُخْشَى مِنْهُ التَّلَفُ، بِخِلَافِ الْعَبْدِ الْكَبِير. فَأَمَّا الْعَبْدُ الْكَبِيرُ، فَإِنْ كَانَ مَجْلُوبًا مِنْ الْكُفَّارِ، فَلَيْسَ ذَلِكَ بِعَيْبٍ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ أَنَّهُمْ لَا يَخْتَتِنُونَ، فَصَارَ

<<  <  ج: ص:  >  >>