للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْل إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى جُرْحِ الْمُتَيَمِّم عِصَابٌ]

(٤٠١) فَصْلٌ: وَإِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْجُرْحِ عِصَابٌ فَقَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ، أَنَّهُ يَغْسِلُ الصَّحِيحَ، وَيَتَيَمَّمُ لِلْجُرْحِ. وَقَدْ رَوَى حَنْبَلٌ، عَنْ أَحْمَدَ، فِي الْمَجْرُوحِ وَالْمَجْدُورِ يُخَافُ عَلَيْهِ، يَمْسَحُ مَوْضِعَ الْجُرْحِ، وَيَغْسِلُ مَا حَوْلَهُ. يَعْنِي يَمْسَحُ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ عِصَابٌ.

[بَابُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ]

الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ جَائِزٌ عِنْدَ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ. حَكَى ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ ابْنِ الْمُبَارَكِ قَالَ: لَيْسَ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ اخْتِلَافٌ أَنَّهُ جَائِزٌ. وَعَنْ الْحَسَنِ قَالَ: حَدَّثَنِي سَبْعُونَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ.» وَرَوَى الْبُخَارِيُّ، عَنْ سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ، وَالْمُغِيرَةِ، وَعَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ. «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ.»

وَرَوَى أَبُو دَاوُد، عَنْ «جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّهُ تَوَضَّأَ، وَمَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ، فَقِيلَ لَهُ: أَتَفْعَلُ هَذَا؟ قَالَ: مَا يَمْنَعُنِي أَنْ أَمْسَحَ، وَقَدْ رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَمْسَحُ، فَقِيلَ لَهُ: قَبْلَ نُزُولِ الْمَائِدَةِ أَوْ بَعْدَهُ؟ فَقَالَ: مَا أَسْلَمْت إلَّا بَعْدَ نُزُولِ الْمَائِدَةِ. وَفِي رِوَايَةٍ، أَنَّهُ قَالَ: إنِّي رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَالَ، ثُمَّ تَوَضَّأَ، وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ.» قَالَ إبْرَاهِيمُ: فَكَانَ يُعْجِبُهُمْ هَذَا؛ لِأَنَّ إسْلَامَ جَرِيرٍ كَانَ بَعْدَ نُزُولِ الْمَائِدَةِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَرَوَاهُ حُذَيْفَةُ، وَالْمُغِيرَةُ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا. قَالَ أَحْمَدُ: لَيْسَ فِي قَلْبِي مِنْ الْمَسْحِ شَيْءٌ، فِيهِ أَرْبَعُونَ حَدِيثًا عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا رَفَعُوا إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَا وَقَفُوا

[فَصْل الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ أَفْضَلُ مِنْ الْغَسْلِ]

(٤٠٢) فَصْلٌ: وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ: الْمَسْحُ أَفْضَلُ. يَعْنِي مِنْ الْغَسْلِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابَهُ إنَّمَا طَلَبُوا الْفَضْلَ. وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَالْحَكَمِ، وَإِسْحَاقَ؛ لِأَنَّهُ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ يُؤْخَذَ بِرُخَصِهِ» . «وَمَا خُيِّرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ أَمْرَيْنِ، إلَّا اخْتَارَ أَيْسَرَهُمَا» ؛ وَلِأَنَّ فِيهِ مُخَالَفَةَ أَهْلِ الْبِدَعِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ لِشُعَيْبِ بْنِ حَرْبٍ: لَا يَنْفَعُك مَا كَتَبْت، حَتَّى تَرَى الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ أَفْضَلَ مِنْ الْغَسْلِ. وَرَوَى حَنْبَلٌ، عَنْ أَحْمَدَ، أَنَّهُ قَالَ: كُلُّهُ جَائِزٌ، الْمَسْحُ وَالْغَسْلُ، مَا فِي قَلْبِي مِنْ الْمَسْحِ شَيْءٌ، وَلَا مِنْ الْغَسْلِ.

وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْمُنْذِرِ. وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ أَمَرَهُمْ أَنْ يَمْسَحُوا عَلَى خِفَافِهِمْ، وَخَلَعَ خُفَّيْهِ، وَتَوَضَّأَ، وَقَالَ: حُبِّبَ إلَيَّ الْوُضُوءُ. وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: إنِّي لَمُولَعٌ بِغَسْلِ قَدَمَيَّ، فَلَا تَقْتَدُوا بِي. وَقِيلَ: الْغَسْلُ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّهُ الْمَفْرُوضُ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى، وَالْمَسْحُ رُخْصَةٌ. وَقَدْ ذَكَرْنَا مِنْ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ تُقْبَلَ رُخَصُهُ» .

<<  <  ج: ص:  >  >>