للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْل هَلْ يُكْرَهُ لِعَادِمِ الْمَاء جِمَاعُ زَوْجَتِهِ]

(٣٩٥) فَصْلٌ: وَهَلْ يُكْرَهُ لِلْعَادِمِ جِمَاعُ زَوْجَتِهِ إذَا لَمْ يَخَفْ الْعَنَتَ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ إحْدَاهُمَا، يُكْرَهُ؛ لِأَنَّهُ يُفَوِّتُ عَلَى نَفْسِهِ طَهَارَةً مُمْكِنًا بَقَاؤُهَا. وَالثَّانِيَةُ لَا يُكْرَهُ، وَهُوَ قَوْلُ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، وَالْحَسَنِ، وَقَتَادَةَ، وَالثَّوْرِيِّ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَإِسْحَاقَ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، وَابْنِ الْمُنْذِرِ. وَحُكِيَ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ أَنَّهُ إنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَهْلِهِ أَرْبَعُ لَيَالٍ، فَلْيُصِبْ أَهْلَهُ، وَإِنْ كَانَ ثَلَاثٌ فَمَا دُونَهَا، فَلَا يُصِبْهَا.

وَالْأَوْلَى جَوَازُ إصَابَتِهَا مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ؛ لِأَنَّ «أَبَا ذَرٍّ قَالَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إنِّي أَعْزُبُ عَنْ الْمَاءِ وَمَعِي أَهْلِي، فَتُصِيبُنِي الْجَنَابَةُ فَأُصَلِّي بِغَيْرِ طَهُورٍ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: الصَّعِيدُ الطَّيِّبُ طَهُورٌ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ. وَأَصَابَ ابْنُ عَبَّاسٍ مِنْ جَارِيَةٍ لَهُ رُومِيَّةٍ، وَهُوَ عَادِمٌ لِلْمَاءِ، وَصَلَّى بِأَصْحَابِهِ وَفِيهِمْ عَمَّارٌ، فَلَمْ يُنْكِرُوهُ. قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ: هُوَ سُنَّةٌ مَسْنُونَةٌ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أَبِي ذَرٍّ وَعَمَّارٍ وَغَيْرِهِمَا. فَإِذَا فَعَلَا وَوَجَدَا مِنْ الْمَاءِ مَا يَغْسِلَانِ بِهِ فَرْجَيْهِمَا غَسَلَاهُمَا، ثُمَّ تَيَمَّمَا، وَإِنْ لَمْ يَجِدَا، تَيَمَّمَا لِلْجَنَابَةِ وَالْحَدَثِ الْأَصْغَرِ وَالنَّجَاسَةِ، وَصَلَّيَا.

[مَسْأَلَة إذَا شَدَّ الْكَسِيرُ الْجَبَائِرَ وَكَانَ طَاهِرًا وَلَمْ يَعْدُ بِهَا مَوْضِعَ الْكَسْرِ]

(٣٩٦) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَإِذَا شَدَّ الْكَسِيرُ الْجَبَائِرَ، وَكَانَ طَاهِرًا وَلَمْ يَعْدُ بِهَا مَوْضِعَ الْكَسْرِ، مَسَحَ عَلَيْهَا كُلَّمَا أَحْدَثَ، إلَى أَنْ يَحُلَّهَا) الْجَبَائِرُ: مَا يُعَدُّ لِوَضْعِهِ عَلَى الْكَسْرِ؛ لِيَنْجَبِرَ. وَقَوْلُهُ: " وَلَمْ يَعْدُ بِهَا مَوْضِعَ الْكَسْرِ ". أَرَادَ لَمْ يَتَجَاوَزْ الْكَسْرَ إلَّا بِمَا لَا بُدَّ مِنْ وَضْعِ الْجَبِيرَةِ عَلَيْهِ، فَإِنَّ الْجَبِيرَةَ إنَّمَا تُوضَعُ عَلَى طَرَفَيْ الصَّحِيحِ؛ لِيَرْجِعَ الْكَسْرُ.

قَالَ الْخَلَّالُ: كَأَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ اسْتَحَبَّ أَنْ يَتَوَقَّى أَنْ يَبْسُطَ الشَّدَّ عَلَى الْجُرْحِ بِمَا يُجَاوِزُهُ، ثُمَّ سَهَّلَ فِي مَسْأَلَةِ الْمَيْمُونِيِّ وَالْمَرُّوذِيِّ؛ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا لَا يَنْضَبِطُ، وَهُوَ شَدِيدٌ جِدًّا، وَلَا بَأْسَ بِالْمَسْحِ عَلَى الْعَصَائِبِ، كَيْفَ شَدَّهَا. وَالصَّحِيحُ مَا ذَكَرْنَاهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا شَدَّهَا عَلَى مَكَان يَسْتَغْنِي عَنْ شَدِّهَا عَلَيْهِ، كَانَ تَارِكًا لِغَسْلِ مَا يُمْكِنُهُ غَسْلُهُ، مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ، فَلَمْ يَجُزْ، كَمَا لَوْ شَدَّهَا عَلَى مَا لَا كَسْرَ فِيهِ، فَإِذَا شَدَّهَا عَلَى طَهَارَةٍ، وَخَافَ الضَّرَرَ بِنَزْعِهَا، فَلَهُ أَنْ يَمْسَحَ عَلَيْهَا، إلَى أَنْ يَحُلَّهَا. وَمِمَّنْ رَأَى الْمَسْحَ عَلَى الْعَصَائِبِ ابْنُ عُمَرَ، وَعُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ، وَعَطَاءٌ. وَأَجَازَ الْمَسْحَ عَلَى الْجَبَائِرِ الْحَسَنُ، وَالنَّخَعِيُّ، وَمَالِكٌ، وَإِسْحَاقُ، وَالْمُزَنِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ، فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ: يُعِيدُ كُلَّ صَلَاةٍ صَلَّاهَا؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِالْغَسْلِ، وَلَمْ يَأْتِ بِهِ. وَلَنَا مَا رَوَى عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «انْكَسَرَتْ إحْدَى زَنْدَيَّ، فَأَمَرَنِي النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ أَمْسَحَ عَلَى الْجَبَائِرِ» . رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ. وَحَدِيثُ جَابِرٍ فِي الَّذِي أَصَابَتْهُ الشَّجَّةُ وَلِأَنَّهُ قَوْلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>