للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَرْجِعُ بِذَلِكَ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، بِنَاءً عَلَى مَا إذَا قُضِيَ دَيْنَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ

وَإِنْ تَبَرَّعَ بِالْإِنْفَاقِ، لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءِ، كَمَا لَوْ تَبَرَّعَ بِالصَّدَقَةِ. وَالْحُكْمُ فِيمَا إذَا أَنْفَقَ عَلَى الثَّمَرَةِ بَعْدَ فَسْخِ الْعَقْدِ إذَا تَعَذَّرَ بَيْعُهَا، كَالْحُكْمِ هَا هُنَا سَوَاءً.

[فَصْلٌ هُرُوب عَامِلِ الْمُسَاقَاة]

(٤١٢٧) فَصْل: وَإِنْ هَرَبَ الْعَامِلُ، فَلِرَبِّ الْمَالِ الْفَسْخُ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ جَائِزٌ. وَإِنْ قُلْنَا بِلُزُومِهِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَا لَوْ مَاتَ وَأَبَى وَارِثُهُ أَنْ يَقُومَ مَقَامَهُ، إلَّا أَنَّهُ إنْ لَمْ يَجِدْ الْحَاكِمُ لَهُ مَالًا، وَأَمْكَنَهُ الِاقْتِرَاضُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ غَيْرِهِ فَعَلَ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ، وَوَجَدَ مَنْ يَعْمَلُ بِأُجْرَةٍ مُؤَجَّلَةٍ إلَى وَقْتِ إدْرَاكِ الثَّمَرَةِ، فَعَلَ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ، فَلِرَبِّ الْمَالِ الْفَسْخُ. أَمَّا الْمَيِّتُ فَلَا يَقْتَرِضُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا ذِمَّةَ لَهُ.

[فَصْلٌ عَامِل الْمُسَاقَاة أَمِينٌ]

(٤١٢٨) فَصْلٌ: وَالْعَامِلُ أَمِينٌ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِيمَا يَدَّعِيه مِنْ هَلَاكٍ، وَمَا يُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ خِيَانَةٍ؛ لِأَنَّ رَبَّ الْمَالِ ائْتَمَنَهُ بِدَفْعِ مَالِهِ إلَيْهِ، فَهُوَ كَالْمُضَارِبِ، فَإِنْ اُتُّهِمَ حَلَفَ، فَإِنْ ثَبَتَتْ خِيَانَتُهُ بِإِقْرَارٍ أَوْ بِبَيِّنَةٍ أَوْ نُكُولِهِ، ضُمَّ إلَيْهِ مَنْ يُشْرِفُ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ حِفْظُهُ، اُسْتُؤْجِرَ مِنْ مَالِهِ مَنْ يَعْمَلُ عَمَلَهُ. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَقَالَ أَصْحَابُ مَالِكٍ: لَا يُقَامُ غَيْرُهُ مَقَامَهُ، بَلْ يُحْفَظُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ فِسْقَهُ لَا يَمْنَعُ اسْتِيفَاءَ الْمَنَافِعِ الْمَقْصُودَةِ مِنْهُ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ فَسَقَ بِغَيْرِ الْخِيَانَةِ

وَلَنَا أَنَّهُ تَعَذَّرَ اسْتِيفَاءُ الْمَنَافِعِ الْمَقْصُودَةِ مِنْهُ، فَاسْتُوْفِيَتْ بِغَيْرِهِ، كَمَا لَوْ هَرَبَ. وَلَا نُسَلِّمُ إمْكَانَ اسْتِيفَاءِ الْمَنَافِعِ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ مِنْهُ تَرْكُهَا، وَلَا يُوثَقُ مِنْهُ بِفِعْلِهَا، وَلَا نَقُولُ إنَّ لَهُ فَسْخَ الْمُسَاقَاةِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُمْكِنْ حِفْظُهَا مِنْ خِيَانَتِك، أَقِمْ غَيْرَك يَعْمَلْ ذَلِكَ، وَارْفَعْ يَدَك عَنْهَا؛ لِأَنَّ الْأَمَانَةَ قَدْ تَعَذَّرَتْ فِي حَقِّك، فَلَا يَلْزَمُ رَبَّ الْمَالِ ائْتِمَانُك. وَفَارَقَ فَسْخَهُ بِغَيْرِ الْخِيَانَةِ؛ فَإِنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ، وَهَا هُنَا يَفُوتُ مَالُهُ.

[فَصْلٌ عَجَزَ عَامِل الْمُسَاقَاة عَنْ الْعَمَلِ لِضَعْفِهِ]

(٤١٢٩) فَصْلٌ: فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْعَمَلِ، لِضَعْفِهِ مَعَ أَمَانَتِهِ، ضُمَّ إلَيْهِ غَيْرُهُ، وَلَا يُنْزَعُ مِنْ يَدِهِ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ مُسْتَحَقٌّ عَلَيْهِ، وَلَا ضَرَرَ فِي بَقَاءِ يَدِهِ عَلَيْهِ. وَإِنْ عَجَزَ بِالْكُلِّيَّةِ، أَقَامَ مُقَامَهُ مَنْ يَعْمَلُ، وَالْأُجْرَةُ عَلَيْهِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ تَوْفِيَةَ الْعَمَلِ، وَهَذَا مِنْ تَوْفِيَتِهِ.

[فَصْل اخْتَلَفَا فِي الْجُزْءِ الْمَشْرُوطِ لِعَامِلِ الْمُسَاقَاة]

(٤١٣٠) فَصْلٌ: وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْجُزْءِ الْمَشْرُوطِ لِلْعَامِلِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْمَالِ. ذَكَرَهُ ابْنُ حَامِدٍ. وَقَالَ مَالِكٌ: الْقَوْلُ قَوْلُ الْعَامِلِ، إذَا ادَّعَى مَا يُشْبِهُ؛ لِأَنَّهُ أَقْوَى سَبَبًا، لِتَسَلُّمِهِ لِلْحَائِطِ وَالْعَمَلِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يَتَحَالَفَانِ، وَكَذَلِكَ إنْ اخْتَلَفَا فِيمَا تَنَاوَلَتْهُ الْمُسَاقَاةُ مِنْ الشَّجَرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>