للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابْنِ عُمَرَ، وَلَمْ يَعْرِفْ لَهُ فِي الصَّحَابَةِ مُخَالِفًا؛ وَلِأَنَّهُ مَسَحَ عَلَى حَائِلٍ أُبِيحَ لَهُ الْمَسْحُ عَلَيْهِ، فَلَمْ تَجِبْ مَعَهُ الْإِعَادَةُ، كَالْمَسْحِ عَلَى الْخُفِّ

[فَصْل يُفَارِقُ مَسْحُ الْجَبِيرَةِ مَسْحَ الْخُفِّ مِنْ خَمْسَةِ أَوْجُهٍ]

(٣٩٧) فَصْلٌ: وَيُفَارِقُ مَسْحُ الْجَبِيرَةِ مَسْحَ الْخُفِّ مِنْ خَمْسَةِ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا، أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهَا إلَّا عِنْدَ الضَّرَرِ بِنَزْعِهَا، وَالْخُفُّ بِخِلَافِ ذَلِكَ.

وَالثَّانِي، أَنَّهُ يَجِبُ اسْتِيعَابُهَا بِالْمَسْحِ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ فِي تَعْمِيمِهَا بِهِ، بِخِلَافِ الْخُفِّ؛ فَإِنَّهُ يَشُقُّ تَعْمِيمُ جَمِيعِهِ، وَيُتْلِفُهُ الْمَسْحُ. وَإِنْ كَانَ بَعْضُهَا فِي مَحَلِّ الْفَرْضِ، وَبَعْضُهَا فِي غَيْرِهِ، مَسَحَ مَا حَاذَى مَحَلَّ الْفَرْضِ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ.

الثَّالِثُ أَنَّهُ يَمْسَحُ عَلَى الْجَبِيرَةِ مِنْ غَيْرِ تَوْقِيتٍ بِيَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَلَا ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ؛ لِأَنَّ مَسْحَهَا

لِلضَّرُورَةِ

، فَيُقَدَّرُ بِقَدْرِهَا، وَالضَّرُورَةُ تَدْعُو فِي مَسْحِهَا إلَى حَلِّهَا، فَيُقَدَّرُ بِذَلِكَ دُونَ غَيْرِهِ.

الرَّابِعُ، أَنَّهُ يَمْسَحُ عَلَيْهَا فِي الطَّهَارَةِ الْكُبْرَى، بِخِلَافِ غَيْرِهَا؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ يَلْحَقُ بِنَزْعِهَا فِيهَا، بِخِلَافِ الْخُفِّ.

الْخَامِسُ، أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَقَدُّمُ الطَّهَارَةِ عَلَى شَدِّهَا فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ وَقَالَ: قَدْ رَوَى حَرْبٌ، وَإِسْحَاقُ، وَالْمَرُّوذِيُّ، فِي ذَلِكَ سُهُولَةً عَنْ أَحْمَدَ. وَاحْتَجَّ بِابْنِ عُمَرَ، وَكَأَنَّهُ تَرَكَ قَوْلَهُ الْأَوَّلَ، وَهُوَ أَشْبَهُ؛ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا لَا يَنْضَبِطُ، وَيَغْلُظُ عَلَى النَّاسِ جِدًّا، فَلَا بَأْسَ بِهِ. وَيُقَوِّي هَذَا حَدِيثُ جَابِرٍ فِي الَّذِي أَصَابَتْهُ، الشَّجَّةُ، فَإِنَّهُ قَالَ: «إنَّمَا كَانَ يُجْزِئُهُ أَنْ يَعْصِبَ عَلَى جُرْحِهِ خِرْقَةً، وَيَمْسَحَ عَلَيْهَا.» وَلَمْ يَذْكُرْ الطَّهَارَةَ، وَكَذَلِكَ أَمَرَ عَلِيًّا أَنْ يَمْسَحَ عَلَى الْجَبَائِرِ، وَلَمْ يَشْتَرِطْ طَهَارَةً؛ وَلِأَنَّ الْمَسْحَ عَلَيْهَا جَازَ دَفْعًا لِمَشَقَّةِ نَزْعِهَا، وَنَزْعُهَا، يَشُقُّ إذَا لَبِسَهَا عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ، كَمَشَقَّتِهِ إذَا لَبِسَهَا عَلَى طَهَارَةٍ.

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يَمْسَحُ عَلَيْهَا إلَّا أَنْ يَشُدَّهَا عَلَى طَهَارَةٍ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ؛ لِأَنَّهُ حَائِلٌ يَمْسَحُ عَلَيْهِ، فَكَانَ مِنْ شَرْطِ الْمَسْحِ عَلَيْهِ تَقَدُّمُ الطَّهَارَةِ، كَسَائِرِ الْمَمْسُوحَاتِ. فَعَلَى هَذَا إذَا لَبِسَهَا عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ، ثُمَّ خَافَ مِنْ نَزْعِهَا، تَيَمَّمَ لَهَا. وَكَذَا إذَا تَجَاوَزَ بِالشَّدِّ عَلَيْهَا مَوْضِعَ الْحَاجَةِ، وَخَافَ مِنْ نَزْعِهَا، تَيَمَّمَ لَهَا؛ لِأَنَّهُ مَوْضِعٌ يَخَافُ الضَّرَرَ بِاسْتِعْمَالِ الْمَاءِ فِيهِ، فَيَتَيَمَّمُ لَهُ كَالْجُرْحِ نَفْسِهِ.

[فَصْل لَا يَحْتَاجُ مَعَ مَسْحِ الْخُفَّيْنِ إلَى تَيَمُّمٍ]

(٣٩٨) فَصْلٌ: وَلَا يَحْتَاجُ مَعَ مَسْحِهَا إلَى تَيَمُّمٍ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَتَيَمَّمَ مَعَ مَسْحِهَا فِيمَا إذَا تَجَاوَزَ بِهَا مَوْضِعَ الْحَاجَةِ؛ لِأَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>