للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَالِ أَوْ فِي الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّهُ اشْتَرَى لَهُ مَا لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِي شِرَائِهِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ اشْتَرَاهُ فِي الذِّمَّةِ.

(٣٧٨٣) فَصْلٌ: نَقَلَ الْأَثْرَمُ عَنْ أَحْمَدَ، فِي رَجُلٍ كَانَ لَهُ عَلَى آخَرَ دَرَاهِمُ، فَقَالَ لَهُ: إذَا أَمْكَنَك قَضَاؤُهَا فَادْفَعْهَا إلَى فُلَانٍ. وَغَابَ صَاحِبُ الْحَقِّ، وَلَمْ يُوصِ إلَى هَذَا الَّذِي أَذِنَ لَهُ فِي الْقَبْضِ، لَكِنْ جَعَلَهُ وَكِيلًا، وَتَمَكَّنَ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ مِنْ الْقَضَاءِ، فَخَافَ إنْ دَفَعَهَا إلَى الْوَكِيلِ أَنْ يَكُونَ الْمُوَكِّلُ قَدْ مَاتَ، وَيَخَافُ التَّبِعَةَ مِنْ الْوَرَثَةِ. فَقَالَ: لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ لَعَلَّهُ قَدْ مَاتَ، لَكِنْ يَجْمَعُ بَيْنَ الْوَكِيلِ وَالْوَرَثَةِ، وَيَبْرَأُ إلَيْهِمَا مِنْ ذَلِكَ.

هَذَا ذَكَرَهُ أَحْمَدُ عَلَى طَرِيقِ النَّظَرِ لِلْغَرِيمِ، خَوْفًا مِنْ التَّبِعَةِ مِنْ الْوَرَثَةِ إنْ كَانَ مُوَرِّثُهُمْ قَدْ مَاتَ، فَانْعَزَلَ وَكِيلُهُ وَصَارَ الْحَقُّ لَهُمْ، فَيَرْجِعُونَ عَلَى الدَّافِعِ إلَى الْوَكِيلِ. فَأَمَّا مِنْ طَرِيقِ الْحُكْمِ، فَلِلْوَكِيلِ الْمُطَالَبَةُ، وَلِلْآخَرِ الدَّفْعُ إلَيْهِ، فَإِنَّ أَحْمَدَ قَدْ نَصَّ فِي رِوَايَةِ حَرْبٍ: إذَا وَكَّلَهُ فِي الْحَدِّ وَغَابَ، اسْتَوْفَاهُ الْوَكِيلُ. وَهُوَ أَبْلَغُ مِنْ هَذَا؛ لِكَوْنِهِ يُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ، لَكِنَّ هَذَا احْتِيَاطٌ حَسَنٌ، وَتَبْرِئَةٌ لِلْغَرِيمِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، وَإِزَالَةٌ لِلتَّبِعَةِ عَنْهُ.

وَفِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْوَكِيلَ انْعَزَلَ بِمَوْتِ الْمُوَكِّلِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِمَوْتِهِ؛ لِأَنَّهُ اخْتَارَ أَنْ لَا يَدْفَعَ إلَى الْوَكِيلِ خَوْفًا مِنْ أَنْ يَكُونَ الْمُوَكِّلُ قَدْ مَاتَ، فَانْتَقَلَ إلَى الْوَرَثَةِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ اخْتَارَ هَذَا لِئَلَّا يَكُونَ الْقَاضِي مِمَّنْ يَرَى أَنَّ الْوَكِيلَ يَنْعَزِلُ بِالْمَوْتِ، فَيَحْكُمُ عَلَيْهِ بِالْعَزْلِ بِهِ. وَفِيهَا دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ تَرَاخِي الْقَبُولِ عَنْ الْإِيجَابِ؛ لِأَنَّهُ وَكَّلَهُ فِي قَبْضِ الْحَقِّ وَلَمْ يَعْلَمْهُ، وَلَمْ يَكُنْ حَاضِرًا فَيَقْبَلُ.

وَفِيهَا دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ التَّوْكِيلِ بِغَيْرِ لَفْظِ التَّوْكِيلِ. وَقَدْ نَقَلَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، فِي رَجُلٍ قَالَ لِرَجُلِ: بِعْ ثَوْبِي. لَيْسَ شَيْءٌ حَتَّى يَقُولَ: قَدْ وَكَّلْتُك. وَهَذَا سَهْوٌ مِنْ النَّاقِلِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ الدَّلِيلِ عَلَى جَوَازِ التَّوْكِيلِ بِغَيْرِ لَفْظِ التَّوْكِيلِ، وَهُوَ الَّذِي نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ.

[مَسْأَلَة وَكَّلَهُ فِي طَلَاقِ زَوْجَتِهِ]

(٣٧٨٤) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَإِذَا وَكَّلَهُ فِي طَلَاقِ زَوْجَتِهِ، فَهُوَ فِي يَدِهِ حَتَّى يَفْسَخَ أَوْ يَطَأَ) وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ الْوَكَالَةَ إذَا وَقَعَتْ مُطْلَقَةً غَيْرَ مُؤَقَّتَةٍ، مَلَكَ التَّصَرُّفَ أَبَدًا، مَا لَمْ تَنْفَسِخْ الْوَكَالَةُ، وَفَسْخُ الْوَكَالَةِ أَنْ يَقُولَ: فَسَخْت الْوَكَالَةَ، أَوْ أَبْطَلْتهَا، أَوْ نَقَضْتهَا، أَوْ عَزَلْتُك، أَوْ صَرَفْتُك عَنْهَا، وَأَزَلْتُك عَنْهَا. أَوْ يَنْهَاهُ عَنْ فِعْلِ مَا أَمَرَهُ بِهِ أَوْ وَكَّلَهُ فِيهِ، وَمَا أَشْبَهَ هَذَا مِنْ الْأَلْفَاظِ الْمُقْتَضِيَةِ عَزْلَهُ أَوْ الْمُؤَدِّيَةِ مَعْنَاهُ، أَوْ يَعْزِلَ الْوَكِيلُ نَفْسَهُ، أَوْ يُوجَدَ مَا يَقْتَضِي فَسْخَهَا حُكْمًا، عَلَى مَا قَدْ ذَكَرْنَا، أَوْ يَزُولَ مِلْكُهُ عَمَّا قَدْ وَكَّلَهُ فِي التَّصَرُّفِ فِيهِ، أَوْ يُوجَدَ مَا يَدُلُّ عَلَى الرُّجُوعِ عَنْ الْوَكَالَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>