للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثَّانِي أَنْ يَنْسَى الْفَائِتَةَ، ثُمَّ يَذْكُرَهَا بَعْدَ الْحَاضِرَةِ. الثَّالِث أَنْ يَخْشَى فَوَاتَ وَقْتِ الْحَاضِرَةِ، فَيُصَلِّيَهَا، ثُمَّ يُصَلِّيَ فِي بَقِيَّةِ الْوَقْتِ فَوَائِتَ.

الرَّابِع أَنَّهُ إذَا كَثُرَتْ الْفَوَائِتُ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ قَضَاؤُهَا قَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِ الْحَاضِرَةِ، فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ الْحَاضِرَةَ فِي الْجَمَاعَةِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ، وَيُقَدِّمَهَا عَلَى الْفَوَائِتِ، فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ؛ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيمِهَا عَلَى بَعْضِ الْفَوَائِتِ، فَلَا فَائِدَةَ فِي تَأْخِيرِهَا؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ لَزِمَ تَأْخِيرُهَا إلَى آخِرِ وَقْتِهَا، لَلَزِمَ تَرْكُ الْجَمَاعَةِ الْحَاضِرَةِ بِالْكُلِّيَّةِ

[مَسْأَلَة إذَا خَافَ الْعَطَشَ حَبَسَ الْمَاءَ وَتَيَمَّمَ]

(٣٧٦) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَإِذَا خَافَ الْعَطَشَ حَبَسَ الْمَاءَ وَتَيَمَّمَ، وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ) قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْمُسَافِرَ إذَا كَانَ مَعَهُ مَاءٌ، وَخَشِيَ الْعَطَشَ، أَنَّهُ يُبْقِي مَاءَهُ لِلشُّرْبِ، وَيَتَيَمَّمُ؛ مِنْهُمْ عَلِيٌّ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَالْحَسَنُ، وَعَطَاءٌ، وَمُجَاهِدٌ، وَطَاوُسٌ، وَقَتَادَةُ، وَالضَّحَّاكُ، وَالثَّوْرِيُّ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ؛ وَلِأَنَّهُ خَائِفٌ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ، فَأُبِيحَ لَهُ التَّيَمُّمُ، كَالْمَرِيضِ.

[فَصْل الْمُتَيَمِّم إذَا خَافَ عَلَى رَفِيقِهِ أَوْ رَقِيقِهِ أَوْ بَهَائِمِهِ]

(٣٧٧) فَصْلٌ: وَإِنْ خَافَ عَلَى رَفِيقِهِ، أَوْ رَقِيقِهِ، أَوْ بَهَائِمِهِ، فَهُوَ كَمَا لَوْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ حُرْمَةَ رَفِيقِهِ كَحُرْمَةِ نَفْسِهِ، وَالْخَائِفُ عَلَى بَهَائِمِهِ خَائِفٌ مِنْ ضَيَاعِ مَالِهِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ وَجَدَ مَاءً بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ لِصٌّ أَوْ سَبُعٌ يَخَافُهُ عَلَى بَهِيمَتِهِ أَوْ شَيْءٍ مِنْ مَالِهِ. وَإِنْ وَجَدَ عَطْشَانَ يَخَافُ تَلَفَهُ، لَزِمَهُ سَقْيُهُ، وَيَتَيَمَّمُ. قِيلَ لِأَحْمَدَ: الرَّجُلُ مَعَهُ إدَاوَةٌ مِنْ مَاءٍ لِلْوُضُوءِ، فَيَرَى قَوْمًا عِطَاشًا، أَحَبُّ إلَيْك أَنْ يَسْقِيَهُمْ أَوْ يَتَوَضَّأَ؟ قَالَ: يَسْقِيهِمْ. ثُمَّ ذَكَرَ عِدَّةً مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَتَيَمَّمُونَ، وَيَحْبِسُونَ الْمَاءَ لِشِفَاهِهِمْ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ، وَالْقَاضِي: لَا يَلْزَمُهُ بَذْلُهُ؛ لِأَنَّهُ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ.

وَلَنَا أَنَّ حُرْمَةَ الْآدَمِيِّ تُقَدَّمُ عَلَى الصَّلَاةِ، بِدَلِيلِ مَا لَوْ رَأَى حَرِيقًا، أَوْ غَرِيقًا، فِي الصَّلَاةِ عِنْدَ ضِيقِ وَقْتِهَا، لَزِمَهُ تَرْكُ الصَّلَاةِ، وَالْخُرُوجُ لِإِنْقَاذِهِ، فَلَأَنْ يُقَدِّمَهَا عَلَى الطَّهَارَةِ بِالْمَاءِ أَوْلَى، وَقَدْ رُوِيَ فِي الْخَبَرِ، أَنَّ بَغِيًّا أَصَابَهَا الْعَطَشُ، فَنَزَلَتْ بِئْرًا فَشَرِبَتْ مِنْهُ، فَلَمَّا صَعِدَتْ رَأَتْ كَلْبًا يَلْحَسُ الثَّرَى مِنْ الْعَطَشِ، فَقَالَتْ: لَقَدْ أَصَابَ هَذَا مِنْ الْعَطَشِ مِثْلُ مَا أَصَابَنِي. فَنَزَلَتْ فَسَقَتْهُ بِمُوقِهَا، فَغَفَرَ اللَّهُ لَهَا. فَإِذَا كَانَ هَذَا الْأَجْرَ مِنْ سَقْيِ الْكَلْبِ، فَغَيْرُهُ أَوْلَى.

[فَصْل وَجَدَ الْخَائِفُ مِنْ الْعَطَشِ مَاءً طَاهِرًا وَمَاءً نَجِسًا]

(٣٧٨) فَصْلٌ: وَإِذَا وَجَدَ الْخَائِفُ مِنْ الْعَطَشِ مَاءً طَاهِرًا، وَمَاءً نَجِسًا، يَكْفِيهِ أَحَدُهُمَا لِشُرْبِهِ فَإِنَّهُ يَحْبِسُ الْمَاءَ الطَّاهِرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>