للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدُهَا، أَنَّ عَمَّارًا الرَّاوِيَ لَهُ الْحَاكِيَ لِفِعْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَفْتَى بَعْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي التَّيَمُّمِ لِلْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ عَمَلًا بِالْحَدِيثِ. وَقَدْ شَاهَدَ فِعْلَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْفِعْلُ لَا احْتِمَالَ فِيهِ.

وَالثَّانِي أَنَّهُ قَالَ ضَرْبَةٌ وَاحِدَةٌ، وَهُمْ يَقُولُونَ ضَرْبَتَانِ. وَالثَّالِثُ أَنَّنَا لَا نَعْرِفُ فِي اللُّغَةِ التَّعْبِيرَ بِالْكَفَّيْنِ عَنْ الذِّرَاعَيْنِ.

وَالرَّابِعُ أَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الْخَبَرَيْنِ بِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْفِعْلَيْنِ جَائِزٌ أَقْرَبُ مِنْ تَأْوِيلِهِمْ وَأَسْهَلُ، وَقِيَاسُهُمْ يَنْتَقِضُ بِالتَّيَمُّمِ عَنْ الْغُسْلِ الْوَاجِبِ، فَإِنَّهُ يَنْقُصُ عَنْ الْمُبْدَلِ، وَكَذَلِكَ فِي الْوُضُوءِ، فَإِنَّهُ فِي أَرْبَعَةِ أَعْضَاءَ، وَالتَّيَمُّمُ فِي عُضْوَيْنِ، وَكَذَا نَقُولُ فِي الْوَجْهِ، فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ مَسْحُ مَا تَحْتَ الشُّعُورِ الْخَفِيفَةِ، وَلَا الْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ.

[فَصْل التَّيَمُّمُ بِضَرْبَةِ وَاحِدَةٍ وَبِضَرْبَتَيْنِ]

(٣٤٩) فَصْلٌ: وَلَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ أَنَّهُ يُجْزِئُ التَّيَمُّمُ بِضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ وَبِضَرْبَتَيْنِ، وَإِنْ تَيَمَّمَ بِأَكْثَرَ مِنْ ضَرْبَتَيْنِ جَازَ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ إيصَالُ التُّرَابِ إلَى مَحَلِّ الْفَرْضِ، فَكَيْفَمَا حَصَلَ جَازَ، كَالْوُضُوءِ

[فَصْل وَصَلَ التُّرَابُ إلَى وَجْهِهِ وَيَدَيْهِ بِغَيْرِ ضَرْبٍ]

(٣٥٠) فَصْلٌ: فَإِنْ وَصَلَ التُّرَابُ إلَى وَجْهِهِ وَيَدَيْهِ بِغَيْرِ ضَرْبٍ، نَحْوُ أَنْ يَنْسِفَ الرِّيحُ عَلَيْهِ غُبَارًا يَعُمُّهُ، فَإِنْ كَانَ قَصَدَ ذَلِكَ، وَأَحْضَرَ النِّيَّةَ، احْتَمَلَ أَنْ يُجْزِئَهُ، كَمَا لَوْ صَمَدَ لِلْمَطَرِ حَتَّى جَرَى عَلَى أَعْضَائِهِ. وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْسَحْ بِهِ، وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِالْمَسْحِ بِهِ. فَإِنْ مَسَحَ وَجْهَهُ بِمَا عَلَى وَجْهِهِ، احْتَمَلَ أَنْ يُجْزِئَهُ؛ لِأَنَّهُ مَسَحَ بِالتُّرَابِ، وَاحْتَمَلَ أَنْ لَا يُجْزِئَهُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِقَصْدِ الصَّعِيدِ وَالْمَسْحِ بِهِ، وَلَمْ يَأْخُذْ الصَّعِيدَ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَصَدَ الرِّيحَ، وَلَا صَمَدَ لَهَا، فَأَخَذَ غَيْرَ مَا عَلَى وَجْهِهِ، فَمَسَحَ بِهِ وَجْهَهُ، جَازَ. وَإِنْ أَمَرَّ مَا عَلَى وَجْهِهِ، مِنْهُ عَلَى وَجْهِهِ، لَمْ يُجْزِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ التُّرَابَ لِوَجْهِهِ

[فَصْل عَلَا عَلَى يَد الْمُتَيَمِّم تُرَابٌ كَثِيرٌ]

(٣٥١) فَصْلٌ: إذَا عَلَا عَلَى يَدَيْهِ تُرَابٌ كَثِيرٌ، لَمْ يُكْرَهْ نَفْخُهُ؛ فَإِنَّ فِي حَدِيثِ عَمَّارٍ «، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ضَرَبَ بِكَفَّيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>