للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ الشَّهَادَةِ عَلَى الْوَكَالَةِ]

(٣٨٠٥) فَصْلٌ: فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الْوَكَالَةِ، إذَا ادَّعَى الْوَكَالَةَ، وَأَقَامَ شَاهِدًا وَامْرَأَتَيْنِ، أَوْ حَلَفَ مَعَ شَاهِدِهِ، فَقَالَ أَصْحَابُنَا فِيهَا رِوَايَتَانِ؛ إحْدَاهُمَا، تَثْبُتُ بِذَلِكَ إذَا كَانَتْ الْوَكَالَةُ بِمَالٍ؛ فَإِنَّ أَحْمَدَ قَالَ فِي الرَّجُلِ يُوَكِّلُ، وَيُشْهِدُ عَلَى نَفْسِهِ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ، إذَا كَانَتْ الْمُطَالَبَةُ بِدَيْنٍ، فَأَمَّا غَيْرُ ذَلِكَ فَلَا. وَالثَّانِيَةُ، لَا تَثْبُتُ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ عَدْلَيْنِ.

نَقَلَهَا الْخِرَقِيِّ بِقَوْلِهِ: وَلَا تُقْبَلُ فِيمَا سِوَى الْأَمْوَالِ مِمَّا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ لِأَقَلَّ مِنْ رَجُلَيْنِ. وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ إثْبَاتٌ لِلتَّصَرُّفِ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُ الْخِرَقِيِّ كَالرِّوَايَةِ الْأُولَى؛ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ فِي الْمَالِ يُقْصَدُ بِهَا الْمَالُ، فَتُقْبَلُ فِيهَا شَهَادَةُ النِّسَاءِ مَعَ الرِّجَالِ، كَالْبَيْعِ وَالْقَرْضِ. فَإِنْ شَهِدَا بِوَكَالَتِهِ، ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمَا: قَدْ عَزَلَهُ. لَمْ تَثْبُتْ وَكَالَتُهُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا لَمْ تَثْبُتْ وَكَالَتُهُ بِذَلِكَ. وَإِنْ كَانَ الشَّاهِدُ بِالْعَزْلِ رَجُلًا غَيْرَهُمَا، لَمْ يَثْبُتْ الْعَزْلُ بِشَهَادَتِهِ وَحْدَهُ؛ لِأَنَّ الْعَزْلَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِمَا يَثْبُتُ بِهِ التَّوْكِيلُ.

وَمَتَى عَادَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ بِالتَّوْكِيلِ، فَقَالَ: قَدْ عَزَلَهُ. لَمْ يُحْكَمْ بِشَهَادَتِهِمَا؛ لِأَنَّهُ رُجُوعٌ عَنْ الشَّهَادَةِ قَبْلَ الْحُكْمِ بِهَا. فَلَا يَجُوزُ لِلْحَاكِمِ الْحُكْمُ بِمَا رَجَعَ عَنْهُ الشَّاهِدُ. وَإِنْ حَكَمَ الْحَاكِمُ بِشَهَادَتِهِمَا، ثُمَّ عَادَ أَحَدُهُمَا، فَقَالَ: قَدْ عَزَلَهُ بَعْدَ مَا وَكَّلَهُ. لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ قَدْ نَفَذَ بِالشَّهَادَةِ، وَلَمْ يَثْبُتْ الْعَزْلُ. فَإِنْ قَالَا جَمِيعًا: قَدْ كَانَ عَزَلَهُ؛ ثَبَتَ الْعَزْلُ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ تَمَّتْ فِي الْعَزْلِ، كَتَمَامِهَا فِي التَّوْكِيلِ.

[فَصْلٌ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ وَكَّلَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّهُ وَكَّلَهُ يَوْمَ السَّبْتِ]

(٣٨٠٦) فَصْلٌ: فَإِنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ وَكَّلَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّهُ وَكَّلَهُ يَوْمَ السَّبْتِ، لَمْ تَتِمَّ الشَّهَادَةُ؛ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ غَيْرُ التَّوْكِيلِ يَوْمَ السَّبْتِ، فَلَمْ تَكْمُلْ شَهَادَتُهُمَا عَلَى فِعْلٍ وَاحِدٍ. وَإِنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ أَقَرَّ بِتَوْكِيلِهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ أَقَرَّ بِهِ يَوْمَ السَّبْتِ، تَمَّتْ الشَّهَادَةُ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَيْنِ إخْبَارٌ عَنْ عَقْدٍ وَاحِدٍ، وَيَشُقُّ جَمْعَ الشُّهُودِ لِيُقِرَّ عِنْدَهُمْ حَالَةً وَاحِدَةً، فَجُوِّزَ لَهُ الْإِقْرَارُ عِنْدَ كُلِّ وَاحِدٍ وَحْدَهُ.

وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ أَقَرَّ عِنْدَهُ بِالْوَكَالَةِ بِالْعَرَبِيَّةِ، وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ أَقَرَّ بِهَا بِالْعَجَمِيَّةِ، ثَبَتَتْ. وَلَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ وَكَّلَهُ بِالْعَرَبِيَّةِ، وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ وَكَّلَهُ بِالْعَجَمِيَّةِ، لَمْ تَكْمُلْ الشَّهَادَةُ؛ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ بِالْعَرَبِيَّةِ غَيْرُ التَّوْكِيلِ بِالْعَجَمِيَّةِ، فَلَمْ تَكْمُلْ الشَّهَادَةُ عَلَى فِعْلٍ وَاحِدٍ. وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قَالَ: وَكَّلْتُك. وَشَهِدَ الْآخَرُ، أَنَّهُ قَالَ: أَذِنْت لَك فِي التَّصَرُّفِ. أَوْ أَنَّهُ قَالَ: جَعَلْتُك وَكِيلًا. أَوْ شَهِدَ أَنَّهُ قَالَ: جَعَلْتُك جَرْيًا. لَمْ تَتِمَّ الشَّهَادَةُ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ

<<  <  ج: ص:  >  >>