للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثَّانِي أَنْ يَكُونَ فِي بَيْعِهِ غِبْطَةٌ؛ وَهُوَ أَنْ يَدْفَعَ فِيهِ زِيَادَةً كَثِيرَةً عَلَى ثَمَنِ الْمِثْلِ، قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ كَالثُّلُثِ وَنَحْوِهِ أَوْ يَخَافُ عَلَيْهِ الْهَلَاكَ بِغَرَقٍ أَوْ خَرَابٍ أَوْ نَحْوِهِ، وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ.

وَكَلَامُ أَحْمَدَ يَقْتَضِي إبَاحَةَ الْبَيْعِ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ يَكُونُ نَظَرًا لَهُمْ، وَلَا يَخْتَصُّ بِمَا ذَكَرُوهُ. وَقَدْ يَرَى الْوَلِيُّ الْحَظَّ فِي غَيْرِ هَذَا، مِثْلُ أَنْ يَكُونَ فِي مَكَان لَا يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ نَفْعُهُ قَلِيلٌ، فَيَبِيعُهُ وَيَشْتَرِي لَهُ فِي مَكَان يَكْثُرُ نَفْعُهُ، أَوْ يَرَى شَيْئًا فِي شِرَائِهِ غِبْطَةٌ وَلَا يُمْكِنُهُ شِرَاؤُهُ إلَّا بِبَيْعِ عَقَارِهِ. وَقَدْ تَكُونُ دَارُهُ فِي مَكَان يَتَضَرَّرُ الْغُلَامُ بِالْمُقَامِ فِيهَا، لِسُوءِ الْجِوَارِ أَوْ غَيْرِهِ فَيَبِيعُهَا وَيَشْتَرِي لَهُ بِثَمَنِهَا دَارًا يَصْلُحُ لَهُ الْمُقَامُ بِهَا، وَأَشْبَاهُ هَذَا مِمَّا لَا يَنْحَصِرُ. وَقَدْ لَا يَكُونُ لَهُ حَظٌّ فِي بَيْعِ عَقَارِهِ وَإِنْ دَفَعَ فِيهِ مِثْلَا ثَمَنِهِ إمَّا لِحَاجَتِهِ إلَيْهِ، وَإِمَّا لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ صَرْفُ ثَمَنِهِ فِي مِثْلِهِ فَيَضِيعُ الثَّمَنُ وَلَا يُبَارَكُ فِيهِ. فَقَدْ جَاءَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ بَاعَ دَارًا أَوْ عَقَارًا، وَلَمْ يَصْرِفْ ثَمَنَهُ فِي مِثْلِهِ لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ» فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ إذَا فَلَا مَعْنَى لِتَقْيِيدِهِ بِمَا ذَكَرُوهُ فِي الْجَوَازِ، وَلَا فِي الْمَنْعِ، بَلْ مَتَى كَانَ بَيْعُهُ أَحْظَ لَهُ جَازَ بَيْعُهُ وَإِلَّا فَلَا.

[فَصْلٌ لِوَلِيِّ الْيَتِيم كِتَابَة رَقِيق الْيَتِيم وَإِعْتَاقه عَلَى مَال]

(٣١٤٠) فَصْلٌ: وَيَجُوزُ لِوَلِيِّ الْيَتِيمِ كِتَابَةُ رَقِيقِ الْيَتِيمِ وَإِعْتَاقُهُ عَلَى مَالٍ، إذَا كَانَ الْحَظُّ فِيهِ، مِثْلُ أَنْ تَكُونَ قِيمَتُهُ أَلْفًا، فَيُكَاتِبَهُ بِأَلْفَيْنِ أَوْ يُعْتِقَهُ بِأَلْفَيْنِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا حَظُّ، لَمْ يَصِحَّ. وَقَالَ مَالِكٌ، وَأَبُو حَنِيفَةَ: لَا يَجُوزُ إعْتَاقُهُ؛ لِأَنَّ الْإِعْتَاقَ بِمَالٍ تَعْلِيقٌ لَهُ عَلَى شَرْطٍ، فَلَمْ يَمْلِكْهُ وَلِيُّ الْيَتِيمِ، كَالتَّعْلِيقِ عَلَى دُخُولِ الدَّارِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا تَجُوزُ كِتَابَتُهُ، وَلَا إعْتَاقُهُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُمَا الْعِتْقُ، دُونَ الْمُعَاوَضَةِ، فَلَمْ تَجُزْ، كَالْإِعْتَاقِ بِغَيْرِ عِوَضٍ.

وَلَنَا، إنَّهَا مُعَاوَضَةٌ لِلْيَتِيمِ فِيهَا حَظُّ، فَمَلَكَهَا وَلِيُّهُ، كَبَيْعِهِ، وَلَا عِبْرَةَ بِنَفْعِ الْعَقْدِ، وَلَا يَضُرُّهُ كَوْنُهُ تَعْلِيقًا، فَإِنَّهُ إذَا حَصَلَ الْحَظُّ لِلْيَتِيمِ، لَا يَضُرُّهُ نَفْعُ غَيْرِهِ، وَلَا كَوْنُ الْعِتْقِ حَصَلَ بِالتَّعْلِيقِ، وَفَارَقَ مَا قَاسُوا عَلَيْهِ؛ فَإِنَّهُ لَا نَفْعَ فِيهِ، فَمُنِعَ مِنْهُ، لِعَدَمِ الْحَظِّ وَانْتِفَاءِ الْمُقْتَضِي، لَا لِمَا ذَكَرُوهُ. وَلَوْ قُدِّرَ أَنْ يَكُونُ فِي الْعِتْقِ بِغَيْرِ مَالٍ نَفْعٌ، كَانَ نَادِرًا. وَيَتَوَجَّهُ أَنْ يَصِحَّ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَتَوَجَّهُ الْعِتْقُ بِغَيْرِ عِوَضٍ لِلْحَظِّ، مِثْلُ أَنْ يَكُونَ لِلْيَتِيمِ جَارِيَةٌ وَابْنَتُهَا، يُسَاوَيَانِ مِائَةً مُجْتَمَعَتَيْنِ، وَلَوْ أُفْرِدَتْ إحْدَاهُمَا سَاوَتْ مِائَتَيْنِ، وَلَا يُمْكِنُ إفْرَادُهَا بِالْبَيْعِ، فَيُعْتِقُ الْأُخْرَى، لِتَكْثُرَ قِيمَةُ الْبَاقِيَةِ، فَتَصِيرُ ضِعْفَ قِيمَتِهَا.

[فَصْلٌ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَشْتَرِي لِلْيَتِيمِ أُضْحِيَّة]

(٣١٤١) فَصْلٌ: قَالَ أَحْمَدُ وَيَجُوزُ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَشْتَرِيَ لِلْيَتِيمِ أُضْحِيَّةً، إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ. يَعْنِي مَالًا كَثِيرًا لَا يَتَضَرَّرُ بِشِرَاءِ الْأُضْحِيَّةِ، فَيَكُونُ ذَلِكَ، وَعَلَى وَجْهِ التَّوْسِعَةِ فِي النَّفَقَةِ فِي هَذَا الْيَوْمِ، الَّذِي

<<  <  ج: ص:  >  >>