للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِغَيْرِ الْوِلَادَةِ.

وَإِنْ ضَرَبَ الْغَاصِبُ بَطْنَهَا فَأَلْقَتْ الْجَنِينَ مَيِّتًا، فَعَلَيْهِ عُشْرُ قِيمَةِ أُمِّهِ. وَإِنْ ضَرَبَ بَطْنَهَا أَجْنَبِيٌّ، فَفِيهِ مِثْلُ ذَلِكَ، وَلِلْمَالِكِ تَضْمِينُ أَيِّهِمَا شَاءَ، فَإِنْ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ، رَجَعَ عَلَى الضَّارِبِ، وَإِنْ ضَمَّنَ الضَّارِبَ، لَمْ يَرْجِعْ عَلَى أَحَدٍ؛ لِأَنَّ الْإِتْلَافَ وُجِدَ مِنْهُ، فَاسْتَقَرَّ الضَّمَانُ عَلَيْهِ. وَإِنْ مَاتَتْ الْجَارِيَةُ، فَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا أَكْثَرَ مَا كَانَتْ. وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ أَرْشُ بَكَارَتِهَا، وَنَقْصِ وِلَادَتِهَا، وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ ضَمَانُ وَلَدِهَا، وَلَا مَهْرُ مِثْلِهَا، وَسَوَاءٌ فِي هَذِهِ الْأَحْكَامِ كُلِّهَا حَالَةُ الْإِكْرَاهِ أَوْ الْمُطَاوَعَةِ؛ لِأَنَّهَا حُقُوقٌ لِسَيِّدِهَا، فَلَا تَسْقُطُ بِمُطَاوَعَتِهَا.

وَأَمَّا حُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى، كَالْحَدِّ عَلَيْهَا، وَالْإِثْمِ، وَالتَّعْزِيرِ فِي مَوْضِعٍ يَجِبُ، فَإِنْ كَانَتْ مُطَاوِعَةً عَلَى الْوَطْءِ، عَالِمَةً بِالتَّحْرِيمِ، فَعَلَيْهَا الْحَدُّ إذَا كَانَتْ مِنْ أَهْلِهِ، وَالْإِثْمُ، وَإِلَّا فَلَا. (٣٩٦٩) فَصْلٌ: وَإِنْ كَانَ الْغَاصِبُ جَاهِلًا بِتَحْرِيمِ ذَلِكَ؛ لِقُرْبِ عَهْدِهِ بِالْإِسْلَامِ، أَوْ نَاشِئًا بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ يَخْفَى عَلَيْهِ مِثْلُ هَذَا، فَاعْتَقَدَ حِلَّ وَطْئِهَا، أَوْ اعْتَقَدَ أَنَّهَا جَارِيَتُهُ فَأَخَذَهَا، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهَا غَيْرُهَا، فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْحَدَّ يُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ، وَعَلَيْهِ الْمَهْرُ، وَأَرْشُ الْبَكَارَةِ.

وَإِنْ حَمَلَتْ فَالْوَلَدُ حُرٌّ، لِاعْتِقَادِهِ أَنَّهَا مِلْكُهُ، وَيَلْحَقُهُ النَّسَبُ لِمَوْضِعِ الشُّبْهَةِ. وَإِنْ وَضَعَتْهُ مَيِّتًا، لَمْ يَضْمَنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ حَيَاتَهُ، وَلِأَنَّهُ لَمْ يَحُلْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ، وَإِنَّمَا وَجَبَ تَقْوِيمُهُ لِأَجْلِ الْحَيْلُولَةِ. وَإِنْ وَضَعَتْهُ حَيًّا، فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ يَوْمَ انْفِصَالِهِ؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَ عَلَيْهِ رِقَّهُ بِاعْتِقَادِهِ، وَلَا يُمْكِنُ تَقْوِيمُهُ حَمْلًا، فَقُوِّمَ عَلَيْهِ أَوَّلَ حَالِ انْفِصَالِهِ؛ لِأَنَّهُ أَوَّلُ حَالِ إمْكَانِ تَقْوِيمِهِ، وَلِأَنَّ ذَلِكَ وَقْتُ الْحَيْلُولَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ.

وَإِنْ ضَرَبَ الْغَاصِبُ بَطْنَهَا، فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا، فَعَلَيْهِ غُرَّةٌ عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ، قِيمَتُهَا خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ، مَوْرُوثَةً عَنْهُ، لَا يَرِثُ الضَّارِبُ مِنْهَا شَيْئًا؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ جَنِينًا حُرًّا، وَعَلَيْهِ لِلسَّيِّدِ عُشْرُ قِيمَةِ أُمِّهِ؛ لِأَنَّ الْإِسْقَاطَ لَمَّا اعْتَقَبَ الضَّرْبَ، فَالظَّاهِرُ حُصُولُهُ بِهِ، وَضَمَانُهُ لِلسَّيِّدِ ضَمَانُ الْمَمَالِيكِ، وَلِهَذَا لَوْ وَضَعَتْهُ حَيًّا قَوَّمْنَاهُ مَمْلُوكًا.

وَإِنْ كَانَ الضَّارِبُ أَجْنَبِيًّا، فَعَلَيْهِ غُرَّةٌ دِيَةُ الْجَنِينِ الْحُرِّ؛ لِأَنَّهُ مَحْكُومٌ بِحُرِّيَّتِهِ، وَتَكُونُ مَوْرُوثَةً عَنْهُ، وَعَلَى الْغَاصِبِ لِلسَّيِّدِ عُشْرُ قِيمَةِ أُمِّهِ؛ لِأَنَّهُ يَضْمَنُهُ ضَمَانَ الْمَمَالِيكِ، وَقَدْ فَوَّتَ رِقَّهُ عَلَى السَّيِّدِ، وَحَصَلَ التَّلَفُ فِي يَدَيْهِ. وَالْحُكْمُ فِي الْمَهْرِ، وَالْأَرْشِ، وَالْأَجْرِ، وَنَقْصِ الْوِلَادَةِ، وَقِيمَتِهَا إنْ تَلِفَتْ، مَا مَضَى إذَا كَانَا عَالِمَيْنِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ حُقُوقُ الْآدَمِيِّينَ، فَلَا تَسْقُطُ بِالْجَهْلِ وَالْخَطَأِ، كَالدِّيَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>