للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْل دَفَعَ إلَى رَجُلٍ مِائَةً مُضَارَبَةً فَخَسِرَ عَشَرَةً ثُمَّ أَخَذَ رَبُّ الْمَالِ مِنْهَا عَشَرَةً]

(٣٦٨٧) فَصْل: وَإِذَا دَفَعَ إلَى رَجُلٍ مِائَةً مُضَارَبَةً، فَخَسِرَ عَشَرَةً، ثُمَّ أَخَذَ رَبُّ الْمَالِ مِنْهَا عَشَرَةً، فَإِنَّ الْخُسْرَانَ لَا يَنْقُصُ بِهِ رَأْسُ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَرْبَحُ فَيَجْبُرُ الْخُسْرَانَ، لَكِنَّهُ يَنْقُصُ بِمَا أَخَذَهُ رَبُّ الْمَالِ، وَهِيَ الْعَشَرَةُ، وَقِسْطُهَا مِنْ الْخُسْرَانِ، وَهُوَ دِرْهَمٌ وَتُسْعُ دِرْهَمٍ، وَيَبْقَى رَأْسُ الْمَالِ ثَمَانِينَ وَثَمَانِيَةَ دَرَاهِمَ وَثَمَانِيَةَ أَتْسَاعِ دِرْهَمٍ. وَإِنْ كَانَ أَخَذَ نِصْفَ التِّسْعِينَ الْبَاقِيَةِ، وَبَقِيَ رَأْسُ الْمَالِ خَمْسِينَ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ نِصْفَ الْمَالِ، فَسَقَطَ نِصْفُ الْخُسْرَانِ.

وَإِنْ كَانَ أَخَذَ خَمْسِينَ، بَقِيَ أَرْبَعَةٌ وَأَرْبَعُونَ وَأَرْبَعَةُ أَتْسَاعٍ. وَكَذَلِكَ إذَا رَبِحَ الْمَالُ، ثُمَّ أَخَذَ رَبُّ الْمَالِ بَعْضَهُ، كَانَ مَا أَخَذَهُ مِنْ الرِّبْحِ وَرَأْسِ الْمَالِ، فَلَوْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ مِائَةً فَرَبِحَ عِشْرِينَ، فَأَخَذَهَا رَبُّ الْمَالِ، لَبَقِيَ رَأْسُ الْمَالِ ثَلَاثَةً وَثَمَانِينَ وَثُلُثًا؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ سُدُسَ الْمَالِ، فَنَقَصَ رَأْسُ الْمَالِ سُدُسَهُ، وَهُوَ سِتَّةَ عَشَرَ وَثُلُثَانِ، وَحَظُّهَا مِنْ الرِّبْحِ ثَلَاثَةُ وَثُلُثٌ. وَلَوْ كَانَ أَخَذَ سِتِّينَ، بَقِيَ رَأْسُ الْمَالِ خَمْسِينَ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ نِصْفَ الْمَالِ، فَبَقِيَ نِصْفُ الْمَالِ. وَإِنْ أَخَذَ خَمْسِينَ، بَقِيَ ثَمَانِيَةً وَخَمْسِينَ وَثُلُثًا؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ رُبْعَ الْمَالِ وَسُدُسَهُ، فَبَقِيَ ثُلُثُهُ وَرُبْعُهُ، وَهُوَ مَا ذَكَرْنَا.

وَإِنْ أَخَذَ مِنْهُ سِتِّينَ، ثُمَّ خَسِرَ فِي الْبَاقِي فَصَارَ أَرْبَعِينَ، فَرَدَّهَا، كَانَ لَهُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ خَمْسَةٌ؛ لِأَنَّ مَا أَخَذَهُ رَبُّ الْمَالِ انْفَسَخَتْ فِيهِ الْمُضَارَبَةُ، فَلَا يَجْبُرُ بِرِبْحِهِ خُسْرَانَ مَا بَقِيَ فِي يَدِهِ، لِمُفَارَقَتِهِ إيَّاهُ، وَقَدْ أَخَذَ مِنْ الرِّبْحِ عَشَرَةً، لِأَنَّ سُدُسَ مَا أَخَذَهُ رِبْحٌ، فَكَانَتْ الْعَشَرَةُ بَيْنَهُمَا.

وَإِنْ لَمْ يَرُدَّ الْأَرْبَعِينَ كُلَّهَا، بَلْ رَدَّ مِنْهَا إلَى رَبِّ الْمَالِ عِشْرِينَ، بَقِيَ، رَأْسُ الْمَالِ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ.

[فَصْل اشْتَرَى رَبُّ الْمَالِ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ شَيْئًا لِنَفْسِهِ]

(٣٦٨٨) فَصْلٌ: إذَا اشْتَرَى رَبُّ الْمَالِ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ شَيْئًا لِنَفْسِهِ، لَمْ يَصِحَّ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَيَصِحُّ فِي الْأُخْرَى. وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ لِأَنَّهُ قَدْ تَعَلَّقَ حَقُّ الْمُضَارِبِ بِهِ فَجَازَ لَهُ شِرَاؤُهُ، وَكَمَا لَوْ اشْتَرَى مِنْ مُكَاتَبِهِ أَوْ مِنْ عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ الَّذِي عَلَيْهِ دَيْنٌ.

وَلَنَا، أَنَّهُ مَلَكَهُ، فَلَمْ يَصِحَّ شِرَاؤُهُ لَهُ، كَشِرَائِهِ مِنْ وَكِيلِهِ وَعَبْدِهِ الْمَأْذُونِ الَّذِي لَا دَيْنَ عَلَيْهِ. وَفَارَقَ الْمُكَاتَبَ؛ فَإِنَّ السَّيِّدَ لَا يَمْلِكُ مَا فِي يَدِهِ، وَلِهَذَا لَا يُزَكِّيهِ، وَلَهُ أَخْذُ مَا فِيهِ شُفْعَةٌ بِهَا. فَأَمَّا الْمَأْذُونُ لَهُ، فَلَا يَصِحُّ شِرَاءُ سَيِّدِهِ مِنْهُ بِحَالٍ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَصِحَّ إذَا اسْتَغْرَقَتْهُ الدُّيُونُ؛ لِأَنَّ الْغُرَمَاءَ يَأْخُذُونَ مَا فِي يَدِهِ. وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ مِلْكَ السَّيِّدِ لَمْ يَزُلْ عَنْهُ، وَإِنْ اسْتَحَقَّ أَخْذَهُ، كَمَالِ الْمُفْلِسِ.

[فَصْل اشْتَرَى الْمُضَارِبُ لِنَفْسِهِ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ وَلَمْ يَظْهَرْ فِي الْمَالِ رِبْحٌ]

(٣٦٨٩) فَصْل: وَإِنْ اشْتَرَى الْمُضَارِبُ لِنَفْسِهِ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ، وَلَمْ يَظْهَرْ فِي الْمَالِ رِبْحٌ، صَحَّ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ وَبِهِ قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>