للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدُهُمَا لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ،

وَالثَّانِي تَنْفَسِخُ؛ لِأَنَّهُ زَالَ اسْمُهَا بِهَدْمِهَا، وَذَهَبَتْ الْمَنْفَعَةُ الَّتِي تُقْصَدُ مِنْهَا، وَلِذَلِكَ لَا يَسْتَأْجِرُ أَحَدٌ عَرْصَةَ دَارٍ لِيَسْكُنَهَا. فَأَمَّا إنْ كَانَ الْحَادِثُ فِي الْعَيْنِ لَا يَضُرُّهَا، كَغَرَقِ الْأَرْضِ بِمَاءٍ يَنْحَسِرُ فِي قُرْبٍ مِنْ الزَّمَانِ لَا يَمْنَعُ الزَّرْعَ وَلَا يَضُرُّهُ، وَانْقِطَاعِ الْمَاءِ عَنْهَا إذَا سَاقَ الْمُؤَجِّرُ إلَيْهَا مَاءً مِنْ مَكَان آخَرَ، أَوْ كَانَ انْقِطَاعُهُ فِي زَمَنٍ لَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ فِيهِ، فَلَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ الْفَسْخُ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِعَيْبٍ. وَإِنْ حَدَثَ الْغَرَقُ الْمُضِرُّ، أَوْ انْقِطَاعُ الْمَاءِ، أَوْ انْهَدَمَ بَعْضُ الْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ فَلِذَلِكَ الْبَعْضِ حُكْمُ نَفْسِهِ فِي الْفَسْخِ أَوْ ثُبُوتِ الْخِيَارِ، وَلِلْمُكْتَرِي الْخِيَارُ فِي تَبْقِيَةِ الْعَيْنِ؛ لِأَنَّ الصَّفْقَةَ تَبَعَّضَتْ عَلَيْهِ

فَإِنْ اخْتَارَ الْإِمْسَاكَ، أَمْسَكَ بِالْحِصَّةِ مِنْ الْأَجْرِ، كَمَا إذَا تَلِفَ أَحَدُ الْقَفِيزَيْنِ مِنْ الطَّعَامِ فِي يَدِ الْبَائِعِ.

[فَصْلٌ أَنْ تُغْصَبَ الْعَيْنُ الْمُسْتَأْجَرَةُ]

(٤١٨٠) فَصْلٌ: الْقِسْمُ الثَّالِثُ أَنْ تُغْصَبَ الْعَيْنُ الْمُسْتَأْجَرَةُ، فَلِلْمُسْتَأْجِرِ الْفَسْخُ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَأْخِيرَ حَقِّهِ، فَإِنْ فَسَخَ، فَالْحُكْمُ فِيهِ كَمَا لَوْ انْفَسَخَ الْعَقْدُ بِتَلَفِ الْعَيْنِ سَوَاءً، وَإِنْ لَمْ يَفْسَخْ حَتَّى انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ، فَلَهُ الْخِيَارُ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالرُّجُوعِ بِالْمُسَمَّى، وَبَيْنَ الْبَقَاءِ عَلَى الْعَقْدِ وَمُطَالَبَةِ الْغَاصِبِ بِأَجْرِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ لَمْ يَفُتْ مُطْلَقًا، بَلْ إلَى بَدَلٍ، وَهُوَ الْقِيمَةُ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَتْلَفَ الثَّمَرَةَ الْمَبِيعَةَ آدَمِيٌّ قَبْلَ قَطْعِهَا، وَيَتَخَرَّجُ انْفِسَاخُ الْعَقْدِ بِكُلِّ حَالٍ، عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي تَقُولُ: إنَّ مَنَافِعَ الْغَصْبِ لَا تُضْمَنُ. وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ

وَلِأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ فِي ذَلِكَ اخْتِلَافٌ. وَإِنْ رُدَّتْ الْعَيْنُ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ، وَلَمْ يَكُنْ فَسْخٌ اسْتَوْفَى مَا بَقِيَ مِنْهَا، وَيَكُونُ فِيمَا مَضَى مِنْ الْمُدَّةِ مُخَيَّرًا، كَمَا ذَكَرْنَا. وَإِنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى عَمَلٍ كَخِيَاطَةِ ثَوْبٍ، أَوْ حَمْلِ شَيْءٍ إلَى مَوْضِعٍ مُعَيَّنٍ، فَغُصِبَ جَمَلُهُ الَّذِي يَحْمِلُ عَلَيْهِ، وَعَبْدُهُ الَّذِي يَخِيطُ لَهُ، لَمْ يَنْفَسِخْ الْعَقْدُ، وَلِلْمُسْتَأْجِرِ مُطَالَبَةُ الْأَجِيرِ بِعِوَضِ الْمَغْصُوبِ، وَإِقَامَةِ مِنْ يَعْمَلُ الْعَمَلَ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ عَلَى مَا فِي الذِّمَّةِ، كَمَا لَوْ وَجَدَ بِالْمُسْلَمِ فِيهِ عَيْبًا، فَرَدَّهُ، فَإِنْ تَعَذَّرَ الْبَدَلُ، ثَبَتَ لِلْمُسْتَأْجِرِ الْخِيَارُ بَيْنَ الْفَسْخِ أَوْ الصَّبْرِ إلَى أَنْ يَقْدِرَ عَلَى الْعَيْنِ الْمَغْصُوبَةِ، فَيَسْتَوْفِيَ مِنْهَا

(٤١٨١) فَصْلٌ: الْقِسْمُ الرَّابِعُ، أَنْ يَتَعَذَّرَ اسْتِيفَاءُ الْمَنْفَعَةِ مِنْ الْعَيْنِ بِفِعْلٍ صَدَرَ مِنْهَا، مِثْلِ أَنْ يَأْبَقَ الْعَبْدُ، أَوْ تَشْرُدَ الدَّابَّةُ، وَقَدْ ذَكَرْنَا حُكْمَ ذَلِكَ فِيمَا قَبْلَ هَذَا.

[فَصْلٌ أَنْ يَحْدُثَ خَوْفٌ عَامٌ يَمْنَعُ مِنْ سُكْنَى ذَلِكَ الْمَكَانِ الَّذِي فِيهِ الْعَيْنُ الْمُسْتَأْجَرَةُ]

(٤١٨٢) فَصْلٌ: الْقِسْمُ الْخَامِسُ أَنْ يَحْدُثَ خَوْفٌ عَامٌّ، يَمْنَعُ مِنْ سُكْنَى ذَلِكَ الْمَكَانِ الَّذِي فِيهِ الْعَيْنُ الْمُسْتَأْجَرَةُ،

<<  <  ج: ص:  >  >>