للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا بِهَا، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي تَلَفِ الْعَيْنِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّ يَدَهُ يَدُ أَمَانَةٍ، وَيَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى التَّلَفِ، فَقُبِلَ قَوْلُهُ فِيهِ، كَالْمُودَعِ.

[فَصْلٌ قَالَ بِعْتُك هَذَا الثَّوْبَ عَلَى أَنْ تَرْهَنَنِي بِثَمَنِهِ عَبْدَيْك هَذَيْنِ قَالَ بَلْ عَلَى أَنْ أَرْهَنَك هَذَا وَحْدَهُ]

(٣٣٩٠) فَصْلٌ: فَإِنْ قَالَ: بِعْتُك هَذَا الثَّوْبَ، عَلَى أَنْ تَرْهَنَنِي بِثَمَنِهِ عَبْدَيْك هَذَيْنِ. قَالَ: بَلْ عَلَى أَنْ أَرْهَنَك هَذَا وَحْدَهُ. فَفِيهَا رِوَايَتَانِ، حَكَاهُمَا الْقَاضِي، إحْدَاهُمَا، يَتَحَالَفَانِ، لِأَنَّهُ اخْتِلَافٌ فِي الْبَيْعِ، فَهُوَ كَالِاخْتِلَافِ فِي الثَّمَنِ. وَالثَّانِيَةُ، الْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاهِنِ؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ لِشَرْطِ رَهْنِ الْعَبْدِ الَّذِي اخْتَلَفَا فِيهِ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ، وَهَذَا أَصَحُّ.

(٣٣٩١) فَصْلٌ: وَإِنْ قَالَ: أَرْسَلْت وَكِيلَك، فَرَهَنَنِي عَبْدَك، عَلَى عِشْرِينَ قَبَضَهَا. قَالَ: مَا أَمَرْته بِرَهْنِهِ إلَّا بِعَشْرَةِ، وَلَا قَبَضْت إلَّا عَشَرَةً سُئِلَ الرَّسُولُ، فَإِنْ صَدَّقَ الرَّاهِنَ، فَعَلَيْهِ الْيَمِينُ أَنَّهُ مَا رَهَنَهُ إلَّا بِعَشْرَةِ، وَلَا قَبَضَ إلَّا عَشَرَةً، وَلَا يَمِينَ عَلَى الرَّاهِنِ، لِأَنَّ الدَّعْوَى عَلَى غَيْرِهِ، فَإِذَا حَلَفَ الْوَكِيلُ بَرِئَا جَمِيعًا، وَإِنْ نَكِلَ، فَعَلَيْهِ الْعَشَرَةُ الْمُخْتَلَفُ فِيهَا، وَلَا يَرْجِعُ بِهَا عَلَى أَحَدٍ؛ لِأَنَّهُ يُصَدِّقُ الرَّاهِنَ فِي أَنَّهُ مَا أَخَذَهَا، وَلَا أَمَرَهُ بِأَخْذِهَا، وَإِنَّمَا الْمُرْتَهِنُ ظَلَمَهُ. وَإِنْ صَدَّقَ الْوَكِيلُ الْمُرْتَهِنَ، وَادَّعَى أَنَّهُ سَلَّمَ الْعِشْرِينَ إلَى الرَّاهِنِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاهِنِ مَعَ يَمِينه. فَإِنْ نَكِلَ، قُضِيَ عَلَيْهِ بِالْعَشَرَةِ، وَيَدْفَعُ إلَى الْمُرْتَهِنِ، وَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ، وَعَلَى الرَّسُولِ غَرَامَةُ الْعَشَرَةِ لِلْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّهُ يَزْعُمُ أَنَّهَا حَقٌّ لَهُ وَإِنَّمَا الرَّاهِنُ ظَلَمَهُ. وَإِنْ عَدِمَ الرَّسُولَ، أَوْ تَعَذَّرَ إحْلَافُهُ، فَعَلَى الرَّاهِنِ الْيَمِينُ أَنَّهُ مَا أَذِنَ فِي رَهْنِهِ إلَّا بِعَشْرَةٍ، وَلَا قَبَضَ أَكْثَرَ مِنْهَا، وَيَبْقَى الرَّهْنُ بِالْعَشَرَةِ الْأُخْرَى.

(٣٣٩٢) فَصْلٌ: إذَا كَانَ عَلَى رَجُلٍ أَلْفَانِ، أَحَدُهُمَا بِرَهْنٍ، وَالْآخَرُ بِغَيْرِ رَهْنٍ، فَقَضَى أَلْفًا، وَقَالَ: قَضَيْت دَيْنَ الرَّهْنِ. وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ: بَلْ قَضَيْت الدَّيْنَ الْآخَرَ. فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاهِنِ مَعَ يَمِينه، سَوَاءٌ اخْتَلَفَا فِي نِيَّةِ الرَّاهِنِ بِذَلِكَ أَوْ فِي لَفْظِهِ؛ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِنِيَّتِهِ وَصِفَةِ، دَفْعِهِ، وَلِأَنَّهُ يَقُولُ: إنَّ الدَّيْنَ الْبَاقِيَ بِلَا رَهْنٍ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي أَصْلِ الرَّهْنِ، فَكَذَلِكَ فِي صِفَتِهِ، وَإِنْ أَطْلَقَ الْقَضَاءَ، وَلَمْ يَنْوِ شَيْئًا، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَهُ صَرْفُهَا إلَى أَيِّهِمَا شَاءَ، كَمَا لَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ حَاضِرٌ وَغَائِبٌ، فَأَدَّى قَدْرَ زَكَاةِ أَحَدِهِمَا، كَانَ لَهُ أَنْ يُعَيِّنَ عَنْ أَيِّ الْمَالَيْنِ شَاءَ. وَهَذَا قَوْلُ بَعْضِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ، وَقَالَ بَعْضِهِمْ: يَقَعُ الدَّفْعُ عَنْ الدَّيْنَيْنِ مَعًا، عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُهُ؛ لِأَنَّهُمَا تَسَاوَيَا فِي الْقَضَاءِ، فَتُسَاوَيَا فِي وُقُوعِهِ عَنْهُمَا، فَأَمَّا إنْ أَبْرَأَهُ الْمُرْتَهِنُ مِنْ أَحَدِ الدَّيْنَيْنِ، وَاخْتَلَفَا، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ، عَلَى التَّفْصِيلِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي الرَّاهِنِ، ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ.

[فَصْلٌ اتَّفَقَ الْمُتَرَاهِنَانِ عَلَى قَبْضِ الْعَدْلِ لِلرَّهْنِ]

(٣٣٩٣) فَصْلٌ: وَإِذَا اتَّفَقَ الْمُتَرَاهِنَانِ عَلَى قَبْضِ الْعَدْلِ لِلرَّهْنِ لَزِمَ الرَّهْنُ فِي حَقِّهِمَا، وَلَمْ يَضُرَّ إنْكَارُهُ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا، وَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا: قَبَضَهُ الْعَدْلُ. فَأَنْكَرَ الْآخَرُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ، كَمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>