للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَكَانَ عَلَيْهِ ضَمَانُ مَا فَرَّطَ فِيهِ.

وَمَتَى ظَهَرَ فِي الْمَالِ رِبْحٌ فَلِلْعَامِلِ حِصَّتُهُ مِنْهُ.

وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إنْ لَمْ يَكُنْ الْعَامِلُ عَالِمًا بِأَنَّهُ يَعْتِقُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ، لَمْ يَضْمَنْ؛ لِأَنَّ التَّلَفَ حَصَلَ لِمَعْنًى فِي الْمَبِيعِ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْمُشْتَرِي، فَلَمْ يَضْمَنْ، كَمَا لَوْ اشْتَرَى مَعِيبًا لَمْ يَعْلَمْ بِعَيْبِهِ، فَتَلِفَ بِهِ. قَالَ: وَيَتَوَجَّهُ أَنْ لَا يَضْمَنَ، وَإِنْ عَلِمَ.

[فَصْل اشْتَرَى الْمُضَارِب زَوْجَ رَبَّةِ الْمَالِ]

(٣٦٦٦) فَصْلٌ: وَإِنْ اشْتَرَى امْرَأَةَ رَبُّ الْمَالِ، صَحَّ الشِّرَاءُ، وَانْفَسَخَ النِّكَاحُ. فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ، فَهَلْ يَلْزَمُ الزَّوْجَ نِصْفُ الصَّدَاقِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ ذَكَرْنَاهُمَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ. فَإِنْ قُلْنَا: يَلْزَمُهُ. رَجَعَ بِهِ عَلَى الْعَامِلِ؛ لِأَنَّهُ سَبَبُ تَقْرِيرِهِ عَلَيْهِ، فَرَجَعَ عَلَيْهِ، كَمَا لَوْ أَفْسَدَتْ امْرَأَةٌ نِكَاحَهُ بِالرَّضَاعِ. وَإِنْ اشْتَرَى زَوْجَ رَبَّةِ الْمَالِ، صَحَّ الشِّرَاءُ، وَانْفَسَخَ النِّكَاحُ؛ لِأَنَّهَا مَلَكَتْ زَوْجَهَا.

وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يَصِحُّ الشِّرَاءُ إذَا كَانَ بِغَيْرِ إذْنِهَا؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ إنَّمَا يَتَنَاوَلُ شِرَاءَ مَا لَهَا فِيهِ حَظٌّ، وَشِرَاءُ زَوْجِهَا يَضُرُّ بِهَا؛ لِأَنَّهُ يَفْسَخُ نِكَاحَهَا، وَيَضُرُّ بِهَا، وَيُسْقِطُ حَقَّهَا مِنْ النَّفَقَةِ وَالْكُسْوَةِ، فَلَمْ يَصِحَّ كَشِرَاءِ ابْنِهَا.

وَلَنَا، أَنَّهُ اشْتَرَى مَا يُمْكِنُ طَلَبُ الرِّبْحِ فِيهِ، فَجَازَ، كَمَا لَوْ اشْتَرَى أَجْنَبِيًّا. وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْعَامِلِ فِيمَا يَفُوتُ مِنْ الْمَهْرِ وَيَسْقُطُ مِنْ النَّفَقَةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَعُودُ إلَى الْمُضَارَبَةِ، وَإِنَّمَا هُوَ بِسَبَبٍ آخَرَ.

وَلَا فَرْقَ بَيْنَ شِرَائِهِ فِي الذِّمَّةِ أَوْ بِعَيْنِ الْمَالِ.

[فَصْل اشْتَرَى الْمَأْذُونُ لَهُ مَنْ يُعْتِقُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ بِإِذْنِهِ]

(٣٦٦٧) فَصْل: وَإِنْ اشْتَرَى الْمَأْذُونُ لَهُ مَنْ يَعْتِقُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ بِإِذْنِهِ، صَحَّ وَعَتَقَ فَإِنْ كَانَ عَلَى الْمَأْذُونِ لَهُ دَيْنٌ يَسْتَغْرِقُ قِيمَتَهُ وَمَا فِي يَدِهِ، وَقُلْنَا: يَتَعَلَّقُ الدَّيْنُ بِرَقَبَتِهِ. فَعَلَيْهِ دَفْعُ قِيمَةِ الْعَبْدِ الَّذِي عَتَقَ إلَى الْغُرَمَاءِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي أَتْلَفَ عَلَيْهِمْ بِالْعِتْقِ. وَإِنْ نَهَاهُ عَنْ الشِّرَاءِ، فَالشِّرَاءُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُهُ بِالْإِذْنِ، وَقَدْ زَالَ بِالنَّهْيِ. وَإِنْ أَطْلَقَ الْإِذْنَ، فَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: يَصِحُّ شِرَاؤُهُ؛ لِأَنَّ مَنْ صَحَّ أَنْ يَشْتَرِيَهُ السَّيِّدُ، صَحَّ شِرَاءُ الْمَأْذُونِ لَهُ، كَالْأَجْنَبِيِّ.

وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ إذَا أَذِنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ وَلَمْ يَدْفَعْ إلَيْهِ مَالًا. وَقَالَ الْقَاضِي: لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ فِيهِ إتْلَافًا عَلَى السَّيِّدِ، فَإِنَّ إذْنَهُ يَتَنَاوَلُ مَا فِيهِ حَظٌّ، فَلَا يَدْخُلُ فِيهِ الْإِتْلَافُ. وَفَارَقَ عَامِلَ الْمُضَارَبَةِ؛ لِأَنَّهُ يَضْمَنُ الْقِيمَةَ، فَيَزُولُ الضَّرَرُ. وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلَانِ، كَالْوَجْهَيْنِ. وَإِنْ اشْتَرَى امْرَأَةَ رَبُّ الْمَالِ، أَوْ زَوْجَ رَبَّةِ الْمَالِ، فَهَلْ يَصِحُّ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ أَيْضًا، كَشِرَاءِ مَنْ يَعْتِقُ بِالشِّرَاءِ.

[فَصْل اشْتَرَى الْمُضَارِبُ مَنْ يُعْتِقُ عَلَيْهِ]

(٣٦٦٨) فَصْلٌ: وَإِنْ اشْتَرَى الْمُضَارِبُ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ صَحَّ الشِّرَاءُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ظَهَرَ فِي الْمَالِ رِبْحٌ، لَمْ يَعْتِقْ مِنْهُ شَيْءٌ، وَإِنْ ظَهَرَ فِيهِ رِبْحٌ، فَفِيهِ وَجْهَانِ، مَبْنِيَّانِ عَلَى الْعَامِلِ مَتَى يَمْلِكُ الرِّبْحَ؟ فَإِنْ قُلْنَا: يَمْلِكُهُ بِالْقِسْمَةِ. لَمْ يَعْتِقْ مِنْهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ مَا مَلَكَهُ. وَإِنْ قُلْنَا: يَمْلِكُهُ بِالظُّهُورِ. فَفِيهِ وَجْهَانِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>