للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَوْ كَانَ شَرْطًا لَمَا صَحَّ الْعَقْدُ بِدُونِهِ فِي الطَّرِيقِ الْمَخُوفِ، وَلِأَنَّهُ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِتَقْدِيرِ السَّيْرِ فِي طَرِيقٍ، وَمَتَى اخْتَلَفَا، رُجِعَ إلَى الْعُرْفِ فِي غَيْرِ تِلْكَ الطَّرِيقِ.

[فَصْلٌ اشْتَرَطَ فِي كِرَاءٍ الْإِبِل حَمْلَ زَادٍ مُقَدَّرٍ كَمِائَةِ رِطْلٍ]

(٤٢٦٣) فَصْلٌ: وَإِنْ اشْتَرَطَ حَمْلَ زَادٍ مُقَدَّرٍ، كَمِائَةِ رِطْلٍ، نَظَرْنَا؛ فَإِنْ شَرَطَ أَنَّهُ يُبْدِلُ مِنْهَا مَا نَقَصَ بِالْأَكْلِ أَوْ غَيْرِهِ، فَلَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ شَرَطَ أَنَّ مَا نَقَصَ بِالْأَكْلِ لَا يُبْدِلُهُ، لَمْ يَكُنْ لَهُ إبْدَالُهُ. فَإِنْ ذَهَبَ بِغَيْرِ الْأَكْلِ، كَسَرِقَةٍ أَوْ سُقُوطٍ، فَلَهُ إبْدَالُهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَدْخُلْ فِي شَرْطِهِ. وَإِنْ أَطْلَقَ الْعَقْدَ، فَلَهُ إبْدَالُ مَا ذَهَبَ بِسَرِقَةِ أَوْ سُقُوطٍ أَوْ أَكْلٍ غَيْرِ مُعْتَادٍ، بِغَيْرِ خِلَافٍ. وَإِنْ نَقَصَ بِالْأَكْلِ الْمُعْتَادِ، فَلَهُ إبْدَالُهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ حَمْلَ مِقْدَارٍ مَعْلُومٍ، فَمَلَكَ إبْدَالَ مَا نَقَصَ مِنْهُ، كَمَا لَوْ نَقَصَ بِسَرِقَةٍ

وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ إبْدَالَهُ؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ جَارٍ بِأَنَّ الزَّادَ يَنْقُصُ، فَلَا يُبْدَلُ، فَحُمِلَ الْعَقْدُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ عَلَى الْعُرْفِ، وَصَارَ كَالْمُصَرَّحِ بِهِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: الْقِيَاسُ أَنَّ لَهُ إبْدَالَهُ. وَلَوْ قِيلَ: لَيْسَ لَهُ إبْدَالُهُ. كَانَ مَذْهَبًا؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ أَنَّ الزَّادَ لَا يَبْقَى جَمِيعَ الْمَسَافَةِ، وَلِذَلِكَ يَقِلُّ أَجْرُهُ عَنْ أَجْرِ الْمَتَاعِ.

[فَصْلٌ اكْتَرَى جَمَلًا لِيَحُجّ عَلَيْهِ]

(٤٢٦٤) فَصْلٌ: وَإِذَا اكْتَرَى جَمَلًا لِيَحُجَّ عَلَيْهِ، فَلَهُ الرُّكُوبُ عَلَيْهِ إلَى مَكَّةَ، وَمِنْ مَكَّةَ إلَى عَرَفَةَ، وَالْخُرُوجُ عَلَيْهِ إلَى مِنَى؛ لِأَنَّهُ مِنْ تَمَامِ الْحَجِّ. وَقِيلَ: لَيْسَ لَهُ الرُّكُوبُ إلَى مِنَى؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ التَّحَلُّلِ مِنْ الْحَجِّ. وَالْأَوْلَى أَنَّ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ تَمَامِ الْحَجِّ وَتَوَابِعِهِ، وَلِذَلِكَ وَجَبَ عَلَى مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ دُونَ غَيْرِهِ، فَدَخَلَ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} [آل عمران: ٩٧]

وَمَنْ اكْتَرَى إلَى مَكَّةَ فَقَطْ، فَلَيْسَ لَهُ الرُّكُوبُ إلَى الْحَجِّ؛ لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ. وَيُحْتَمَلُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْكِرَاءَ إلَى مَكَّةَ عِبَارَةٌ عَنْ الْكِرَاءِ لِلْحَجِّ، لِكَوْنِهَا لَا يُكْتَرَى إلَيْهَا إلَّا لِلْحَجِّ غَالِبًا، فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ الْمُكْتَرِي لِلْحَجِّ.

[فَصْلٌ مَا يَلْزَمُ الْمُكْرِي وَالْمُكْتَرِي لِلرُّكُوبِ]

(٤٢٦٥) فَصْلٌ: فِيمَا يَلْزَمُ الْمُكْرِيَ وَالْمُكْتَرِيَ لِلرُّكُوبِ، يَلْزَمُ الْمُكْرِيَ كُلُّ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ أَنْ يُوطَأَ بِهِ الْمَرْكُوبُ لِلرَّاكِبِ، مِنْ الْحِدَاجَةِ لِلْجَمَلِ، وَالْقَتَبِ، وَالزِّمَامِ الَّذِي يُقَادُ بِهِ الْبَعِيرُ، وَالْبَرَّةِ الَّتِي فِي أَنْفِ الْبَعِيرِ، إنْ كَانَتْ الْعَادَةُ جَارِيَةً بَيْنَهُمْ بِهَا. وَإِنْ كَانَ فَرَسًا، فَاللِّجَامُ وَالسَّرْجُ. وَإِنْ كَانَ بَغْلًا أَوْ حِمَارًا فَالْبَرْذَعَةُ وَالْإِكَافُ؛ لِأَنَّ هَذَا هُوَ الْعُرْفُ، فَحُمِلَ الْإِطْلَاقُ عَلَيْهِ. وَعَلَى الْمُكْتَرِي مَا يَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ، كَالْمَحْمِلِ، وَالْمَحَارَةِ، وَالْحَبْلِ الَّذِي يُشَدُّ بِهِ بَيْنَ الْمَحْمِلَيْنِ أَوْ الْمَحَارَتَيْنِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ مَصْلَحَةِ الْمَحْمِلِ، وَالْوِطَاءِ الَّذِي يُشَدُّ فَوْقَ الْحِدَاجَةِ تَحْتَ الْمَحْمِلِ

وَعَلَى الْمُكْرِي رَفْعُ الْمَحْمِلِ، وَحَطُّهُ، وَشَدُّهُ عَلَى الْجَمَلِ، وَرَفْعُ الْأَحْمَالِ وَشَدُّهَا وَحَطُّهَا؛ لِأَنَّ هَذَا هُوَ الْعُرْفُ، وَبِهِ يَتَمَكَّنُ مِنْ الرُّكُوبِ. وَيَلْزَمُهُ الْقَائِدُ وَالسَّائِقُ،

<<  <  ج: ص:  >  >>