للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٣٨٨١) فَصْلٌ: وَإِنْ كَانَ أَحَدُ الْوَلَدَيْنِ غَيْرَ وَارِثٍ، لِكَوْنِهِ رَقِيقًا، أَوْ مُخَالِفًا لِدِينِ مَوْرُوثِهِ، أَوْ قَاتِلًا، فَلَا عِبْرَةَ بِهِ، وَثَبَتَ النَّسَبُ بِقَوْلِ الْآخَرِ وَحْدَهُ؛ لِأَنَّهُ يَحُوزُ جَمِيعَ الْمِيرَاثِ. ثُمَّ إنْ كَانَ الْمُقَرُّ بِهِ يَرِثُ، شَارَكَ الْمُقِرَّ فِي الْمِيرَاثِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ وَارِثٍ، لِوُجُودِ أَحَدِ الْمَوَانِعِ فِيهِ، ثَبَتَ نَسَبُهُ وَلَمْ يَرِثْ؛ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُقِرُّ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا.

[فَصْل كَانَ أَحَدُ الْوَارِثَيْنِ غَيْرَ مُكَلَّفٍ فَأَقَرَّ الْمُكَلَّفُ بِأَخٍ ثَالِثٍ]

(٣٨٨٢) فَصْلٌ: وَإِنْ كَانَ أَحَدُ الْوَارِثَيْنِ غَيْرَ مُكَلَّفٍ، كَالصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ، فَأَقَرَّ الْمُكَلَّفُ بِأَخٍ ثَالِثٍ، لَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ بِإِقْرَارِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحُوزُ الْمِيرَاثَ كُلَّهُ. فَإِنْ بَلَغَ الصَّبِيُّ، أَوْ أَفَاقَ الْمَجْنُونُ، فَأَقَرَّا بِهِ أَيْضًا، ثَبَتَ نَسَبُهُ؛ لِاتِّفَاقِ جَمِيعِ الْوَرَثَةِ عَلَيْهِ. وَإِنْ أَنْكَرَ، لَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ. وَإِنْ مَاتَا قَبْلَ أَنْ يَصِيرَا مُكَلَّفَيْنِ، ثَبَتَ نَسَبُ الْمُقَرِّ بِهِ؛ لِأَنَّهُ وُجِدَ الْإِقْرَارُ مِنْ جَمِيعِ الْوَرَثَةِ، فَإِنَّ الْمُقَرَّ بِهِ صَارَ جَمِيعَ الْوَرَثَةِ.

وَلَوْ كَانَ الْوَارِثَانِ بَالِغَيْنِ عَاقِلَيْنِ، فَأَقَرَّ بِهِ أَحَدُهُمَا وَأَنْكَرَ الْآخَرُ، ثُمَّ مَاتَ الْمُنْكِرُ وَوَرِثَهُ الْمُقِرُّ، ثَبَتَ نَسَبُ الْمُقَرِّ بِهِ؛ لِأَنَّ الْمُقَرَّ بِهِ صَارَ جَمِيعَ الْوَرَثَةِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَقَرَّ بِهِ ابْتِدَاءً بَعْدَ مَوْتِ أَخِيهِ، وَكَمَا لَوْ كَانَ شَرِيكُهُ فِي الْمِيرَاثِ غَيْرَ مُكَلَّفٍ. وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ؛ لِأَنَّهُ أَنْكَرَهُ بَعْضُ الْوَرَثَةِ، فَلَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ، كَمَا لَوْ لَمْ يَمُتْ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ شَرِيكُهُ غَيْرَ مُكَلَّفٍ، فَإِنَّهُ لَمْ يُنْكِرْهُ وَارِثٌ.

وَهَذَا فِيمَا إذَا كَانَ الْمُقِرُّ يَحُوزُ جَمِيعَ الْمِيرَاثِ بَعْدَ الْمَيِّتِ، فَإِنْ كَانَ لِلْمَيِّتِ وَارِثٌ سِوَاهُ، أَوْ مَنْ يُشَارِكُهُ فِي الْمِيرَاثِ، لَمْ يَثْبُت النَّسَبُ بِقَوْلِ الْبَاقِي مِنْهُمَا، وَجْهًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ كُلَّ الْوَرَثَةِ، وَيَقُومُ وَارِثُ الْمَيِّتِ الثَّانِي مَقَامَهُ، فَإِذَا وَافَقَ الْمُقِرَّ فِي إقْرَارِهِ ثَبَتَ النَّسَبُ، وَإِنْ خَالَفَهُ لَمْ يَثْبُتْ كَالْمَوْرُوثِ. وَإِنْ خَلَّفَ وَلَدَيْنِ، فَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِأَخٍ، وَأَنْكَرَهُ الْآخَرُ، ثُمَّ مَاتَ الْمُنْكِرُ، وَخَلَّفَ ابْنًا، فَأَقَرَّ بِاَلَّذِي أَنْكَرَهُ أَبُوهُ، ثَبَتَ نَسَبُهُ؛ لِإِقْرَارِ جَمِيعِ الْوَرَثَةِ بِهِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَثْبُتَ؛ لِإِنْكَارِ الْمَيِّتِ لَهُ.

[فَصْلٌ أَقَرَّ الْوَارِثُ بِمَنْ يَحْجُبُهُ]

(٣٨٨٣) فَصْلٌ: وَإِذَا أَقَرَّ الْوَارِثُ بِمَنْ يَحْجُبُهُ، كَأَخٍ أَقَرَّ بِابْنٍ لِلْمَيِّتِ، وَأَخٍ مِنْ أَبٍ أَقَرَّ بِأَخٍ مِنْ أَبَوَيْنِ، وَابْنِ ابْنٍ أَقَرَّ بِابْنٍ لِلْمَيِّتِ، ثَبَتَ نَسَبُ الْمُقَرِّ بِهِ، وَوَرِثَ وَسَقَطَ الْمُقِرُّ. وَهَذَا اخْتِيَارُ ابْنِ حَامِدٍ وَالْقَاضِي، وَقَوْلُ أَبِي الْعَبَّاسِ بْنِ سُرَيْجٍ. وَقَالَ أَكْثَرُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ: يَثْبُتُ نَسَبُ الْمُقَرِّ بِهِ، وَلَا يَرِثُ؛ لِأَنَّ تَوْرِيثَهُ يُفْضِي إلَى إسْقَاطِ تَوْرِيثِهِ. فَسَقَطَ، بَيَانُهُ أَنَّهُ لَوْ وَرِثَ لَخَرَجَ الْمُقَرُّ بِهِ عَنْ كَوْنِهِ وَارِثًا، فَيَبْطُلُ إقْرَارُهُ، وَيَسْقُطُ نَسَبُ الْمُقَرِّ بِهِ وَتَوْرِيثُهُ، فَيُؤَدِّي تَوْرِيثُهُ إلَى إسْقَاطِ نَسَبِهِ وَتَوْرِيثِهِ، فَأَثْبَتْنَا النَّسَبَ دُونَ الْمِيرَاثِ.

وَلَنَا، أَنَّهُ ابْنٌ ثَابِتُ النَّسَبِ، لَمْ يُوجَدْ فِي حَقِّهِ أَحَدُ مَوَانِعِ الْإِرْثِ، فَيَدْخُلُ فِي عُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ} [النساء: ١١] .

<<  <  ج: ص:  >  >>