للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَنَا، قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «وَلَكِنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ» وَلِأَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي الْمُضَارَبَةِ، فَلَمْ يَتَحَالَفَا، كَسَائِرِ مَا قَدَّمْنَا اخْتِلَافَهُمَا فِيهِ، وَالْمُتَبَايِعَانِ يَرْجِعَانِ إلَى رُءُوسِ أَمْوَالِهِمَا، بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ.

[فَصْلٌ ادَّعَى الْعَامِلُ رَدَّ الْمَالِ فَأَنْكَرَ رَبُّ الْمَالِ]

(٣٧٢٢) فَصْلٌ: وَإِنْ ادَّعَى الْعَامِلُ رَدَّ الْمَالِ، فَأَنْكَرَ رَبُّ الْمَالِ؛ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْمَالِ مَعَ يَمِينِهِ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ. وَلِأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَجْهَانِ؛ أَحَدُهُمَا كَقَوْلِنَا. وَالْآخَرُ: يُقْبَلُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ، وَلِأَنَّ مُعْظَمَ النَّفْعِ لِرَبِّ الْمَالِ، فَالْعَامِلُ كَالْمُودَعِ. وَلَنَا، أَنَّهُ قَبَضَ الْمَالَ لِنَفْعِ نَفْسِهِ، فَلَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ فِي الرَّدِّ، كَالْمُسْتَعِيرِ، وَلِأَنَّ رَبَّ الْمَالِ مُنْكِرٌ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ.

وَفَارَقَ الْمُودَعَ؛ فَإِنَّهُ لَا نَفْعَ لَهُ فِي الْوَدِيعَةِ. وَقَوْلُهُمْ: إنَّ مُعْظَمَ النَّفْعِ لِرَبِّ الْمَالِ. يَمْنَعُهُ، وَإِنْ سُلِّمَ إلَّا أَنَّ الْمُضَارِبَ لَمْ يَقْبِضْهُ إلَّا لِنَفْعِ نَفْسِهِ، وَلَمْ يَأْخُذْهُ لِنَفْعِ رَبِّ الْمَالِ.

[فَصْل قَالَ الْمُضَارِب رَبِحْت أَلْفًا ثُمَّ قَالَ خَسِرْت ذَلِكَ]

(٣٧٢٣) فَصْلٌ: وَإِنْ قَالَ: رَبِحْت أَلْفًا. ثُمَّ قَالَ: خَسِرْت ذَلِكَ. قُبِلَ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي التَّلَفِ، فَقُبِلَ قَوْلُهُ فِي الْخَسَارَةِ، كَالْوَكِيلِ. وَإِنْ قَالَ: غَلِطْت أَوْ نَسِيت. لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ مُقِرٌّ بِحَقٍّ لِآدَمِي، فَلَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ فِي الرُّجُوعِ، كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِأَنَّ رَأْسَ الْمَالِ أَلْفٌ ثُمَّ رَجَعَ.

وَلَوْ أَنَّ الْعَامِلَ خَسِرَ، فَقَالَ لِرَجُلِ: أَقْرِضْنِي مَا أُتَمِّمُ بِهِ رَأْسَ الْمَالِ لِأَعْرِضَهُ عَلَى رَبِّهِ، فَإِنَّنِي أَخْشَى أَنْ يَنْزِعَهُ مِنِّي إنْ عَلِمَ بِالْخَسَارَةِ. فَأَقْرَضَهُ، فَعَرَضَهُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ، وَقَالَ: هَذَا رَأْسُ مَالِكَ. فَأَخَذَهُ، فَلَهُ ذَلِكَ. وَلَا يُقْبَلُ رُجُوعُ الْعَامِلِ عَنْ إقْرَارِهِ إنْ رَجَعَ. وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُقْرِضِ لَهُ؛ لِأَنَّهُ يَجُرُّ إلَى نَفْسِهِ نَفْعًا.

وَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَةُ رَبِّ الْمَالِ؛ لِأَنَّ الْعَامِلَ مَلَكَهُ بِالْقَرْضِ، ثُمَّ سَلَّمَهُ إلَى رَبِّ الْمَالِ، وَلَكِنْ يَرْجِعُ الْمُقْرِضُ عَلَى الْعَامِلِ لَا غَيْرُ.

(٣٧٢٤) فَصْلٌ: وَإِذَا دَفَعَ رَجُلٌ إلَى رَجُلَيْنِ مَالًا قِرَاضًا عَلَى النِّصْفِ، فَنَضَّ الْمَالُ، وَهُوَ ثَلَاثَةُ آلَافٍ، فَقَالَ رَبُّ الْمَالِ: رَأْسُ الْمَالِ أَلْفَانِ، فَصَدَّقَهُ أَحَدُهُمَا، وَقَالَ الْآخَرُ: بَلْ هُوَ أَلْفٌ. فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ مَعَ يَمِينِهِ.

فَإِذَا حَلَفَ أَنَّ رَأْسَ الْمَالِ أَلْفٌ وَالرِّبْحَ أَلْفَانِ، فَنَصِيبُهُ مِنْهُمَا خَمْسُمِائَةٍ، يَبْقَى أَلْفَانِ وَخَمْسُمِائَةٍ، يَأْخُذُ رَبُّ الْمَالِ أَلْفَيْنِ؛ لِأَنَّ الْآخَرَ يُصَدِّقُهُ، وَيَبْقَى خَمْسُمِائَةٍ رِبْحًا بَيْنَ رَبِّ الْمَالِ وَالْعَامِلِ الْآخَرِ، يَقْتَسِمَانِهَا أَثْلَاثًا، لِرَبِّ الْمَالِ ثُلُثَاهَا، وَلِلْعَامِلِ ثُلُثُهَا مِائَةٌ وَسِتَّةٌ وَسِتُّونَ وَثُلُثَانِ، وَلِرَبِّ الْمَالِ ثَلَاثُمِائَةٍ وَثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ؛ لِأَنَّ نَصِيبَ رَبِّ الْمَالِ مِنْ الرِّبْحِ نِصْفُهُ، وَنَصِيبَ هَذَا الْعَامِلِ رُبْعُهُ، فَيُقْسَمُ بَيْنَهُمَا بَاقِي الرِّبْحِ عَلَى ثَلَاثَةٍ، وَمَا أَخَذَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>