للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ صَالِح عَنْ دَارٍ أَوْ عَبْدٍ بِعِوَضِ]

(٣٥١٠) فَصْل: وَلَوْ صَالَحَ عَنْ دَارٍ أَوْ عَبْدٍ بِعِوَضِ، فَوَجَدَ الْعِوَضَ مُسْتَحَقًّا أَوْ حُرًّا، رَجَعَ فِي الدَّارِ وَمَا صَالَحَ عَنْهُ، أَوْ بِقِيمَتِهِ إنْ كَانَ تَالِفًا؛ لِأَنَّ الصُّلْحَ هَاهُنَا بَيْعٌ فِي الْحَقِيقَةِ، فَإِذَا تَبَيَّنَ أَنَّ الْعِوَضَ كَانَ مُسْتَحَقًّا أَوْ حُرًّا كَانَ الْبَيْعُ فَاسِدًا، فَرَجَعَ فِيمَا كَانَ لَهُ، بِخِلَافِ الصُّلْحِ عَنْ الْقِصَاصِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بِبَيْعٍ وَإِنَّمَا يَأْخُذُ عِوَضًا عَنْ إسْقَاطِ الْقِصَاصِ.

وَلَوْ اشْتَرَى شَيْئًا فَوَجَدَهُ مَعِيبًا، فَصَالَحَهُ عَنْهُ بِعَبْدٍ، فَبَانَ مُسْتَحَقًّا أَوْ حُرًّا، رَجَعَ بِأَرْشِ الْعَيْبِ. وَلَوْ كَانَ الْبَائِعُ امْرَأَةً، فَزَوْجَته نَفْسَهَا عِوَضًا عَنْ أَرْشِ الْعَيْبِ، فَزَالَ الْعَيْبُ رَجَعَتْ بِأَرْشِهِ، لَا بِمَهْرِ الْمِثْلِ لِأَنَّهَا رَضِيَتْ ذَلِكَ مَهْرًا لَهَا.

[فَصْل صَالِحه عَنْ الْقِصَاصِ بَحْر يَعْلَمَانِ حُرِّيَّته]

(٣٥١١) فَصْلٌ: وَلَوْ صَالَحَهُ عَنْ الْقِصَاصِ بِحُرٍّ يَعْلَمَانِ حُرِّيَّتَهُ أَوْ عَبْدٍ يَعْلَمَانِ أَنَّهُ مُسْتَحَقٌّ، أَوْ تَصَالَحَا بِذَلِكَ عَنْ غَيْرِ الْقِصَاصِ، رَجَعَ بِالدِّيَةِ وَبِمَا صَالَحَ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الصُّلْحَ هَاهُنَا بَاطِلٌ يَعْلَمَانِ بُطْلَانَهُ، فَكَانَ وُجُودُهُ كَعَدَمِهِ.

[فَصْلٌ صَالِح رَجُلًا عَلَى مَوْضِعِ قَنَاةٍ مِنْ أَرْضِهِ يَجْرِي فِيهَا مَاءٌ]

(٣٥١٢) فَصْلٌ: إذَا صَالَحَ رَجُلًا عَلَى مَوْضِعِ قَنَاةٍ مِنْ أَرْضِهِ يَجْرِي فِيهَا مَاءٌ، بَيَّنَّا مَوْضِعَهَا وَعَرْضَهَا وَطُولَهَا، جَازَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ بَيْعٌ لَمَوْضِعٍ مِنْ أَرْضِهِ، وَلَا حَاجَةَ إلَى بَيَانِ عُمْقِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا مَلَكَ الْمَوْضِعَ كَانَ لَهُ إلَى تُخُومِهِ، فَلَهُ أَنْ يَتْرُكَ فِيهِ مَا شَاءَ. وَإِنْ صَالَحَهُ عَلَى إجْرَاءِ الْمَاءِ فِي سَاقِيَةٍ مِنْ أَرْضِ رَبِّ الْأَرْضِ، مَعَ بَقَاءِ مِلْكِهِ عَلَيْهَا، فَهَذَا إجَارَةٌ لِلْأَرْضِ، فَيَشْتَرِطُ تَقْدِيرُ الْمُدَّةِ؛ لِأَنَّ هَذَا شَأْنُ الْإِجَارَةِ. فَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ فِي يَدِ رَجُلٍ بِإِجَارَةٍ، جَازَ لَهُ أَنْ يُصَالِحَ رَجُلًا عَلَى إجْرَاءِ الْمَاءِ فِيهَا فِي سَاقِيَةٍ مَحْفُورَةٍ مُدَّةً لَا تُجَاوِزُ مُدَّةَ إجَارَتِهِ. وَإِنْ لَمْ تَكُنْ السَّاقِيَةُ مَحْفُورَةً لَمْ يَجُزْ أَنْ يُصَالِحَهُ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ إحْدَاثُ سَاقِيَةٍ فِي أَرْضٍ فِي يَدِهِ بِإِجَارَةِ.

فَأَمَّا إنْ كَانَتْ الْأَرْضُ فِي يَدِهِ وَقْفًا عَلَيْهِ، فَقَالَ الْقَاضِي: هُوَ كَالْمُسْتَأْجِرِ، لَهُ أَنْ يُصَالِحَ إجْرَاءَ الْمَاءِ فِي سَاقِيَةٍ مَحْفُورَةٍ فِي مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْفِرَ فِيهَا سَاقِيَةً؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهَا، إنَّمَا يَسْتَوْفِي مَنْفَعَتَهَا، كَالْأَرْضِ الْمُسْتَأْجَرَةِ سَوَاءً. وَهَذَا كُلُّهُ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَالْأَوْلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ حَفْرُ السَّاقِيَةِ؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ لَهُ، وَلَهُ التَّصَرُّفُ فِيهَا كَيْفَمَا شَاءَ، مَا لَمْ يَنْقُلْ الْمِلْكَ فِيهَا إلَى غَيْرِهِ، بِخِلَافِ الْمُسْتَأْجِرِ، فَإِنَّهُ إنَّمَا يَتَصَرَّفُ فِيهَا بِمَا أُذِنَ لَهُ فِيهِ، فَكَانَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ بِمَنْزِلَةِ الْمُسْتَأْجِرِ إذَا أُذِنَ لَهُ فِي الْحَفْرِ، فَإِنْ مَاتَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ، فَهَلْ لِمَنْ انْتَقَلَ إلَيْهِ فَسْخُ الصُّلْحِ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، بِنَاءً عَلَى مَا إذَا آجَرَهُ مُدَّةً، فَمَاتَ فِي أَثْنَائِهَا. فَإِنْ قُلْنَا: لَهُ فَسْخُ الصُّلْحِ. فَفَسَخَهُ، رَجَعَ الْمُصَالِحُ عَلَى وَرَثَةِ الَّذِي صَالَحَهُ بِقِسْطِ مَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ. وَإِنْ قُلْنَا: لَيْسَ لَهُ الْفَسْخُ. رَجَعَ مِنْ انْتَقَلَ إلَيْهِ الْوَقْفُ عَلَى الْوَرَثَة.

[فَصْلٌ صَالِح رَجُلًا عَلَى إجْرَاءِ مَاءِ سَطْحِهِ مِنْ الْمَطَرِ عَلَى سَطْحِهِ]

(٣٥١٣) فَصْلٌ: وَإِنْ صَالَحَ رَجُلًا عَلَى إجْرَاءِ مَاءِ سَطْحِهِ مِنْ الْمَطَرِ عَلَى سَطْحِهِ أَوْ فِي أَرْضِهِ عَنْ سَطْحِهِ، أَوْ فِي أَرْضِهِ عَنْ أَرْضِهِ، جَازَ، إذَا كَانَ مَا يَجْرِي مَاءً مَعْلُومًا، إمَّا بِالْمُشَاهَدَةِ، وَإِمَّا بِمَعْرِفَةِ الْمِسَاحَةِ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ يَخْتَلِفُ بِصِغَرِ السَّطْحِ وَكِبَرِهِ. وَلَا يُمَكِّنُ ضَبْطُهُ بِغَيْرِ ذَلِكَ. وَيُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ الْمَوْضِعِ الَّذِي يَجْرِي

<<  <  ج: ص:  >  >>