للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْجَدِيدِ.

وَقَالَ فِي الْقَدِيمِ: إنَّ أَخَاهُ أَحَقُّ بِالشُّفْعَةِ. وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ؛ لِأَنَّ أَخَاهُ أَخَصُّ بِشَرِكَتِهِ مِنْ الْعَمِّ، لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي سَبَبِ الْمِلْكِ. وَلَنَا، أَنَّهُمَا شَرِيكَانِ حَالَ ثُبُوتِ الشُّفْعَةِ، فَكَانَتْ بَيْنَهُمَا، كَمَا لَوْ مَلَكُوا كُلُّهُمْ بِسَبَبٍ وَاحِدٍ، وَلِأَنَّ الشُّفْعَةَ تَثْبُتُ لِدَفْعِ ضَرَرِ الشَّرِيكِ الدَّاخِلِ عَلَى شُرَكَائِهِ بِسَبَبِ شَرِكَتِهِ، وَهَذَا يُوجَدُ فِي حَقِّ الْكُلِّ.

وَمَا ذَكَرُوهُ لَا أَصْلَ لَهُ، وَلَمْ يَثْبُتْ اعْتِبَارُ الشَّرْعِ لَهُ فِي مَوْضِعٍ، وَالِاعْتِبَارُ بِالشَّرِكَةِ لَا بِسَبَبِهَا. وَهَلْ تُقْسَمُ بَيْنَ الْعَمِّ وَابْنِ أَخِيهِ نِصْفَيْنِ، أَوْ عَلَى قَدْرِ مِلْكَيْهِمَا؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. وَهَكَذَا لَوْ اشْتَرَى رَجُلٌ نِصْفَ دَارٍ، ثُمَّ اشْتَرَى ابْنَاهُ نِصْفَهَا الْآخَرَ، أَوْ وَرِثَاهُ، أَوْ اتَّهَبَاهُ، أَوْ وَصَلَ إلَيْهِمَا بِسَبَبٍ مِنْ أَسْبَابِ الْمِلْكِ، فَبَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ.

أَوْ لَوْ وَرِثَ ثَلَاثَةٌ دَارًا، فَبَاعَ أَحَدُهُمْ نَصِيبَهُ مِنْ اثْنَيْنِ، ثُمَّ بَاعَ أَحَدُ الْمُشْتَرِيَيْنِ نَصِيبَهُ، فَالشُّفْعَةُ بَيْنَ جَمِيعِ الشُّرَكَاءِ. وَكَذَلِكَ لَوْ مَاتَ رَجُلٌ، وَخَلَّفَ ابْنَتَيْنِ وَأُخْتَيْنِ، فَبَاعَتْ إحْدَى الْأُخْتَيْنِ نَصِيبَهَا، أَوْ إحْدَى الِابْنَتَيْنِ، فَالشُّفْعَةُ بَيْنَ جَمِيعِ الشُّرَكَاءِ. وَلَوْ مَاتَ رَجُلٌ، وَخَلَفَ ثَلَاثَةَ بَنِينَ وَأَرْضًا، فَمَاتَ أَحَدُهُمْ عَنْ ابْنَيْنِ، فَبَاعَ أَحَدُ الْعَمَّيْنِ نَصِيبَهُ، فَالشُّفْعَةُ بَيْنَ أَخِيهِ وَابْنَيْ أَخِيهِ.

وَلَوْ خَلَّفَ ابْنَيْنِ، وَأَوْصَى بِثُلُثِهِ لِاثْنَيْنِ، فَبَاعَ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ، أَوْ أَحَدُ الِابْنَيْنِ، فَالشُّفْعَةُ بَيْنَ شُرَكَائِهِ كُلِّهِمْ. وَلِمُخَالِفِينَا فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ اخْتِلَافٌ يَطُولُ ذِكْرُهُ.

[فَصْلٌ كَانَ الْمُشْتَرِي شَرِيكًا فِي الشِّقْص]

(٤٠٧٣) فَصْلٌ: وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي شَرِيكًا، فَلِلشَّفِيعِ الْآخَرِ أَنْ يَأْخُذَ بِقَدْرِ نَصِيبِهِ. وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ.

وَحُكِيَ عَنْ الْحَسَنِ، وَالشَّعْبِيِّ، وَالْبَتِّيِّ: لَا شُفْعَةَ لِلْآخَرِ؛ لِأَنَّهَا تَثْبُتُ لِدَفْعِ ضَرَرِ الشَّرِيكِ الدَّاخِلِ، وَهَذَا شَرِكَتُهُ مُتَقَدِّمَةٌ، فَلَا ضَرَرَ فِي شِرَائِهِ. وَحَكَى ابْنُ الصَّبَّاغِ عَنْ هَؤُلَاءِ، أَنَّ الشُّفْعَةَ كُلَّهَا لِغَيْرِ الْمُشْتَرِي. وَلَا شَيْءَ لِلْمُشْتَرِي فِيهَا؛ لِأَنَّهَا تُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ، فَلَا يَسْتَحِقُّهَا عَلَى نَفْسِهِ.

وَلَنَا، أَنَّهُمَا تَسَاوَيَا فِي الشَّرِكَةِ، فَتَسَاوَيَا فِي الشُّفْعَةِ، كَمَا لَوْ اشْتَرَى أَجْنَبِيٌّ، بَلْ الْمُشْتَرِي أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ قَدْ مَلَكَ الشِّقْصَ الْمَشْفُوعَ. وَمَا ذَكَرْنَاهُ لِلْقَوْلِ الْأَوَّلِ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ يَحْصُلُ بِشِرَاءِ هَذَا السَّهْمِ الْمَشْفُوعِ، مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى الْمُشْتَرِي، وَقَدْ حَصَلَ شِرَاؤُهُ.

وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ أَيْضًا؛ لِأَنَّنَا لَا نَقُولُ إنَّهُ يَأْخُذُ مِنْ نَفْسِهِ بِالشُّفْعَةِ، وَإِنَّمَا يَمْنَعُ الشَّرِيكَ أَنْ يَأْخُذَ قَدْرَ حَقِّهِ بِالشُّفْعَةِ، فَيَبْقَى عَلَى مِلْكِهِ، ثُمَّ لَا يَمْنَعُ أَنْ يَسْتَحِقَّ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ، لِأَجْلِ تَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِهِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْعَبْدَ الْمَرْهُونَ إذَا جَنَى عَلَى عَبْدٍ آخَرَ لِسَيِّدِهِ، ثَبَتَ لِلسَّيِّدِ عَلَى عَبْدِهِ أَرْشُ الْجِنَايَةِ؛ لِأَجْلِ تَعَلُّقِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ بِهِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ رَهْنًا مَا تَعَلَّقَ بِهِ. إذَا ثَبَتَ هَذَا، فَإِنْ لِلشَّرِيكِ الْمُشْتَرِي أَخْذَ قَدْرِ نَصِيبِهِ لَا غَيْرُ أَوْ الْعَفْوَ.

وَإِنْ قَالَ لَهُ الْمُشْتَرِي: قَدْ أَسْقَطْت شُفْعَتِي، فَخُذْ

<<  <  ج: ص:  >  >>