للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ عَفَا أَحَدُ الْمُشْتَرِيَيْنِ، وَلَمْ يَعْفُ الْآخَرُ وَلَا الرَّابِعُ، قُسِّمَ مَبِيعُ الْمَعْفُوِّ عَنْهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرَّابِعِ نِصْفَيْنِ، وَمَبِيعُ الْآخَرِ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا، فَيَحْصُلُ لِلَّذِي لَمْ يَعْفُ عَنْهُ رُبْعُ وَثُلُثُ ثُمُنٍ، وَذَلِكَ سُدُسٌ وَثُمُنٌ، وَالْبَاقِي بَيْنَ الْآخَرَيْنِ نِصْفَيْنِ، وَتَصِحُّ مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَأَرْبَعِينَ. وَإِنْ عَفَا الرَّابِعُ عَنْ أَحَدِهِمَا، وَلَمْ يَعْفُ أَحَدُهُمَا عَنْ صَاحِبِهِ، أَخَذَ مِمَّنْ لَمْ يَعْفُ عَنْهُ ثُلُثَ الثَّمَنِ، وَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَيَكُونُ الرَّابِعُ كَالْعَافِي فِي الَّتِي قَبْلَهَا

وَتَصِحُّ أَيْضًا مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَأَرْبَعِينَ. وَإِنْ عَفَا الرَّابِعُ، أَوْ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ، وَلَمْ يَعْفُ الْآخَرُ، فَلِغَيْرِ الْعَافِي رُبْعٌ وَسُدُسٌ، وَالْبَاقِي بَيْن الْعَافِيَيْنِ نِصْفَيْنِ، لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سُدُسٌ وَثُمُنٌ، وَتَصِحُّ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ. وَمَا يُفَرَّعُ مِنْ الْمَسَائِلِ فَهُوَ عَلَى مَسَاقِ مَا ذَكَرْنَا.

[مَسْأَلَة لَا شُفْعَةَ لِكَافِرِ عَلَى مُسْلِمٍ]

(٤١٠٢) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَلَا شُفْعَةَ لِكَافِرٍ عَلَى مُسْلِمٍ) وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ الذِّمِّيَّ إذَا بَاعَ شَرِيكُهُ شِقْصًا لِمُسْلِمِ، فَلَا شُفْعَةَ لَهُ عَلَيْهِ. رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ الْحَسَنِ، وَالشَّعْبِيِّ. وَرُوِيَ عَنْ شُرَيْحٍ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، أَنَّ لَهُ الشُّفْعَةَ. وَبِهِ قَالَ النَّخَعِيُّ، وَإِيَاسُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، وَحَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَالثَّوْرِيُّ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَالْعَنْبَرِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ؛ لِعُمُومِ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَبِيعَ حَتَّى يَسْتَأْذِنَ شَرِيكَهُ، وَإِنْ بَاعَهُ، وَلَمْ يُؤْذِنْهُ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ»

وَلِأَنَّهُ خِيَارٌ ثَابِتٌ لِدَفْعِ الضَّرَرِ بِالشِّرَاءِ، فَاسْتَوَى فِيهِ الْمُسْلِمُ وَالْكَافِرُ، كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ. وَلَنَا مَا رَوَى الدَّارَقُطْنِيّ، فِي كِتَابِ " الْعِلَلِ "، بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا شُفْعَةَ لِنَصْرَانِيٍّ» . وَهَذَا يَخُصُّ عُمُومَ مَا احْتَجُّوا بِهِ. وَلِأَنَّهُ مَعْنًى يُمْلَكُ بِهِ، يَتَرَتَّبُ عَلَى وُجُودِ مِلْكٍ مَخْصُوصٍ، فَلَمْ يَجِبْ لِلذِّمِّيِّ عَلَى الْمُسْلِمِ، كَالزَّكَاةِ. وَلِأَنَّهُ مَعْنًى يَخْتَصُّ الْعَقَارَ، فَأَشْبَهَ الِاسْتِعْلَاءَ فِي الْبُنْيَانِ، يُحَقِّقُهُ أَنَّ الشُّفْعَةَ إنَّمَا ثَبَتَتْ لِلْمُسْلِمِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْ مِلْكِهِ، فَقُدِّمَ دَفْعُ ضَرَرِهِ عَلَى دَفْعِ ضَرَرِ الْمُشْتَرِي، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ تَقْدِيمِ دَفْعِ ضَرَرِ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ تَقْدِيمُ دَفْعِ ضَرَرِ الذِّمِّيِّ، فَإِنَّ حَقَّ الْمُسْلِمِ أَرْجَحُ، وَرِعَايَتَهُ أَوْلَى، وَلِأَنَّ ثُبُوتَ الشُّفْعَةِ فِي مَحِلِّ الْإِجْمَاعِ، عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ، رِعَايَةٌ لِحَقِّ الشَّرِيكِ الْمُسْلِمِ، وَلَيْسَ الذِّمِّيُّ فِي مَعْنَى الْمُسْلِمِ، فَيَبْقَى فِيهِ عَلَى مُقْتَضَى الْأَصْلِ

وَتَثْبُتُ الشُّفْعَةُ لِلْمُسْلِمِ عَلَى الذِّمِّيِّ؛ لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ الْمُوجِبَةِ، وَلِأَنَّهَا إذَا ثَبَتَتْ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ مَعَ عِظَمِ حُرْمَتِهِ، وَرِعَايَةِ حَقِّهِ، فَلَأَنْ تَثْبُتَ عَلَى الذِّمِّيِّ مَعَ دَنَاءَتِهِ، أَوْلَى وَأَحْرَى.

[فَصْل الشُّفْعَة لِلذِّمِّيِّ عَلَى الذِّمِّيِّ]

(٤١٠٣) فَصْلٌ: وَتَثْبُتُ لِلذِّمِّيِّ عَلَى الذِّمِّيِّ؛ لِعُمُومِ الْأَخْبَارِ، وَلِأَنَّهُمَا تَسَاوَيَا فِي الدِّينِ وَالْحُرْمَةِ، فَتَثْبُتُ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ، كَالْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ. وَلَا نَعْلَمُ فِي هَذَا خِلَافًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>