للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَرِيعَةٌ إلَى الْمُزَارَعَةِ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ مَعْلُومٍ مِنْ الْخَارِجِ مِنْهَا، لِأَنَّهُ يَجْعَلُ مَكَانَ قَوْلِهِ زَارَعْتُك، آجَرْتُك، فَتَصِيرُ مُزَارَعَةً بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ، وَالذَّرَائِعُ مُعْتَبَرَةٌ. وَالثَّانِيَة جَوَازُ ذَلِكَ. اخْتَارَهَا أَبُو الْخَطَّابِ. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ؛ لِمَا ذَكَرْنَا فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ، وَلِأَنَّ مَا جَازَتْ إجَارَتُهُ بِغَيْرِ الْمَطْعُومِ، جَازَتْ بِهِ، كَالدُّورِ.

الْقِسْمُ الثَّالِثُ، إجَارَتُهَا بِجُزْءٍ مُشَاعٍ مِمَّا يَخْرُجُ مِنْهَا، كَنِصْفٍ، وَثُلُثٍ، وَرُبْعٍ، فَالْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ جَوَازُهُ. وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ، وَاخْتَارَ أَبُو الْخَطَّابِ أَنَّهَا لَا تَصِحُّ. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ. وَهُوَ الصَّحِيحُ إنْ شَاءَ اللَّهُ؛ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ الْأَحَادِيثِ فِي النَّهْيِ، مِنْ غَيْرِ مُعَارِضٍ لَهَا، وَلِأَنَّهَا إجَارَةٌ بِعِوَضٍ مَجْهُولٍ، فَلَمْ تَصِحَّ كَإِجَارَتِهَا بِثُلُثِ مَا يَخْرُجُ مِنْ أَرْضٍ أُخْرَى، وَلِأَنَّهَا إجَارَةٌ لِعَيْنٍ بِبَعْضِ نَمَائِهَا، فَلَمْ تَجُزْ، كَسَائِرِ الْأَعْيَانِ، وَلِأَنَّهُ لَا نَصَّ فِي جَوَازِهَا

وَلَا يُمْكِنُ قِيَاسُهَا عَلَى الْمَنْصُوصِ، فَإِنَّ النُّصُوصُ إنَّمَا وَرَدَتْ بِالنَّهْيِ عَنْ إجَارَتِهَا بِذَلِكَ، وَلَا نَعْلَمُ فِي تَجْوِيزِهَا نَصًّا، وَالْمَنْصُوصُ عَلَى جَوَازِهِ إجَارَتُهَا بِذَهَبِ، أَوْ فِضَّةٍ، أَوْ شَيْءٍ مَضْمُونٍ مَعْلُومٍ وَلَيْسَتْ هَذِهِ كَذَلِكَ. فَأَمَّا نَصُّ أَحْمَدَ فِي الْجَوَازِ، فَيَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى الْمُزَارَعَةِ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ، فَيَكُونُ حُكْمُهَا حُكْمَ الْمُزَارَعَةِ فِي جَوَازِهَا، وَلُزُومِهَا، وَفِيمَا يَلْزَمُ الْعَامِلَ وَرَبَّ الْأَرْضِ، وَسَائِرِ أَحْكَامِهَا. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>