للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الِاسْتِثْنَاءُ، وَعَلَى قَوْلِ غَيْرِهِمَا يُنْظَرُ فِي الْمُسْتَثْنَى، إنْ كَانَ مِثْلَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ أَوْ أَكْثَرَ، بَطَلَ، وَإِلَّا صَحَّ.

وَعِنْدَ الْقَاضِي يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ، وَيَصِحُّ تَفْسِيرُ الْأَلْفِ بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ، إذَا كَانَ مِنْ قِيمَةِ ذَلِكَ الشَّيْءِ، بَعْدَ اسْتِثْنَاءِ الدَّرَاهِمِ مِنْهُ.

[فَصْلٌ قَالَ لَهُ عَلَيَّ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ دِرْهَمًا]

(٣٨٥٥) فَصْلٌ: وَإِنْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ دِرْهَمًا. فَالْجَمِيعُ دَرَاهِمُ. لَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا. وَإِنْ قَالَ: مِائَةٌ وَخَمْسُونَ دِرْهَمًا. فَكَذَلِكَ.

وَخَرَّجَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَجْهًا أَنَّهُ لَا يَكُونُ تَفْسِيرًا إلَّا لِمَا يَلِيهِ، وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ. وَكَذَلِكَ إنْ قَالَ: أَلْفٌ وَثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ، أَوْ خَمْسُونَ دِرْهَمًا وَأَلْفُ دِرْهَمٍ، أَوْ أَلْفٌ وَمِائَةُ دِرْهَمٍ، أَوْ مِائَةٌ وَأَلْفُ دِرْهَمٍ. وَالصَّحِيحُ

مَا ذَكَرْنَا؛ فَإِنَّ الدِّرْهَمَ الْمُفَسَّرَ يَكُونُ تَفْسِيرًا لِجَمِيعِ مَا قَبْلَهُ مِنْ الْجُمَلِ الْمُبْهَمَةِ وَجِنْسِ الْعَدَدِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ أَنَّهُ قَالَ {إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً} [ص: ٢٣] . وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تُوُفِّيَ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ سَنَةً، وَتُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ سَنَةً، وَتُوُفِّيَ عُمَرُ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ سَنَةً.

وَقَالَ عَنْتَرَةُ:

فِيهَا اثْنَتَانِ وَأَرْبَعُونَ حَلُوبَةً ... سُودًا كَخَافِيَةِ الْغُرَابِ الْأَسْحَمِ

وَلِأَنَّ الدِّرْهَمَ ذُكِرَ تَفْسِيرًا، وَلِهَذَا لَا تَجِبُ بِهِ زِيَادَةٌ عَلَى الْعَدَدِ الْمَذْكُورِ، فَكَانَ تَفْسِيرًا لِجَمِيعِ مَا قَبْلَهُ، لِأَنَّهَا تَحْتَاجُ إلَى تَفْسِيرٍ، وَهُوَ صَالِحٌ لِتَفْسِيرِهَا، فَوَجَبَ حَمْلُهُ عَلَى ذَلِكَ. وَهَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ فِي قَوْلِهِ: أَلْفٌ وَثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ.

وَسَائِر الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ، فَعَلَى قَوْلِ مَنْ لَا يَجْعَلُ الْمُجْمَلَ مِنْ جِنْسِ الْمُفَسَّرِ لَوْ قَالَ: بِعْتُك هَذَا بِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ دِرْهَمًا، أَوْ بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ دِرْهَمًا. لَا يَصِحُّ وَهُوَ قَوْلٌ شَاذٌّ ضَعِيفٌ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ.

[فَصْل قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ وَدِرْهَمٌ أَوْ أَلْفٌ وَثَوْبٌ أَوْ قَفِيزُ حِنْطَةٍ]

(٣٨٥٦) فَصْلٌ: وَإِنْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ وَدِرْهَمٌ، أَوْ أَلْفٌ وَثَوْبٌ، أَوْ قَفِيزُ حِنْطَةٍ. فَالْمُجْمَلُ مِنْ جِنْسِ الْمُفَسَّرِ أَيْضًا. وَكَذَلِكَ إنْ قَالَ: أَلْفُ دِرْهَمٍ وَعَشْرَةٌ، أَوْ أَلْفُ ثَوْبٍ وَعِشْرُونَ.

وَهَذَا قَوْلُ الْقَاضِي، وَابْنِ حَامِدٍ، وَأَبِي ثَوْرٍ. وَقَالَ التَّمِيمِيُّ، وَأَبُو الْخَطَّابِ: يُرْجَعُ فِي تَفْسِيرِ الْمُجْمَلِ إلَيْهِ، لِأَنَّ الشَّيْءَ يُعْطَفُ عَلَى جِنْسِهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: ٢٣٤] . وَلِأَنَّ الْأَلْفَ مُبْهَمٌ فَرُجِعَ فِي تَفْسِيرِهِ إلَى الْمُقِرِّ، كَمَا لَوْ لَمْ يَعْطِفْ عَلَيْهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>