للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْل وَكَّلَهُ فِي بَيْعِ عَبْدٍ أَوْ حَيَوَانٍ أَوْ عَقَارٍ أَوْ شِرَائِهِ]

(٣٧٩٠) فَصْلٌ: وَإِنْ وَكَّلَهُ فِي بَيْعِ عَبْدٍ أَوْ حَيَوَانٍ أَوْ عَقَارٍ وَنَحْوِهِ، أَوْ شِرَائِهِ، لَمْ يَمْلِكْ الْعَقْدَ عَلَى بَعْضِهِ؛ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ تَنَاوَلَ جَمِيعَهُ، وَفِي التَّبْعِيضِ إضْرَارٌ بِالْمُوَكَّلِ وَتَشْقِيصٌ لِمِلْكِهِ، وَلَمْ يَأْذَنْ فِيهِ. وَإِنْ وَكَّلَهُ فِي بَيْعِ عَبِيدٍ أَوْ شِرَائِهِمْ، مَلَكَ الْعَقْدَ عَلَيْهِمْ جُمْلَةً وَاحِدَةً وَاحِدًا وَاحِدًا، لِأَنَّ الْإِذْنَ يَتَنَاوَلُ الْعَقْدَ عَلَيْهِمْ جُمْلَةً، وَالْعُرْفُ فِي بَيْعِهِمْ وَشِرَائِهِمْ الْعَقْدُ عَلَى وَاحِدٍ وَاحِدٍ، وَلَا ضَرَرَ فِي جَمْعِهِمْ وَلَا إفْرَادِهِمْ. وَإِنْ قَالَ: اشْتَرِ لِي عَبِيدًا صَفْقَةً وَاحِدَةً، أَوْ وَاحِدًا وَاحِدًا، أَوْ بِعْهُمْ. لَمْ تَجُزْ مُخَالَفَتُهُ؛ لِأَنَّ تَنْصِيصَهُ عَلَى ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى غَرَضِهِ فِيهِ، فَلَمْ يَتَنَاوَلْ إذْنُهُ سِوَاهُ.

وَإِنْ قَالَ: اشْتَرِ لِي عَبْدَيْنِ صَفْقَةً. فَاشْتَرَى عَبْدَيْنِ لِاثْنَيْنِ مُشْتَرَكَيْنِ بَيْنَهُمَا، مِنْ وَكِيلِهِمَا، أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا بِإِذْنِ الْآخَرِ، جَازَ. وَإِنْ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَبْدٌ مُفْرَدٌ، فَاشْتَرَاهُمَا مِنْ الْمَالِكَيْنِ، بِأَنْ أَوْجَبَا لَهُ الْبَيْعَ فِيهِمَا، وَقَبِلَ ذَلِكَ مِنْهُمَا بِلَفْظٍ وَاحِدٍ، فَقَالَ الْقَاضِي: لَا يَلْزَمُ الْمُوَكِّلَ. وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ لِأَنَّ عَقْدَ الْوَاحِدِ مَعَ الِاثْنَيْنِ عَقْدَانِ.

وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَلْزَمَهُ؛ لِأَنَّ الْقَبُولَ هُوَ الشِّرَاءُ، وَهُوَ مُتَّحِدٌ، وَالْغَرَضُ لَا يَخْتَلِفُ. وَإِنْ اشْتَرَاهُمَا مِنْ وَكِيلِهِمَا، وَعَيَّنَ ثَمَنَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، مِثْلُ أَنْ يَقُولَ: بِعْتُك هَذَيْنِ الْعَبْدَيْنِ، هَذَا بِمِائَةٍ وَهَذَا بِمِائَتَيْنِ. فَقَالَ: قَبِلْت. احْتَمَلَ أَيْضًا وَجْهَيْنِ. وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ ثَمَنَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ؛ لِأَنَّ ثَمَنَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَجْهُولٌ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَصِحَّ وَيُقَسَّطَ الثَّمَنُ عَلَى قَدْرِ قِيمَتِهِمَا.

[فَصْلٌ دَفَعَ إلَيْهِ دَرَاهِم وَقَالَ اشْتَرِ لِي بِهَذِهِ عَبْدًا]

(٣٧٩١) فَصْلٌ: فَإِنْ دَفَعَ إلَيْهِ دَرَاهِمَ، وَقَالَ اشْتَرِ لِي بِهَذِهِ عَبْدًا. كَانَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَهُ بِعَيْنِهَا، وَفِي الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّ الشِّرَاءَ يَقَعُ عَلَى هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ، فَإِذَا أَطْلَقَ الْوَكَالَةَ، كَانَ لَهُ فِعْلُ مَا شَاءَ مِنْهُمَا. وَإِنْ قَالَ: اشْتَرِ بِعَيْنِهَا. فَاشْتَرَاهُ فِي ذِمَّتِهِ، ثُمَّ نَقَدَهَا، لَمْ يَلْزَمْ الْمُوَكِّلَ؛ لِأَنَّهُ إذَا تَعَيَّنَ الثَّمَنُ، انْفَسَخَ الْعَقْدُ بِتَلَفِهِ، أَوْ كَوْنِهِ مَغْصُوبًا، وَلَمْ يَلْزَمْهُ ثَمَنٌ فِي ذِمَّتِهِ، وَهَذَا غَرَضٌ لِلْمُوَكِّلِ، فَلَمْ تَجُزْ مُخَالَفَتُهُ، وَيَقَعُ الشِّرَاءُ لِلْوَكِيلِ.

وَهَلْ يَقِفُ عَلَى إجَازَةِ الْمُوَكِّلِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. وَإِنْ قَالَ: اشْتَرِ لِي فِي ذِمَّتِك، وَانْقُدْ هَذِهِ الدَّرَاهِمَ ثَمَنًا. فَاشْتَرَاهُ بِعَيْنِهَا، فَقَالَ أَصْحَابُنَا: يَلْزَمُ الْمُوَكِّلَ؛ لِأَنَّهُ أَذِنَ لَهُ فِي عَقْدٍ يَلْزَمُهُ بِهِ الثَّمَنُ مَعَ بَقَاءِ الدَّرَاهِمِ وَتَلَفِهَا، فَكَانَ إذْنًا فِي عَبْدٍ لَا يَلْزَمُهُ الثَّمَنُ إلَّا مَعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>