للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعَبْدَ. وَإِنْ قُلْنَا: ضَمَانُ الْجِنَايَةِ. فَعَلَيْهِ أَلْفٌ، وَرَدُّ الْعَبْدِ فَحَسْبُ. وَإِنْ نَقَصَ خَمْسَمِائَةٍ، فَعَلَيْهِ رَدُّ الْعَبْدِ، وَهَلْ يَلْزَمُهُ أَلْفٌ أَوْ خَمْسُمِائَةٍ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ.

[فَصْلٌ غَصَبَ عَبْدًا فَقَطَعَ آخَرُ يَدَهُ]

(٣٩٤٤) فَصْلٌ: وَإِنْ غَصَبَ عَبْدًا، فَقَطَعَ آخَرُ يَدَهُ، فَلِلْمَالِكِ تَضْمِينُ أَيِّهِمَا شَاءَ؛ لِأَنَّ الْجَانِيَ قَطَعَ يَدَهُ، وَالْغَاصِبُ حَصَلَ النَّقْصُ فِي يَدِهِ، إنْ ضَمَّنَ الْجَانِيَ، فَلَهُ تَضْمِينُهُ نِصْفَ قِيمَتِهِ لَا غَيْرُ، وَلَا يَرْجِعُ عَلَى أَحَدٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُضَمِّنْهُ أَكْثَرَ مِمَّا وَجَبَ عَلَيْهِ. وَيَضْمَنُ الْغَاصِبُ مَا زَادَ عَلَى نِصْفِ الْقِيمَةِ إنْ نَقَصَ أَكْثَرُ مِنْ النِّصْفِ، وَلَا يَرْجِعُ عَلَى أَحَدٍ. وَإِنْ قُلْنَا: إنَّ ضَمَانَ الْغَصْبِ ضَمَانُ الْجِنَايَةِ، أَوْ لَمْ يَنْقُصْ أَكْثَرُ مِنْ نِصْفِ قِيمَتِهِ. لَمْ يَضْمَنْ الْغَاصِبُ هَاهُنَا شَيْئًا.

وَإِنْ اخْتَارَ تَضْمِينَ الْغَاصِبِ، وَقُلْنَا: إنَّ ضَمَانَ الْغَصْبِ كَضَمَانِ الْجِنَايَةِ. ضَمَّنَهُ نِصْفَ الْقِيمَةِ، وَرَجَعَ بِهَا الْغَاصِبُ عَلَى الْجَانِي؛ لِأَنَّ التَّلَفَ حَصَلَ بِفِعْلِهِ فَاسْتَقَرَّ الضَّمَانُ عَلَيْهِ. وَإِنْ قُلْنَا: إنَّ ضَمَانَ الْغَصْبِ بِمَا نَقَصَ. فَلِرَبِّ الْعَبْدِ تَضْمِينُهُ بِأَكْثَرِ الْأَمْرَيْنِ؛ لِأَنَّ مَا وُجِدَ فِي يَدِهِ فَهُوَ فِي حُكْمِ الْمَوْجُودِ مِنْهُ، ثُمَّ يَرْجِعُ الْغَاصِبُ عَلَى الْجَانِي بِنِصْفِ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهَا أَرْشُ جِنَايَتِهِ، فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَكْثَرُ مِنْهَا.

[فَصْلٌ غَصَبَ عَبْدًا فَقَطَعَ أُذُنَيْهِ أَوْ يَدَيْهِ أَوْ ذَكَرَهُ أَوْ أَنْفَهُ أَوْ لِسَانَهُ أَوْ خُصْيَتَيْهِ]

فَصْلٌ: وَإِنْ غَصَبَ عَبْدًا فَقَطَعَ أُذُنَيْهِ، أَوْ يَدَيْهِ، أَوْ ذَكَرَهُ، أَوْ أَنْفَهُ، أَوْ لِسَانَهُ أَوْ خُصْيَتَيْهِ، لَزِمَتْهُ قِيمَتُهُ كُلُّهَا، وَرَدُّ الْعَبْدِ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ وَبِهَذَا قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ يُخَيَّرُ الْمَالِكُ بَيْنَ أَنْ يَصْبِرَ وَلَا شَيْءَ لَهُ، وَبَيْنَ أَخْذِ قِيمَتِهِ وَيَمْلِكُهُ الْجَانِي؛ لِأَنَّهُ ضَمَانُ مَالٍ، فَلَا يَبْقَى مِلْكُ صَاحِبِهِ عَلَيْهِ مَعَ ضَمَانِهِ لَهُ، كَسَائِرِ الْأَمْوَالِ.

وَلَنَا، أَنَّ الْمُتْلَفَ الْبَعْضُ، فَلَا يَقِفُ ضَمَانُهُ عَلَى زَوَالِ الْمِلْكِ عَنْ جُمْلَتِهِ، كَقَطْعِ ذَكَرِ الْمُدَبَّرِ، وَكَقَطْعِ إحْدَى يَدَيْهِ أَوْ أُذُنَيْهِ، وَلِأَنَّ الْمَضْمُونَ هُوَ الْمُفَوِّتُ، فَلَا يَزُولُ الْمِلْكُ عَنْ غَيْرِهِ بِضَمَانِهِ، كَمَا لَوْ قَطَعَ تِسْعَ أَصَابِعَ. وَبِهَذَا يَنْفَصِلُ عَمَّا ذَكَرُوهُ، فَإِنَّ الضَّمَانَ فِي مُقَابَلَةِ الْمُتْلَفِ، لَا فِي مُقَابَلَةِ الْجُمْلَةِ. فَأَمَّا إنْ ذَهَبَتْ هَذِهِ الْأَعْضَاءُ بِغَيْرِ جِنَايَةٍ، فَهَلْ يَضْمَنُهَا ضَمَانَ الْإِتْلَافِ، أَوْ بِمَا نَقَصَ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، سَبَقَ ذِكْرُهُمَا.

[فَصْلٌ جِنَايَة الْعَبْد الْمَغْصُوب]

(٣٩٤٦) فَصْلٌ: وَإِنْ جَنَى الْعَبْدُ الْمَغْصُوبُ، فَجِنَايَتُهُ مَضْمُونَةٌ عَلَى الْغَاصِبِ؛ لِأَنَّهُ نَقْصٌ فِي الْعَبْدِ الْجَانِي، لِكَوْنِ أَرْشِ الْجِنَايَةِ يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ، فَكَانَ مَضْمُونًا عَلَى الْغَاصِبِ، كَسَائِرِ نَقْصِهِ. وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ مَا يُوجِبُ الْقِصَاصَ أَوْ الْمَالَ. وَلَا يَلْزَمُهُ أَكْثَرُ مِنْ النَّقْصِ الَّذِي لَحِقَ الْعَبْدَ. وَإِنْ جَنَى عَلَى سَيِّدِهِ، فَجِنَايَتُهُ مَضْمُونَةٌ عَلَى الْغَاصِبِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ جِنَايَاتِهِ، فَكَانَ مَضْمُونًا عَلَى الْغَاصِبِ، كَالْجِنَايَةِ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>