للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَمْ يَجُزْ.

وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ وَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو يُوسُفَ وَأَبُو ثَوْرٍ وَالْمُزَنِيُّ وَابْنُ الْمُنْذِرِ يَجُوزُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ زَادَهُ رَهْنًا جَازَ، فَكَذَلِكَ إذَا زَادَ فِي دَيْنِ الرَّهْنِ، وَلِأَنَّهُ لَوْ فَدَى الْمُرْتَهِنُ الْعَبْدَ الْجَانِي بِإِذْنِ الرَّاهِنِ، لِيَكُونَ رَهْنًا بِالْمَالِ الْأَوَّلِ وَبِمَا فَدَاهُ بِهِ، جَازَ، فَكَذَلِكَ هَاهُنَا، وَلِأَنَّهَا وَثِيقَةٌ مَحْضَةٌ، فَجَازَتْ الزِّيَادَةُ فِيهَا كَالضَّمَانِ

وَلَنَا، أَنَّهَا عَيْنٌ مَرْهُونَةٌ، فَلَمْ يَجُزْ رَهْنُهَا بِدَيْنٍ آخَرَ، كَمَا لَوْ رَهَنَهَا عِنْدَ غَيْرِ الْمُرْتَهِنِ، فَأَمَّا الزِّيَادَةُ فِي الرَّهْنِ فَيَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ زِيَادَةُ اسْتِيثَاقٍ، بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا، وَأَمَّا الْعَبْدُ الْجَانِي فَيَصِحُّ فِدَاؤُهُ، لِيَكُونَ رَهْنًا بِالْفِدَاءِ وَالْمَالِ الْأَوَّلِ، لِكَوْنِ الرَّهْنِ لَا يَمْنَعُ تَعَلُّقَ الْأَرْشِ بِالْجَانِي، لِكَوْنِ الْجِنَايَةِ أَقْوَى، وَلِأَنَّ لِوَلِيِّ الْجِنَايَةِ الْمُطَالَبَةَ بِبَيْعِ الرَّهْنِ وَإِخْرَاجِهِ مِنْ الرَّهْنِ، فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ الرَّهْنِ الْجَائِزِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَزِيدَهُ فِي الرَّهْنِ الْجَائِزِ حَقًّا قَبْلَ لُزُومِهِ، فَكَذَلِكَ إذَا صَارَ جَائِزًا بِالْجِنَايَةِ، وَيُفَارِقُ الرَّهْنُ الضَّمَانَ؛ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَضْمَنَ لِغَيْرِهِ

إذَا ثَبَتَ هَذَا، فَرَهَنَهُ بِحَقٍّ ثَانٍ كَانَ رَهْنًا بِالْأَوَّلِ خَاصَّةً، فَإِنْ شَهِدَ بِذَلِكَ شَاهِدَانِ يَعْتَقِدَانِ فَسَادَهُ، لَمْ يَكُنْ لَهُمَا أَنْ يَشْهَدَا بِهِ، وَإِنْ اعْتَقَدَا صِحَّتَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا أَنْ يَشْهَدَا أَنَّهُ رَهَنَهُ بِالْحَقَّيْنِ مُطْلَقًا، بَلْ يَشْهَدَانِ بِكَيْفِيَّةِ الْحَالِ، لِيَرَى الْحَاكِمُ فِيهِ رَأْيَهُ.

[فَصْلٌ رَهْنُ سَوَادِ الْعِرَاقِ وَالْأَرْضِ الْمَوْقُوفَةِ]

(٣٣٠٥) فَصْلٌ: وَأَمَّا رَهْنُ سَوَادِ الْعِرَاقِ، وَالْأَرْضِ الْمَوْقُوفَةِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَالصَّحِيحُ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا، فَكَذَلِكَ رَهْنُهَا. وَهَذَا مَنْصُوصُ الشَّافِعِيِّ وَمَا كَانَ فِيهَا مِنْ بِنَائِهَا، فَحُكْمُهُ حُكْمُهَا، وَمَا كَانَ فِيهَا مِنْ غَيْرِ تُرَابِهَا أَوْ مِنْ الشَّجَرِ الْمُجَدَّدِ فِيهَا، إنْ أَفْرَدَهُ بِالْبَيْعِ وَالرَّهْنِ، فَهَلْ يَصِحُّ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، نَصَّ عَلَيْهِمَا فِي الْبَيْعِ؛ إحْدَاهُمَا: يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ طَلْقٌ.

وَالثَّانِيَةُ، لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَلَا رَهْنُهُ، فَهُوَ كَأَسَاسَاتِ الْحِيطَانِ. وَإِنْ رَهَنَهُ مَعَ الْأَرْضِ، بَطَلَ فِي الْأَرْضِ، وَهَلْ يَجُوزُ فِي الْأَشْجَارِ وَالْبِنَاءِ عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي يَجُوزُ رَهْنُهَا مُنْفَرِدَةً؟ يُخَرَّجُ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ. وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ. - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -

[فَصْلٌ رَهْنُ الْمَجْهُولِ]

(٣٣٠٦) فَصْلٌ: وَلَا يَصِحُّ رَهْنُ الْمَجْهُولِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ، فَلَوْ قَالَ: رَهَنْتُك هَذَا الْجِرَابَ أَوْ الْبَيْتَ أَوْ الْخَرِيطَةَ بِمَا فِيهَا. لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ. وَإِنْ لَمْ يَقْلُ: بِمَا فِيهَا. صَحَّ رَهْنُهَا؛ لِلْعِلْمِ بِهَا، إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِمَّا لَا قِيمَةَ لَهُ، كَالْجِرَابِ الْخَلِقِ وَنَحْوِهِ. وَلَوْ قَالَ: رَهَنْتُك أَحَدَ هَذَيْنِ الْعَبْدَيْنِ. لَمْ يَصِحَّ؛ لِعَدَمِ التَّعْيِينِ.

وَفِي الْجُمْلَةِ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ لِلْعِلْمِ فِي الرَّهْنِ مَا يُعْتَبَرُ فِي الْبَيْعِ، وَكَذَلِكَ الْقُدْرَةُ عَلَى التَّسْلِيمِ، فَلَا يَصِحُّ رَهْنُ الْآبِقِ وَلَا الْجَمَلِ الشَّارِدِ، وَلَا غَيْرِ مَمْلُوكٍ.

[فَصْلٌ رَهَنَ عَبْدًا أَوْ بَاعَهُ يَعْتَقِدُهُ مَغْصُوبًا فَبَانَ مِلْكُهُ]

(٣٣٠٧) فَصْلٌ: وَلَوْ رَهَنَ عَبْدًا، أَوْ بَاعَهُ، يَعْتَقِدُهُ مَغْصُوبًا، فَبَانَ مِلْكُهُ، مِثْلُ إنْ رَهَنَ عَبْدَ أَبِيهِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>