للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُسْقِطُ صَدَاقَهَا، أَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ دُخُولِهِ بِهَا، فَاسْتَحَقَّ الرُّجُوعَ فِي نِصْفِهِ، وَقَدْ أَفْلَسَتْ وَوَجَدَ عَيْنَ مَالِهِ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا؛ لِمَا ذَكَرْنَا.

[مَسْأَلَةٌ الْبَائِعَ يَسْتَحِقُّ الرُّجُوعَ فِي السِّلْعَةِ بِخَمْسِ شَرَائِط]

(٣٤١٢) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (فَإِنْ كَانَتْ السِّلْعَةُ قَدْ تَلِفَ بَعْضُهَا، أَوْ مَزِيدَةً بِمَا لَا تَنْفَصِلُ زِيَادَتُهَا، أَوْ نَقَدَ بَعْضَ ثَمَنِهَا، كَانَ الْبَائِعُ فِيهَا كَأُسْوَةِ الْغُرَمَاءِ) وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ الْبَائِعَ إنَّمَا يَسْتَحِقُّ الرُّجُوعَ فِي السِّلْعَةِ بِخَمْسِ شَرَائِطَ؛ أَحَدُهَا، أَنْ تَكُونَ السِّلْعَةُ بَاقِيَةً بِعَيْنِهَا، لَمْ يَتْلَفْ بَعْضُهَا، فَإِنْ تَلِفَ جُزْءٌ مِنْهَا كَبَعْضِ أَطْرَافِ الْعَبْدِ، أَوْ ذَهَبَتْ عَيْنُهُ، أَوْ تَلِفَ بَعْضُ الثَّوْبِ، أَوْ انْهَدَمَ بَعْضُ الدَّارِ، أَوْ اشْتَرَى شَجَرًا مُثْمِرًا لَمْ تَظْهَرْ ثَمَرَتُهُ، فَتَلْفِت الثَّمَرَةُ، أَوْ نَحْوُ هَذَا، لَمْ يَكُنْ لِلْبَائِعِ الرُّجُوعُ، وَكَانَ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ

وَبِهَذَا قَالَ إِسْحَاقُ. وَقَالَ مَالِكٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ، وَالْعَنْبَرِيُّ: لَهُ الرُّجُوعُ فِي الْبَاقِي، وَيَضْرِبُ مَعَ الْغُرَمَاءِ بِحِصَّةِ التَّالِفِ؛ لِأَنَّهَا عَيْنٌ يَمْلِكُ الرُّجُوعَ فِي جَمِيعِهَا، فَمَلَكَ الرُّجُوعَ فِي بَعْضِهَا، كَاَلَّذِي لَهُ الْخِيَارُ، وَكَالْأَبِ فِيمَا وَهَبَ لِوَلَدِهِ

وَلَنَا، قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ أَدْرَكَ مَتَاعَهُ بِعَيْنِهِ عِنْدَ إنْسَانٍ قَدْ أَفْلَسَ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ» . فَشَرَطَ أَنْ يَجِدَهُ بِعَيْنِهِ، وَلَمْ يَجِدْهُ بِعَيْنِهِ. وَلِأَنَّهُ إذَا أَدْرَكَهُ بِعَيْنِهِ، حَصَلَ لَهُ بِالرُّجُوعِ فَصْلُ الْخُصُومَةِ، وَانْقِطَاعُ مَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْمُعَامَلَةِ، بِخِلَافِ مَا إذَا وَجَدَ بَعْضَهُ. وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَرْضَى بِالْمَوْجُودِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، أَوْ يَأْخُذَهُ بِقِسْطِهِ مِنْ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ فَاتَ شَرْطُ الرُّجُوعِ

وَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ عَيْنَيْنِ، كَعَبْدَيْنِ، أَوْ ثَوْبَيْنِ تَلِفَ أَحَدُهُمَا، أَوْ بَعْضُ أَحَدُهُمَا، فَفِي جَوَازِ الرُّجُوعِ فِي الْبَاقِي مِنْهُمَا رِوَايَتَانِ؛ إحْدَاهُمَا، لَا يَرْجِعُ. نَقَلَهَا أَبُو طَالِبٍ، عَنْ أَحْمَدَ، قَالَ: لَا يَرْجِعُ بِبَقِيَّةِ الْعَيْنِ، وَيَكُونُ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجِدْ الْمَبِيعِ بِعَيْنِهِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ كَانَ عَيْنًا وَاحِدَةً. وَلِأَنَّ بَعْضَ الْمَبِيعِ تَالِفٌ، فَلَمْ يَمْلِكْ الرُّجُوعَ، كَمَا لَوْ قُطِعَتْ يَدُ الْعَبْدِ

وَنَقَلَ الْحَسَنُ بْنُ ثَوَابٍ عَنْ أَحْمَدَ، إنْ كَانَ ثَوْبًا وَاحِدًا، فَتَلِفَ بَعْضُهُ، فَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ، وَإِنْ كَانَ رِزَمًا، فَتَلِفَ بَعْضُهَا، فَإِنَّهُ يَأْخُذُ بِقِيمَتِهَا إذَا كَانَ بِعَيْنِهِ؛ لِأَنَّ السَّالِمَ مِنْ الْمَبِيعِ وَجَدَهُ الْبَائِعُ بِعَيْنِهِ، فَيَدْخُلُ فِي عُمُومِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ أَدْرَكَ مَتَاعَهُ بِعَيْنِهِ عِنْدَ إنْسَانٍ قَدْ أَفْلَسَ. فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ» .

وَلِأَنَّهُ مَبِيعٌ، وَجَدَهُ بِعَيْنِهِ، فَكَانَ لِلْبَائِعِ الرُّجُوعُ فِيهِ، كَمَا لَوْ كَانَ جَمِيعَ الْمَبِيعِ.

[فَصْلٌ بَاعَ بَعْضَ الْمَبِيعِ أَوْ وَهَبَهُ أَوْ وَقَفَهُ]

(٣٤١٣) فَصْلٌ: وَإِنْ بَاعَ بَعْضَ الْمَبِيعِ، أَوْ وَهَبَهُ، أَوْ وَقَفَهُ، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ تَلَفِهِ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ مَا أَدْرَكَ مَالَهُ بِعَيْنِهِ.

[فَصْلٌ نَقَصَتْ مَالِيَّةُ الْمَبِيعِ لِذَهَابِ صِفَةٍ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ]

(٣٤١٤) فَصْلٌ: وَإِنْ نَقَصَتْ مَالِيَّةُ الْمَبِيعِ، لِذَهَابِ صِفَةٍ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ، كَعَبْدٍ هَزِلَ، أَوْ نَسِيَ صِنَاعَةً أَوْ كِتَابَةً، أَوْ كَبِرَ، أَوْ مَرِضَ، أَوْ تَغَيَّرَ عَقْلُهُ، أَوْ كَانَ ثَوْبًا فَخَلِقَ، لَمْ يَمْنَعْ الرُّجُوعَ؛ لِأَنَّ فَقْدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>