للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَابِقٍ فِي مِلْكٍ مُتَجَدِّدٍ بَعْدَهُ، وَإِنْ قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا: مِلْكِي سَابِقٌ. وَلِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ بِمَا ادَّعَاهُ، قُضِيَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ، قَدَّمْنَا أَسْبَقَهُمَا تَارِيخًا، وَإِنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِسَبْقِ مِلْكِهِ، وَتَجَدُّدِ مِلْكِ صَاحِبِهِ، تَعَارَضَتَا.

وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ نَظَرْنَا إلَى السَّابِقِ بِالدَّعْوَى، فَقَدَّمْنَا دَعْوَاهُ، وَسَأَلْنَا خَصْمَهُ، فَإِنْ أَنْكَرَ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ، فَإِنْ حَلَفَ، سَقَطَتْ دَعْوَى الْأَوَّلِ، ثُمَّ تُسْمَعُ دَعْوَى الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ، فَإِنْ أَنْكَرَ وَحَلَفَ، سَقَطَتْ دَعْوَاهُمَا جَمِيعًا. وَإِنْ ادَّعَى الْأَوَّلُ، فَنَكَلَ الثَّانِي عَنْ الْيَمِينِ، قَضَيْنَا عَلَيْهِ، وَلَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ؛ لِأَنَّ خَصْمَهُ قَدْ اسْتَحَقَّ مِلْكَهُ.

وَإِنْ حَلَفَ الثَّانِي، وَنَكَلَ الْأَوَّلُ، قَضَيْنَا عَلَيْهِ.

[فَصْلٌ اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ فِي ثَمَنِ الشُّفْعَة]

(٤٠٦٩) فَصْلٌ: إذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ فِي الثَّمَنِ، فَادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّ الثَّمَنَ أَلْفَانِ، وَقَالَ الْمُشْتَرِي: هُوَ أَلْفٌ. فَأَقَامَ الْبَائِعُ بَيِّنَةً أَنَّ الثَّمَنَ أَلْفَانِ، أَخَذَهُمَا مِنْ الْمُشْتَرِي. وَلِلشَّفِيعِ أَخْذُهُ بِالْأَلْفِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ مُقَرٌّ لَهُ بِاسْتِحْقَاقِهِ بِأَلْفٍ، وَيَدَّعِي أَنَّ الْبَائِعَ ظَلَمَهُ. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إنْ حَكَمَ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ بِأَلْفَيْنِ، أَخَذَهُ الشَّفِيعُ بِهِمَا؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ إذَا حَكَمَ عَلَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ بَطَلَ قَوْلُهُ، وَثَبَتَ مَا حَكَمَ بِهِ الْحَاكِمُ. وَلَنَا، أَنَّ الْمُشْتَرِيَ مُقِرٌّ بِأَنَّ هَذِهِ الْبَيِّنَةَ كَاذِبَةٌ، وَأَنَّهُ ظَلَمَهُ بِأَلْفٍ، فَلَمْ يُحْكَمْ لَهُ بِهِ، وَإِنَّمَا حُكِمَ بِهَا لِلْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُكَذِّبُهَا.

فَإِنْ قَالَ الْمُشْتَرِي: صَدَقَتْ الْبَيِّنَةُ، وَكُنْتُ أَنَا كَاذِبًا أَوْ نَاسِيًا. فَفِيهِ وَجْهَانِ؛ أَحَدُهُمَا، لَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُ؛ لِأَنَّهُ رُجُوعٌ عَنْ إقْرَارٍ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ آدَمِيٍّ غَيْرِهِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَقَرَّ لَهُ بِدَيْنٍ. وَالثَّانِي، يُقْبَلُ قَوْلُهُ.

وَقَالَ الْقَاضِي: هُوَ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ عِنْدِي، كَمَا لَوْ أَخْبَرَ فِي الْمُرَابَحَةِ بِثَمَنٍ، ثُمَّ قَالَ: غَلِطْت.

وَالثَّمَنُ أَكْثَرُ، قُبِلَ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ، بَلْ هَاهُنَا أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ قَدْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ بِكَذِبِهِ، وَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِخِلَافِ قَوْلِهِ، فَقُبِلَ رُجُوعُهُ عَنْ الْكَذِبِ. وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لِلْبَائِعِ بَيِّنَةٌ، فَتَحَالَفَا، فَلِلشَّفِيعِ أَخْذُهُ بِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ الْبَائِعُ، وَإِنْ أَرَادَ أَخْذَهُ بِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي، لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ لِلْبَائِعِ فَسْخَ الْبَيْعِ، وَأَخْذِهِ بِمَا قَالَ الْمُشْتَرِي يَمْنَعُ ذَلِكَ، وَلِأَنَّهُ يَقْضِي إلَى إلْزَامِ الْعَقْدِ بِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي، وَلَا يَمْلِكُ ذَلِكَ.

فَإِنْ رَضِيَ الْمُشْتَرِي بِأَخْذِهِ بِمَا قَالَ الْبَائِعُ، جَازَ، وَمَلَكَ الشَّفِيعُ أَخْذَهُ بِالثَّمَنِ الَّذِي حَلَفَ عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي لِأَنَّ حَقَّ الْبَائِعِ مِنْ الْفَسْخِ قَدْ زَالَ. فَإِنْ عَادَ الْمُشْتَرِي فَصَدَّقَ الْبَائِعَ، وَقَالَ: الثَّمَنُ أَلْفَانِ، وَكُنْت غَالِطًا. فَهَلْ لِلشَّفِيعِ أَخْذُهُ بِالثَّمَنِ الَّذِي حَلَفَ عَلَيْهِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، كَمَا لَوْ قَامَتْ بِهِ بَيِّنَةٌ.

[فَصْلٌ اشْتَرَى شِقْصًا لَهُ شَفِيعَانِ فَادَّعَى عَلَى أَحَدِ الشَّفِيعَيْنِ أَنَّهُ عَفَا عَنْ الشُّفْعَةِ وَشَهِدَ لَهُ بِذَلِكَ الشَّفِيعُ الْآخَر]

(٤٠٧٠) فَصْلٌ: وَلَوْ اشْتَرَى شِقْصًا لَهُ شَفِيعَانِ، فَادَّعَى عَلَى أَحَدِ الشَّفِيعَيْنِ أَنَّهُ عَفَا عَنْ الشُّفْعَةِ، وَشَهِدَ لَهُ بِذَلِكَ الشَّفِيعُ

<<  <  ج: ص:  >  >>