للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَالِاسْتِثْنَاءُ بَيَّنَ أَنَّ الْخَمْسِينَ الْمُسْتَثْنَاةَ غَيْرُ مُرَادَةٍ، كَمَا أَنَّ التَّخْصِيصَ يُبَيِّنُ أَنَّ الْمَخْصُوصَ غَيْرُ مُرَادٍ بِاللَّفْظِ الْعَامِّ، وَإِنْ قَالَ: هَذِهِ الدَّارُ لِزَيْدٍ إلَّا هَذَا الْبَيْتَ. كَانَ مُقِرًّا بِمَا سِوَى الْبَيْتِ مِنْهَا.

وَكَذَلِكَ إنْ قَالَ: إلَّا ثُلُثَهَا، أَوْ رُبُعَهَا. صَحَّ، وَكَانَ مُقِرًّا بِالْبَاقِي بَعْدَ الْمُسْتَثْنَى. وَكَذَلِكَ إنْ قَالَ: هَذِهِ الدَّارُ لَهُ، وَهَذَا الْبَيْتُ لِي. صَحَّ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الِاسْتِثْنَاءِ، لِكَوْنِهِ أَخْرَجَ بَعْضَ مَا دَخَلَ فِي اللَّفْظِ الْأَوَّلِ بِكَلَامٍ مُتَّصِلٍ. وَإِنْ قَالَ: لَهُ هَؤُلَاءِ الْعَبِيدُ إلَّا هَذَا. صَحَّ، وَكَانَ مُقِرًّا بِمَنْ سِوَاهُ مِنْهُمْ. وَإِنْ قَالَ: إلَّا وَاحِدًا. صَحَّ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ يَصِحُّ مَجْهُولًا، فَكَذَلِكَ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْهُ، وَيُرْجَعُ فِي تَعْيِينِ الْمُسْتَثْنَى إلَيْهِ، لِأَنَّ الْحُكْمَ يَتَعَلَّقُ بِقَوْلِهِ، وَهُوَ أَعْلَمُ بِمُرَادِهِ بِهِ. وَإِنْ عَيَّنَ مَنْ عَدَا الْمُسْتَثْنَى، صَحَّ، وَكَانَ الْبَاقِي لَهُ. فَإِنْ هَلَكَ الْعَبِيدُ إلَّا وَاحِدًا، فَذَكَرَ أَنَّهُ الْمُسْتَثْنَى، قُبِلَ. ذَكَرَهُ الْقَاضِي. وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ لِأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ لَا يُقْبَلُ، فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ.

وَهُوَ الْوَجْهُ الثَّانِي لِأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُ يُرْفَعُ بِهِ الْإِقْرَارُ كُلُّهُ. وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُ يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِهِ فِي حَيَاتِهِمْ لِمَعْنًى هُوَ مَوْجُودٌ بَعْدَ مَوْتِهِمْ، فَقُبِلَ كَحَالَةِ حَيَاتِهِمْ، وَلَيْسَ هَذَا رَفْعًا لِلْإِقْرَارِ، وَإِنَّمَا تَعَذَّرَ تَسْلِيمُ الْمُقَرّ بِهِ لِتَلَفِهِ، لَا لِمَعْنًى يَرْجِعُ إلَى التَّفْسِيرِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ عَيَّنَهُ فِي حَيَاتِهِمْ، فَتَلِفَ بَعْدَ تَعْيِينِهِ. وَإِنْ قُتِلَ الْجَمِيعُ إلَّا وَاحِدًا، قُبِلَ تَفْسِيرُهُ بِالْبَاقِي، وَجْهًا وَاحِدًا. وَإِنْ قُتِلَ الْجَمِيعُ، فَلَهُ قِيمَةُ أَحَدِهِمْ، وَيُرْجَعُ فِي التَّفْسِيرِ إلَيْهِ.

وَإِنْ قَالَ: غَصَبْتُك هَؤُلَاءِ الْعَبِيدَ إلَّا وَاحِدًا. فَهَلَكُوا إلَّا وَاحِدًا؛ قُبِلَ تَفْسِيرُهُ بِهِ، وَجْهًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّ الْمُقَرَّ لَهُ يَسْتَحِقُّ قِيمَةَ الْهَالِكِينَ، فَلَا يُفْضِي التَّفْسِيرُ بِالْبَاقِي إلَى سُقُوطِ الْإِقْرَارِ، بِخِلَافِ الَّتِي قَبْلَهَا فَصْلٌ (٣٨٢٣) : وَحُكْمُ الِاسْتِثْنَاءِ بِسَائِرِ أَدَوَاتِهِ حُكْمُ الِاسْتِثْنَاءِ بِإِلَّا، فَإِذَا قَالَ: لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ سِوَى دِرْهَمٍ، أَوْ لَيْسَ دِرْهَمًا، أَوْ خَلَا دِرْهَمًا، أَوْ عَدَا دِرْهَمًا، أَوْ مَا خَلَا أَوْ مَا عَدَا دِرْهَمًا، أَوْ لَا يَكُونُ دِرْهَمًا أَوْ غَيْرَ دِرْهَمٍ. بِفَتْحِ الرَّاءِ، كَانَ مُقِرًّا بِتِسْعَةٍ. وَإِنْ قَالَ: غَيْرُ دِرْهَمٍ، بِضَمِّ رَائِهَا، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ، كَانَ مُقِرًّا بِعَشْرَةٍ، لِأَنَّهَا تَكُونُ صِفَةً لِلْعَشَرَةِ الْمُقَرِّ بِهَا، وَلَا يَكُونُ اسْتِثْنَاءً. فَإِنَّهَا لَوْ كَانَتْ اسْتِثْنَاءً كَانَتْ مَنْصُوبَةً، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>