للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَأَنَّهُ خَلَعَهُمَا قَبْلَ مَسْحِهِ عَلَيْهِمَا. وَقَالَ الْحَسَنُ، وَقَتَادَةُ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: لَا يَتَوَضَّأُ وَلَا يَغْسِلُ قَدَمَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَزَالَ الْمَمْسُوحَ عَلَيْهِ بَعْدَ كَمَالِ الطَّهَارَةِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ حَلَقَ رَأْسَهُ بَعْدَ الْمَسْحِ عَلَيْهِ، أَوْ قَلَّمَ أَظْفَارَهُ بَعْدَ غَسْلِهَا؛ وَلِأَنَّ النَّزْعَ لَيْسَ بِحَدَثٍ، وَالطَّهَارَةُ لَا تَبْطُلُ إلَّا بِالْحَدَثِ. وَلَنَا أَنَّ الْوُضُوءَ بَطَلَ فِي بَعْضِ الْأَعْضَاءِ، فَبَطَلَ فِي جَمِيعِهَا، كَمَا لَوْ أَحْدَثَ، وَمَا ذَكَرُوهُ يَبْطُلُ بِنَزْعِ أَحَدِ الْخُفَّيْنِ، فَإِنَّهُ يُبْطِلُ الطَّهَارَةَ فِي الْقَدَمَيْنِ جَمِيعًا، وَإِنَّمَا نَابَ مَسْحُهُ عَنْ إحْدَاهُمَا. وَأَمَّا التَّيَمُّمُ عَنْ بَعْضِ الْأَعْضَاءِ إذَا بَطَلَ، فَقَدْ سَبَقَ الْقَوْلُ فِيهِ فِي مَوْضِعِهِ.

وَحُكِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ إذَا خَلَعَ خُفَّيْهِ، غَسَلَ قَدَمَيْهِ مَكَانَهُ، وَصَحَّتْ طَهَارَتُهُ. وَإِنْ أَخَّرَهُ، اسْتَأْنَفَ الطَّهَارَةَ؛ لِأَنَّ الطَّهَارَةَ كَانَتْ صَحِيحَةً فِي جَمِيعِ الْأَعْضَاءِ إلَى حِينِ نَزْعِ الْخُفَّيْنِ، أَوْ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ، وَإِنَّمَا بَطَلَتْ فِي الْقَدَمَيْنِ خَاصَّةً، فَإِذَا غَسَلَهُمَا عَقِيبَ النَّزْعِ، لَمْ تَفُتْ الْمُوَالَاةُ؛ لِقُرْبِ غَسْلِهِمَا مِنْ الطَّهَارَةِ الصَّحِيحَةِ فِي بَقِيَّةِ الْأَعْضَاءِ، بِخِلَافِ مَا إذَا تَرَاخَى غَسْلُهُمَا.

وَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْمَسْحَ قَدْ بَطَلَ حُكْمُهُ، وَصَارَ إلَى أَنْ نُضِيفَ الْغَسْلَ إلَى الْغَسْلِ، فَلَمْ يَبْقَ لِلْمَسْحِ حُكْمٌ؛ وَلِأَنَّ الِاعْتِبَارَ فِي الْمُوَالَاةِ إنَّمَا هُوَ لِقُرْبِ الْغَسْلِ مِنْ الْغَسْلِ، لَا مِنْ حُكْمِهِ، فَإِنَّهُ مَتَى زَالَ حُكْمُ الْغَسْلِ بَطَلَتْ الطَّهَارَةُ، وَلَمْ يَنْفَعْ قُرْبُ الْغَسْلِ شَيْئًا؛ لِكَوْنِ الْحُكْمِ لَا يَعُودُ بَعْدَ زَوَالِهِ إلَّا بِسَبَبٍ جَدِيدٍ.

[فَصْل نَزَعَ الْعِمَامَةَ بَعْدَ مَسْحِهَا]

(٤١٣) فَصْلٌ: وَإِنْ نَزَعَ الْعِمَامَةَ بَعْدَ مَسْحِهَا، بَطَلَتْ طَهَارَتُهُ أَيْضًا. وَعَلَى الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى، يَلْزَمُهُ مَسْحُ رَأْسِهِ، وَغَسْلُ قَدَمَيْهِ؛ لِيَحْصُلَ التَّرْتِيبُ. وَلَوْ نَزَعَ الْجَبِيرَةَ بَعْدَ مَسْحِهَا، فَهُوَ كَنَزْعِ الْعِمَامَةِ، إلَّا أَنَّهُ إنْ كَانَ مَسَحَ عَلَيْهَا فِي غُسْلٍ يَعُمُّ الْبَدَنَ، لَمْ يَحْتَجْ إلَى إعَادَةِ غُسْلٍ وَلَا وُضُوءٍ؛ لِأَنَّ التَّرْتِيبَ وَالْمُوَالَاةَ سَاقِطَانِ فِيهِ

[فَصْل نَزْعُ أَحَدِ الْخُفَّيْنِ كَنَزْعِهِمَا]

(٤١٤) فَصْلٌ: وَنَزْعُ أَحَدِ الْخُفَّيْنِ كَنَزْعِهِمَا فِي قَوْلِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْهُمْ: مَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَيَلْزَمُهُ نَزْعُ الْآخَرِ، وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: يَغْسِلُ الْقَدَمَ الَّذِي نَزَعَ الْخُفَّ مِنْهُ، وَيَمْسَحُ الْآخَرَ؛ لِأَنَّهُمَا عُضْوَانِ، فَأَشْبَهَا الرَّأْسَ وَالْقَدَمَ، وَلَنَا أَنَّهُمَا فِي الْحُكْمِ كَعُضْوٍ وَاحِدٍ، وَلِهَذَا لَا يَجِبُ تَرْتِيبُ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ، فَيَبْطُلُ مَسْحُ أَحَدِهِمَا بِظُهُورِ الْآخَرِ، كَالرِّجْلِ الْوَاحِدَةِ، وَبِهَذَا فَارَقَ الرَّأْسَ وَالْقَدَمَ.

[فَصْل انْكِشَافُ بَعْض الْقَدَمِ مِنْ خَرْقٍ كَنَزْعِ الْخُفِّ]

(٤١٥) فَصْلٌ: وَانْكِشَافُ بَعْضِ الْقَدَمِ مِنْ خَرْقٍ كَنَزْعِ الْخُفِّ. فَإِنْ انْكَشَفَتْ ظِهَارَتُهُ، وَبَقِيَتْ بِطَانَتُهُ، لَمْ تَضُرَّ؛ لِأَنَّ الْقَدَمَ مَسْتُورَةٌ بِمَا يَتْبَعُ الْخُفَّ فِي الْبَيْعِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ لَمْ يَنْكَشِطْ

<<  <  ج: ص:  >  >>