للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا عَلَى مَوْضِعِ الْحَاجَةِ يَقْتَضِي الْمَسْحَ، وَالزَّائِدُ يَقْتَضِي التَّيَمُّمَ، وَكَذَلِكَ فِيمَا إذَا شَدَّهَا عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ؛ لِأَنَّهَا مُخْتَلَفٌ فِي إبَاحَةِ الْمَسْحِ عَلَيْهَا. فَإِذَا قُلْنَا لَا يَمْسَحُ عَلَيْهَا. كَانَ فَرْضُهَا التَّيَمُّمَ. وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ يَكُونُ فَرْضُهَا الْمَسْحَ، فَإِذَا جَمَعَ بَيْنَهُمَا خَرَجَ مِنْ الْخِلَافِ، وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ فِي الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا قَوْلَانِ فِي الْجُمْلَةِ لِحَدِيثِ جَابِرٍ فِي الَّذِي أَصَابَتْهُ الشَّجَّةُ. وَلَنَا أَنَّهُ مَحَلٌّ وَاحِدٌ، فَلَا يَجْمَعُ فِيهِ بَيْنَ بَدَلَيْنِ، كَالْخُفِّ؛ وَلِأَنَّهُ مَمْسُوحٌ فِي طَهَارَةٍ، فَلَمْ يَجِبْ لَهُ التَّيَمُّمُ، كَالْخُفِّ، وَصَاحِبُ الشَّجَّةِ، الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَبِسَهَا عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ.

[فَصْل لَا فَرْقَ فِي التَّيَمُّم بَيْنَ كَوْنِ الشَّدِّ عَلَى كَسْرٍ أَوْ جُرْحٍ]

(٣٩٩) فَصْلٌ: وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الشَّدِّ عَلَى كَسْرٍ أَوْ جُرْحٍ، قَالَ أَحْمَدُ: إذَا تَوَضَّأَ، وَخَافَ عَلَى جُرْحِهِ الْمَاءَ، مَسَحَ عَلَى الْخِرْقَةِ. وَحَدِيثُ جَابِرٍ فِي صَاحِبِ الشَّجَّةِ إنَّمَا هُوَ فِي الْمَسْحِ عَلَى عِصَابَةِ جُرْحٍ؛ لِأَنَّ الشَّجَّةَ اسْمٌ لِجُرْحِ الرَّأْسِ خَاصَّةً؛ وَلِأَنَّهُ حَائِلُ مَوْضِعٍ يَخَافُ الضَّرَرَ بِغَسْلِهِ، فَأَشْبَهَ الشَّدَّ عَلَى الْكَسْرِ. وَكَذَلِكَ إنْ وَضَعَ عَلَى جُرْحِهِ دَوَاءً، وَخَافَ مِنْ نَزْعِهِ، مَسَحَ عَلَيْهِ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ. قَالَ الْأَثْرَمُ: سَأَلْت أَبَا عَبْد اللَّهِ عَنْ الْجُرْحِ يَكُونُ بِالرَّجُلِ، يَضَعُ، عَلَيْهِ الدَّوَاءَ، فَيَخَافُ إنْ نَزَعَ الدَّوَاءَ إذَا أَرَادَ الْوُضُوءَ أَنْ يُؤْذِيَهُ؟ قَالَ: مَا أَدْرِي مَا يُؤْذِيهِ، وَلَكِنْ إذَا خَافَ عَلَى نَفْسِهِ، أَوْ خُوِّفَ مِنْ ذَلِكَ، مَسَحَ عَلَيْهِ.

وَرَوَى الْأَثْرَمُ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ خَرَجَتْ بِإِبْهَامِهِ قُرْحَةٌ، فَأَلْقَمَهَا مَرَارَةً، فَكَانَ يَتَوَضَّأُ عَلَيْهَا. وَلَوْ انْقَطَعَ ظُفْرُ إنْسَانٍ، أَوْ كَانَ بِأُصْبُعِهِ جُرْحٌ خَافَ إنْ أَصَابَهُ الْمَاءُ أَنْ يَزْرَقَّ الْجُرْحُ، جَازَ الْمَسْحُ عَلَيْهِ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ. وَقَالَ الْقَاضِي، فِي اللُّصُوقِ عَلَى الْجُرْحِ: إنْ لَمْ يَكُنْ فِي نَزْعِهِ ضَرَرٌ نَزَعَهُ، وَغَسَلَ الصَّحِيحَ، وَيَتَيَمَّمُ لِلْجُرْحِ، وَيَمْسَحُ عَلَى مَوْضِعِ الْجُرْحِ، فَإِنْ كَانَ فِي نَزْعِهِ ضَرَرٌ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْجَبِيرَةِ، يَمْسَحُ عَلَيْهِ.

[فَصْل كَانَ فِي رِجْلِ الْمُتَيَمِّم شَقٌّ فَجَعَلَ فِيهِ قِيرًا]

(٤٠٠) فَصْلٌ: فَإِنْ كَانَ فِي رِجْلِهِ شَقٌّ، فَجَعَلَ فِيهِ قِيرًا، فَقَالَ أَحْمَدُ يَنْزِعُهُ وَلَا يَمْسَحُ عَلَيْهِ. وَقَالَ: هَذَا أَهْوَنُ، هَذَا لَا يُخَافُ مِنْهُ. فَقِيلَ لَهُ: مَتَى يَسَعُ صَاحِبَ الْجُرْحِ أَنْ يَمْسَحَ عَلَى الْجُرْحِ؟ فَقَالَ: إذَا خَشِيَ أَنْ يَزْدَادَ وَجَعًا أَوْ شِدَّةً. وَتَعْلِيلُ أَحْمَدَ فِي الْقِيرِ بِسُهُولَتِهِ يَقْتَضِي أَنَّهُ مَتَى كَانَ عَلَى شَيْءٍ يَخَافُ مِنْهُ، جَازَ الْمَسْحُ عَلَيْهِ، كَمَا قُلْنَا فِي الْإِصْبَعِ الْمَجْرُوحَةِ إذَا جَعَلَ عَلَيْهَا مَرَارَةً أَوْ عَصَبَهَا، مَسَحَهَا. وَقَالَ مَالِكٌ فِي الظُّفْرِ يَسْقُطُ: يَكْسُوهُ مُصْطَكَا، وَيَمْسَحُ عَلَيْهِ. وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>