للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرِّبْحِ، وَبَيْنَ فَسْخِ الْعَقْدِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ إذَا بَاعَهُ بِمِائَةٍ وَرِبْحِ عَشَرَةٍ، ثُمَّ إنَّهُ غَلِطَ بِعَشَرَةٍ، لَا يَلْزَمُهُ حَطُّ الْعَشَرَةِ مِنْ الرِّبْحِ لِأَنَّ الْبَائِعَ رَضِيَ بِرِبْحِ عَشَرَةٍ فِي هَذَا الْمَبِيعِ، فَلَا يَكُونُ لَهُ أَكْثَرُ مِنْهَا. وَكَذَلِكَ إنْ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ زَادَ فِي رَأْسِ مَالِهِ، لَا يَنْقُصُ الرِّبْحَ مِنْ عَشَرَةٍ لِأَنَّ الْبَائِعَ لَمْ يَبِعْهُ إلَّا بِرِبْحِ عَشَرَةٍ، فَأَمَّا إنْ قَالَ: وَأَرْبَحُ فِي كُلِّ عَشَرَةٍ دِرْهَمًا. أَوْ قَالَ: ده يازده. لَزِمَهُ حَطُّ الْعَشَرَةِ مِنْ الرِّبْحِ فِي الْغَلَطِ وَالزِّيَادَةِ عَلَى الثَّمَنِ فِي الصُّورَتَيْنِ. وَإِنَّمَا أَثْبَتْنَا لَهُ الْخِيَارَ لِأَنَّهُ دَخَلَ عَلَى أَنَّ الثَّمَنَ مِائَةٌ وَعَشَرَةٌ، فَإِذَا بَانَ أَكْثَرَ كَانَ عَلَيْهِ ضَرَرٌ فِي الْتِزَامِهِ فَلَمْ يَلْزَمْهُ، كَالْمَعِيبِ.

وَإِنْ اخْتَارَ أَخْذَهَا بِمِائَةٍ وَأَحَدٍ وَعِشْرِينَ، لَمْ يَكُنْ لِلْبَائِعِ خِيَارٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ زَادَهُ خَيْرًا، فَلَمْ يَكُنْ لَهُ خِيَارٌ كَبَائِعِ الْمَعِيبِ إذَا رَضِيَهُ الْمُشْتَرِي. وَإِنْ اخْتَارَ الْبَائِعُ إسْقَاطَ الزِّيَادَةِ عَنْ الْمُشْتَرِي، فَلَا خِيَارَ لَهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ بَذَلَهَا بِالثَّمَنِ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ، وَتَرَاضَيَا بِهِ.

[فَصْلٌ بَيْع الْمُوَاضَعَة]

(٣٠٦١) فَصْلٌ: وَيَجُوزُ بَيْعُ الْمُوَاضَعَةِ وَهُوَ أَنْ يُخْبِرَ بِرَأْسِ مَالِهِ ثُمَّ يَقُولُ: بِعْتُك هَذَا بِهِ وَأَضَعُ عَنْك كَذَا فَإِنْ قَالَ: بِوَضِيعَةِ دِرْهَمٍ مِنْ كُلِّ عَشَرَةٍ كُرِهَ لِمَا ذَكَرْنَا فِي الْمُرَابَحَةِ وَصَحَّ وَيَطْرَحُ مِنْ كُلِّ عَشَرَةٍ دِرْهَمًا. فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ مِائَةً لَزِمَهُ تِسْعُونَ، وَيَكُونُ الْحَطُّ عَشَرَةً.

وَقَالَ قَوْمٌ: يَكُونُ الْحَطُّ مِنْ كُلِّ أَحَدَ عَشَرَ دِرْهَمًا، فَيَكُونُ ذَلِكَ تِسْعَةَ دَرَاهِمَ وَجُزْءًا مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ دِرْهَمٍ، وَتَبْقَى تِسْعُونَ وَعَشَرَةُ أَجْزَاءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ دِرْهَمٍ. وَهَذَا غَلَطٌ؛ لِأَنَّ هَذَا يَكُونُ حَطًّا مِنْ كُلِّ أَحَدَ عَشَرَ، وَهُوَ غَيْرُ مَا قَالَهُ. فَأَمَّا إنْ قَالَ بِوَضِيعَةِ دِرْهَمٍ لِكُلِّ عَشَرَةٍ، كَانَ الْوَضِيعَةُ مِنْ كُلِّ أَحَدَ عَشَرَ دِرْهَمًا، وَيَكُونُ الْبَاقِي تِسْعِينَ وَعَشَرَةَ أَجْزَاءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ دِرْهَمٍ. وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ، وَحُكِيَ عَنْ أَبِي ثَوْرٍ أَنَّهُ قَالَ: الْحَطُّ هَاهُنَا عَشَرَةٌ مِثْلُ الْأُولَى. وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ؛ فَإِنَّهُ إذَا قَالَ: لِكُلِّ عَشَرَةٍ دِرْهَمًا يَكُونُ الدِّرْهَمُ مِنْ غَيْرِهَا. فَكَأَنَّهُ قَالَ: مِنْ كُلِّ أَحَدَ عَشَرَ دِرْهَمًا دِرْهَمًا، وَإِذَا قَالَ: مِنْ كُلِّ عَشَرَةٍ دِرْهَمًا. كَانَ الدِّرْهَمُ مِنْ الْعَشَرَةِ؛ لِأَنَّ مِنْ لِلتَّبْعِيضِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: آخُذُ مِنْ الْعَشَرَةِ تِسْعَةً، وَأَحُطُّ مِنْهَا دِرْهَمًا.

[فَصْلٌ اشْتَرَى رَجُل نِصْف سِلْعَة بِعَشَرَةِ وَاشْتَرَى آخَر نِصْفهَا بِعَشَرَيْنِ ثُمَّ بَاعَاهَا مُسَاوِمَة بِثَمَنِ وَاحِد]

(٣٠٦٢) فَصْلٌ إذَا اشْتَرَى رَجُلٌ نِصْفَ سِلْعَةٍ بِعَشَرَةٍ، وَاشْتَرَى آخَرُ نِصْفَهَا بِعِشْرِينَ، ثُمَّ بَاعَاهَا مُسَاوَمَةً بِثَمَنٍ وَاحِدٍ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ عِوَضٌ عَنْهَا، فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا عَلَى حَسَبِ مِلْكَيْهِمَا فِيهَا. وَإِنْ بَاعَاهَا مُرَابَحَةً أَوْ مُوَاضَعَةً أَوْ تَوْلِيَةً، فَكَذَلِكَ، نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ سِيرِينَ وَالْحَكَمِ.

قَالَ الْأَثْرَمُ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ رَحِمَهُ اللَّهُ: إذَا بَاعَهَا، فَالثَّمَنُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ قُلْت: أَعْطَى أَحَدُهُمَا أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَى الْآخَرُ؟ فَقَالَ: وَإِنْ أُلْبِسَ الثَّوْبُ بَيْنَهُمَا السَّاعَةَ سَوَاءً فَالثَّمَنُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَمْلِكُ مِثْلَ الَّذِي يَمْلِكُ صَاحِبُهُ. وَحَكَى أَبُو بَكْرٍ، عَنْ أَحْمَدَ. رِوَايَةً أُخْرَى أَنَّ الثَّمَنَ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ رُءُوسِ أَمْوَالِهِمَا؛ لِأَنَّ بَيْعَ الْمُرَابَحَةِ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ فِي مُقَابَلَةِ رَأْسِ الْمَالِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>