للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُشْتَرِي، كَحُصُولِهِ مِنْ الْيَتِيمِ، بِخِلَافِ بَيْعِهِ مَالَ الْيَتِيمِ، فَإِنَّهُ يُمْكِنُهُ تَقْلِيلُ الثَّمَنِ لِيَأْخُذَ الشِّقْصَ بِهِ، فَإِذَا رُفِعَ الْأَمْرُ إلَى الْحَاكِمِ، فَبَاعَ عَلَيْهِ، فَلِلْوَصِيِّ الْأَخْذُ حِينَئِذٍ؛ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ، وَإِنْ كَانَ مَكَانَ الْوَصِيِّ أَبٌ، فَبَاعَ شِقْصَ الصَّبِيِّ، فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ بِالشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ نَفْسِهِ مَالَ وَلَدِهِ، لِعَدَمِ التُّهْمَةِ.

وَإِنْ بِيعَ شِقْصٌ فِي شَرِكَةِ حَمْلٍ، لَمْ يَكُنْ لِوَلِيِّهِ أَنْ يَأْخُذَ لَهُ بِالشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَمْلِيكُهُ بِغَيْرِ الْوَصِيَّةِ. وَإِذَا وُلِدَ الْحَمْلُ ثُمَّ كَبِرَ، فَلَهُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ، كَالصَّبِيِّ إذَا كَبِرَ.

[فَصْلٌ عَفَا وَلِي الصَّبِيِّ عَنْ شُفْعَتِهِ الَّتِي لَهُ فِيهَا حَظٌّ ثُمَّ أَرَادَ الْأَخْذَ بِهَا]

(٤٠٤٤) فَصْلٌ: وَإِذَا عَفَا وَلِي الصَّبِيِّ عَنْ شُفْعَتِهِ الَّتِي لَهُ فِيهَا حَظٌّ، ثُمَّ أَرَادَ الْأَخْذَ بِهَا، فَلَهُ ذَلِكَ، فِي قِيَاسِ الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَسْقُطْ بِإِسْقَاطِهِ، وَلِذَلِكَ مَلَكَ الصَّبِيُّ الْأَخْذَ بِهَا إذَا كَبِرَ، وَلَوْ سَقَطَتْ لَمْ يَمْلِكْ الْأَخْذَ بِهَا. وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَمْلِكَ الْأَخْذَ بِهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى ثُبُوتِ حَقِّ الشُّفْعَةِ عَلَى التَّرَاخِي، وَذَلِكَ عَلَى خِلَافِ الْخَبَرِ وَالْمَعْنَى.

وَيُخَالِفُ أَخْذَ الصَّبِيِّ بِهَا إذَا كَبِرَ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ يَتَجَدَّدُ لَهُ عِنْدَ كِبَرِهِ، فَلَا يَمْلِكُ تَأْخِيرَهُ حِينَئِذٍ، وَكَذَلِكَ أَخْذُ الْغَائِبِ بِهَا إذَا قَدِمَ. فَأَمَّا إنْ تَرَكَهَا لِعَدَمِ الْحَظِّ فِيهَا، ثُمَّ أَرَادَ الْأَخْذَ بِهَا، وَالْأَمْرُ عَلَى مَا كَانَ، لَمْ يَمْلِكْ ذَلِكَ كَمَا لَمْ يَمْلِكْهُ ابْتِدَاءً.

وَإِنْ صَارَ فِيهَا حَظٌّ، أَوْ كَانَ مُعْسِرًا عِنْدَ الْبَيْعِ فَأَيْسَرَ بَعْدَ ذَلِكَ، انْبَنَى ذَلِكَ عَلَى سُقُوطِهَا بِذَلِكَ؛ فَإِنْ قُلْنَا: لَا تَسْقُطُ، وَلِلصَّبِيِّ الْأَخْذُ بِهَا إذَا كَبِرَ. فَحُكْمُهَا حُكْمُ مَا فِيهِ الْحَظُّ، وَإِنْ قُلْنَا: تَسْقُطُ. فَلَيْسَ لَهُ الْأَخْذُ بِهَا بِحَالٍ؛ لِأَنَّهَا قَدْ سَقَطَتْ عَلَى الْإِطْلَاقِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ عَفَا الْكَبِيرُ عَنْ شُفْعَتِهِ.

(٤٠٤٥) فَصْلٌ: وَالْحُكْمُ فِي الْمَجْنُونِ الْمُطْبَقِ كَالْحُكْمِ فِي الصَّبِيِّ سَوَاءٌ؛ لِأَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ لِحَظِّهِ، وَكَذَلِكَ السَّفِيهُ لِذَلِكَ، وَأَمَّا الْمُغْمَى عَلَيْهِ فَلَا وِلَايَةَ عَلَيْهِ، وَحُكْمُهُ حُكْمُ الْغَائِبِ وَالْمَجْنُونِ يُنْتَظَرُ إفَاقَتُهُ.

وَأَمَّا الْمُفْلِسُ، فَلَهُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ، وَالْعَفْوُ عَنْهَا، وَلَيْسَ لِغُرَمَائِهِ الْأَخْذُ بِهَا؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَمْ يَثْبُتْ لَهُمْ فِي أَمْلَاكِهِ قَبْلَ قِسْمَتِهَا، وَلَا إجْبَارُهُ عَلَى الْأَخْذِ بِهَا؛ لِأَنَّهَا مُعَاوَضَةٌ، فَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا، كَسَائِرِ الْمُعَاوَضَاتِ. وَلَيْسَ لَهُمْ إجْبَارُهُ عَلَى الْعَفْوِ؛ لِأَنَّهُ إسْقَاطُ حَقٍّ، فَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ.

وَسَوَاءٌ كَانَ لَهُ حَظٌّ فِي الْأَخْذِ بِهَا، أَوْ لَمْ يَكُنْ؛ لِأَنَّهُ يَأْخُذُ فِي ذِمَّتِهِ، وَلَيْسَ بِمَحْجُورِ عَلَيْهِ فِي ذِمَّتِهِ، لَكِنْ لَهُمْ مَنْعُهُ مِنْ دَفْعِ مَالِهِ فِي ثَمَنِهَا؛ لِتَعَلُّقِ حُقُوقِهِمْ بِمَالِهِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ اشْتَرَى فِي ذِمَّتِهِ شِقْصًا غَيْرَ هَذَا. وَمَتَى مَلَكَ الشِّقْصَ الْمَأْخُوذَ بِالشُّفْعَةِ، تَعَلَّقَتْ حُقُوقُ الْغُرَمَاءِ بِهِ، سَوَاءٌ أَخَذَهُ بِرِضَاهُمْ أَوْ بِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ لَهُ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ اكْتَسَبَهُ.

وَأَمَّا الْمُكَاتَبُ، فَلَهُ الْأَخْذُ وَالتَّرْكُ، وَلَيْسَ لِسَيِّدِهِ الِاعْتِرَاضُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ التَّصَرُّفَ يَقَعُ لَهُ دُونَ سَيِّدِهِ. فَأَمَّا الْمَأْذُونُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ مِنْ الْعَبِيدِ، فَلَهُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ لَهُ فِي الشِّرَاءِ، وَإِنْ عَفَا عَنْهَا لَمْ يَنْفُذْ عَفْوُهُ؛

<<  <  ج: ص:  >  >>