للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ أَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ، سُمِعَتْ، وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْبَائِعِ لَهُ؛ لِأَنَّهُ يُجَرِّبُهَا إلَى نَفْسِهِ نَفْعًا.

وَإِنْ أَنْكَرَاهُ جَمِيعًا، فَلَهُ إحْلَافُهُمَا إنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ. قَالَ أَحْمَدُ، فِي رَجُلٍ يَجِدُ سَرِقَتَهُ بِعَيْنِهَا عِنْدَ إنْسَانٍ، قَالَ: هُوَ مِلْكُهُ، يَأْخُذُهُ، أَذْهَبُ إلَى حَدِيثِ سَمُرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ وَجَدَ مَتَاعَهُ عِنْدَ رَجُلٍ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ، وَيَتْبَعُ الْمُبْتَاعُ مَنْ بَاعَهُ» . رَوَاهُ هُشَيْمٌ، عَنْ مُوسَى بْنِ السَّائِبِ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ الْحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ، وَمُوسَى بْنِ السَّائِبِ ثِقَةٌ.

[فَصْلٌ كَانَ الْمُشْتَرِي أَعْتَقَ الْعَبْدَ فَأَقَرَّا جَمِيعًا]

(٣٩٩٤) فَصْلٌ: وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي أَعْتَقَ الْعَبْدَ، فَأَقَرَّا جَمِيعًا، لَمْ يُقْبَلْ ذَلِكَ، وَكَانَ الْعَبْدُ حُرًّا؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ لِغَيْرِهِمَا، فَإِنْ وَافَقَهُمَا. الْعَبْدُ، فَقَالَ الْقَاضِي: لَا يُقْبَلُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ يَتَعَلَّقُ بِهَا حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى، وَلِهَذَا لَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ بِالْعِتْقِ، مَعَ اتِّفَاقِ السَّيِّدَ وَالْعَبْدِ عَلَى الرِّقِّ، سُمِعَتْ شَهَادَتُهُمَا، وَلَوْ قَالَ رَجُلٌ: أَنَا حُرٌّ. ثُمَّ أَقَرَّ بِالرِّقِّ، لَمْ يُقْبَلْ إقْرَارُهُ. وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ.

وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَبْطُلَ الْعِتْقُ إذَا اتَّفَقُوا كُلُّهُمْ، وَيَعُودُ الْعَبْدُ إلَى الْمُدَّعِي؛ لِأَنَّهُ مَجْهُولُ النَّسَبِ، أَقَرَّ بِالرِّقِّ لِمَنْ يَدَّعِيه، فَصَحَّ، كَمَا لَوْ لَمْ يَعْتِقْهُ الْمُشْتَرِي. وَمَتَى حَكَمْنَا بِالْحُرِّيَّةِ، فَلِلْمَالِكِ تَضْمِينُ أَيِّهِمَا شَاءَ قِيمَتَهُ يَوْمَ عِتْقِهِ، ثُمَّ إنْ ضَمَّنَ الْبَائِعَ، رَجَعَ عَلَى الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَهُ، وَإِنْ رَجَعَ عَلَى الْمُشْتَرِي، لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْبَائِعِ إلَّا بِالثَّمَنِ؛ لِأَنَّ التَّلَفَ حَصَلَ مِنْهُ، فَاسْتَقَرَّ الضَّمَانُ عَلَيْهِ.

وَإِنْ مَاتَ الْعَبْدُ وَخَلَّفَ مَالًا، فَهُوَ لِلْمُدَّعِي؛ لِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى أَنَّهُ لَهُ. وَإِنَّمَا مَنَعْنَا رَدَّ الْعَبْدِ إلَيْهِ، لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْحُرِّيَّةِ بِهِ، إلَّا أَنْ يَخْلُفَ وَارِثًا فَيَأْخُذَهُ، وَلَا يَثْبُتُ الْوَلَاءُ عَلَيْهِ لَأَحَدٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدَّعِيه أَحَدٌ. وَإِنْ صَدَّقَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ وَحْدَهُ، رَجَعَ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ، وَلَمْ يَرْجِعْ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ. وَبَقِيَّةُ الْأَقْسَامِ عَلَى مَا مَضَى.

[فَصْلٌ بَاعَ عَبْدًا أَوْ وَهَبَهُ ثُمَّ ادَّعَى أَنِّي فَعَلْت ذَلِكَ قَبْلَ أَنَّ أَمْلِكَهُ]

(٣٩٩٥) فَصْلٌ: وَإِذَا بَاعَ عَبْدًا أَوْ وَهَبَهُ، ثُمَّ ادَّعَى أَنِّي فَعَلْت ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ أَمْلِكَهُ، وَقَدْ مَلَكْته الْآنَ بِمِيرَاثٍ أَوْ هِبَةٍ مِنْ مَالِكِهِ، فَيَلْزَمُك رَدُّهُ عَلَيَّ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ الْأَوَّلَ وَالْهِبَةَ بَاطِلَانِ. وَإِنْ أَقَامَ بِذَلِكَ بَيِّنَةً نَظَرْت؛ فَإِنْ كَانَ قَالَ حِينَ الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ: هَذَا مِلْكِي. أَوْ بِعْتُك مِلْكِي هَذَا. أَوْ كَانَ فِي ضِمْنِهِ إقْرَارٌ بِأَنَّهُ مِلْكُهُ، نَحْوُ أَنْ يَقُولَ: قَبَضْت ثَمَنَ مِلْكِي أَوْ قَبَضْته. وَنَحْوَ ذَلِكَ، لَمْ تُقْبَلْ الْبَيِّنَةُ؛ لِأَنَّهُ مُكَذِّبٌ لَهَا، وَهِيَ تُكَذِّبُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ، قُبِلَتْ الشَّهَادَةُ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يَبِيعُ وَيَهَبُ مِلْكَهُ وَغَيْرَ مِلْكِهِ.

[فَصْلٌ جَنَى الْعَبْدُ الْمَغْصُوب جِنَايَةً أَوْجَبَتْ الْقِصَاصَ]

(٣٩٩٦) فَصْلٌ: إذَا جَنَى الْعَبْدُ الْمَغْصُوبُ جِنَايَةً أَوْجَبَتْ الْقِصَاصَ، فَاقْتُصَّ مِنْهُ، فَضَمَانُهُ عَلَى الْغَاصِبِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَلِفَ فِي يَدَيْهِ، فَإِنْ عُفِيَ عَنْهُ عَلَى مَالٍ، تَعَلَّقَ ذَلِكَ بِرَقَبَتِهِ، وَضَمَانُ ذَلِكَ عَلَى الْغَاصِبِ؛ لِأَنَّهُ نَقْصٌ حَدَثَ فِي يَدِهِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>