للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ، يَلْزَمُهُ أَكْثَرُ مِنْ دِرْهَمٍ. وَلَعَلَّهُ ذَهَبَ إلَى أَنَّ الدِّرْهَمَ تَفْسِيرٌ لِلْجُمْلَةِ الَّتِي تَلِيه، فَيَلْزَمُهُ بِهَا دِرْهَمٌ، وَالْأُولَى بَاقِيَةٌ عَلَى إبْهَامِهَا، فَيُرْجَعُ فِي تَفْسِيرِهَا إلَيْهِ.

وَهَذَا يُشْبِهُ مَذْهَبَ التَّمِيمِيِّ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: إذَا قَالَ: كَذَا دِرْهَمًا. لَزِمَهُ عِشْرُونَ دِرْهَمًا؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ عَدَدٍ يُفَسَّرُ بِالْوَاحِدِ الْمَنْصُوبِ. وَإِنْ قَالَ كَذَا كَذَا دِرْهَمًا. لَزِمَهُ أَحَدَ عَشَرَ دِرْهَمًا؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ عَدَدٍ مُرَكَّبٍ يُفَسَّرُ بِالْوَاحِدِ الْمَنْصُوبِ. وَإِنْ قَالَ: كَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا. لَزِمَهُ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ عَدَدٍ عُطِفَ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ يُفَسَّرُ بِذَلِكَ، وَإِنْ قَالَ: كَذَا دِرْهَمٍ. بِالْجَرِّ لَزِمَهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ عَدَدٍ يُضَافُ إلَى الْوَاحِدِ.

وَحُكِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ، أَنَّهُ إذَا قَالَ: كَذَا كَذَا، أَوْ كَذَا وَكَذَا. يَلْزَمُهُ بِهِمَا أَحَدَ عَشَرَ دِرْهَمًا. وَلَنَا، أَنَّهُ يَحْتَمِلُ مَا قُلْنَا، وَيَحْتَمِلُ مَا قَالُوهُ، فَوَجَبَ الْمَصِيرُ إلَى مَا قُلْنَا؛ لِأَنَّهُ الْيَقِينُ، وَمَا زَادَ مَشْكُوكٌ فِيهِ، فَلَا يَجِبُ بِالشَّكِّ، كَمَا لَوْ قَالَ: عَلَيَّ دَرَاهِمُ. لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا أَقَلُّ الْجَمْعِ، وَلَا يَلْزَمُ كَثْرَةُ الِاسْتِعْمَالِ، فَإِنَّ اللَّفْظَ إذَا كَانَ حَقِيقَةً فِي الْأَمْرَيْنِ، جَازَ التَّفْسِيرُ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا.

وَعَلَى مَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ يَكُونُ اللَّفْظُ الْمُفْرَدُ مُوجِبًا لِأَكْثَرَ مِنْ الْمُكَرَّرِ، فَإِنَّهُ يَجِبُ بِالْمُفْرَدِ عِشْرُونَ، وَبِالْمُكَرَّرِ أَحَدَ عَشَرَ، وَلَا نَعْرِفُ لَفْظًا مُفْرَدًا مُتَنَاوِلًا لِعَدَدٍ صَحِيحٍ يَلْزَمُ بِهِ أَكْثَرُ مِمَّا يَلْزَمُ بِمُكَرَّرِهِ.

[فَصْل قَالَ غَصَبْتُكَ أَوْ غَبَنْتُك]

(٣٨٧١) فَصْلٌ: وَلَوْ قَالَ: غَصَبْتُك، أَوْ غَبَنْتُك. لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَغْصِبُهُ نَفْسَهُ، وَيَغِبْنَهُ فِي غَيْرِ الْمَالِ. وَإِنْ قَالَ: غَصَبْتُك شَيْئًا. وَفَسَّرَهُ بِغَصْبِ نَفْسِهِ، لَمْ يُقْبَلْ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ لَهُ مَفْعُولَيْنِ، فَجَعَلَهُ الْمَفْعُولَ الْأَوَّلَ وَشَيْئًا الْمَفْعُولَ الثَّانِيَ، وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الثَّانِي غَيْرَ الْأَوَّلِ. وَإِنْ فَسَّرَهُ بِمَالٍ، قُبِلَ وَإِنْ قَلَّ، وَإِنْ فَسَّرَهُ بِكَلْبٍ، أَوْ جِلْدِ مَيْتَةٍ، أَوْ سِرْجِينٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، قُبِلَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَقْهَرُهُ فَيَأْخُذُهُ مِنْهُ. وَإِنْ فَسَّرَهُ بِمَا لَا نَفْعَ فِيهِ، أَوْ بِمَا لَا يُبَاحُ الِانْتِفَاعُ بِهِ، لَمْ يُقْبَلْ؛ لِأَنَّ أَخْذَ ذَلِكَ لَيْسَ بِغَصْبٍ.

[فَصْل الشَّهَادَةُ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالْمَجْهُولِ]

(٣٨٧٢) فَصْلٌ: وَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالْمَجْهُولِ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِهِ صَحِيحٌ، وَمَا كَانَ صَحِيحًا فِي نَفْسِهِ، صَحَّتْ الشَّهَادَةُ بِهِ، كَالْمَعْلُومِ.

[مَسْأَلَة قَالَ لَهُ عِنْدِيّ رَهْنٌ فَقَالَ الْمَالِكُ وَدِيعَةٌ]

(٣٨٧٣) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَلَوْ قَالَ: لَهُ عِنْدِي رَهْنٌ. فَقَالَ الْمَالِكُ: وَدِيعَةٌ. كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمَالِكِ) . إنَّمَا قَدَّمَ قَوْلَ الْمَالِكِ؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ ثَبَتَتْ لَهُ بِالْإِقْرَارِ، وَادَّعَى الْمُقَرُّ دَيْنًا لَا يَعْتَرِفُ لَهُ بِهِ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ. وَلِأَنَّهُ أَقَرَّ بِمَالٍ لِغَيْرِهِ، وَادَّعَى أَنَّ لَهُ بِهِ تَعَلُّقًا، فَلَمْ يُقْبَلْ، كَمَا لَوْ ادَّعَاهُ بِكَلَامٍ مُنْفَصِلٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>